ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الحادي عشر: باب فروض الوضوء وصفته

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 15 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2859 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

( فروض الوضوء وصفته)

الفروض جمع فرض، والفرض في اللغة يدل على معان أصلها الحز والقطع، فالحز قطع بدون إبانة والقطع حز مع إبانة.

وفي الشرع عند أكثر العلماء مرادف للواجب أي بمعناه وهو ما أمر به على سبيل الإلزام أي بالفعل، وحكمه أن فاعله مثاب وتاركه مستحق للعقاب، والمراد بفروض الوضوء هنا أركان الوضوء، وبهذا نعرف أن العلماء رحمهم الله قد ينوعون العبادات ويجعلون الفروض أركاناً والأركان فروضاً

والوضوء في اللغة مشتق من الوضاءة وهي النظافة والحسن وشرعاً التعبد لله عز وجل بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة، والصفة هي الكيفية التي يكون عليها.

وللوضوء صفتان صفة واجبة وصفة مستحبة ودليل مشروعيته من الكتاب قول الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ } [المائدة 6]، ومن السنة روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ " [صحيح البخاري]

والدليل الثالث الإجماع: انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا فصار معلوماً من الدين بالضرورة

وأما عن فضله فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ. " [صحيح مسلم]

(شروط الوضوء)

الإسلام والعقل والتمييز والنية، فلا يصح الوضوء من كافر ولا من مجنون ولا من صغير لا يميز ولا من من لم ينو الوضوء مثل من نوى تبرداً أو غسل أعضائه؛ ليزيل عنها نجاسة أو وسخاً.

ويشترط للوضوء أيضاً أن يكون الماء طهوراً فإن كان نجساً لم يجزئه، وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار .

ويشترط للوضوء أيضاً إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل

( حكم الوضوء )

نقول:حكم ترك الوضوء والغسل من الجنابة واستقبال القبلة وستر العورة حكم تارك الصلاة

(هل الوضوء من خصائص هذه الأمة ؟)

الذي اختصت به هذه الأمة هو الغُرَّةُ والتحجيل، لا أصلُ الوضوء، وقد صرح بذلك في رواية لمسلم عن أبي هريرة "إنَّ حَوْضِي لأَبْعَدُ مِن أيْلَةَ مِن عَدَنٍ والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنِّي لأَذُودُ عنْه الرِّجالَ كما يَذُودُ الرَّجُلُ الإبِلَ الغَرِيبَةَ عن حَوْضِهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وتَعْرِفُنا؟ قالَ: نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثارِ الوُضُوءِ ليسَتْ لأَحَدٍ غيرِكُمْ. "

(وفروض الوضوء ستة)

أولاً: غسل الوجه والفم والأنف منه

والغسل يخرج المسح فلا بد من الغسل فلو بللت يدك بالماء ثم مسحت بها وجهك لم يكن ذلك غسلاً

والغسل أن يجري الماء على العضو والوجه هو ما تحصل به المواجهة وحده طولاً من منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية وعرضاً من الأذن إلى الأذن وقولنا من منحنى اللحية هو بمعنى قول بعضهم من منابت شعر الرأس المعتاد لأنه يصل إلى حد الجبهة وهو المنحنى وهذا هو الذي تحصل به المواجهة قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } [المائدة 6]، والفم والأنف منه لوجودهما فيه وداخلان في حده وعلى هذا فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوضوء لكنهما غير مستقلين فهما يشبهان قوله صلى الله عليه وسلم " أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ ...". [صحيح البخاري]

ثانياً: غسل اليدين إلى المرفقين

والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والذراع وسمي بذلك من الإرتفاق لأن الإنسان يرتفق عليه أي يتكئ والدليل على دخول المرفقين قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة 6]، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بفعله حيث كان يغسل حتى يشرع في العضد.

ثالثاً: مسح الرأس ومنه الأذنان

الفرق بين المسح والغسل: أن المسح لا يحتاج إلى جريان بل يكفي أن يغمس يده في الماء ثم يمسح بها رأسه مبلولة بالماء وإنما أوجب الله في الرأس المسح دون الغسل لأن الغسل يشق على الإنسان ولا سيما إذا كثر الشعر وكان في أيام الشتاء إذ لو غسل لنزل الماء على الجسم ولأن الشعر يبقى مبتلاً مدة طويلة وهذا يلحق الناس به العسر والمشقة والله إنما يريد بعباده اليسر.

ومسح الرأس أفضل من الغسل وإذا غسله فلا بد من إمرار اليد عليه ولو مسح بناصيته فقط دون بقية الرأس فإنه لا يجزئه لقوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة 6] ولم يقل ببعض رؤوسكم ، وما ورد عن المغيرة بن شعبة مسح على ناصيته والعمامة والخفين فإجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح على العمامة فلا يدل على جواز المسح على الناصية فقط فمسح الرأس كله فرض بالإجماع في الجملة وهو ظاهر الكتاب والسنة وقول جمهور السلف وعفي عن يسيره للمشقة والذين نقلوا وضوءه صلى الله عليه وسلم لم يقل أحد منهم إنه اقتصر على مسح بعضه والباء في قوله {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة 6] للإلصاق أي إلصاق الفعل بالمفعول فكانه قال ألصقوا المسح برؤوسكم يعني المسح بالماء بخلاف لو قال امسحوا رؤوسكم فإنه لا يدل على الإلصاق، والأذنان من الرأس والدليل مواظبته صلى الله عليه وسلم على مسح الأذنين.

رابعاً: غسل الرجلين إلى الكعبين

والكعبان هما العظمان الناتئان اللذان بأسفل الساق من جنب القدم وهذا هو الحق الذي عليه أهل السنة

خامساً: الترتيب والدليل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ } [المائدة 6]، فالله ذكرها مرتبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به " [صحيح مسلم] والدليل من السنة أن جميع الواصفين لوضوئه ما ذكروا إلا أنه كان يرتبها على حسب ما ذكر الله.

سادساً: الموالاة وهي أن يكون الشيء موالياً للشيء أي عقبه بدون تأخير إلا أن يكون التأخير لمصلحة الوضوء.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبالله التوفيق

1434/8/14 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر