فضل شهر شعبان

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 10 شعبان 1436هـ | عدد الزيارات: 1953 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.المائدة:35.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.الانفال:29.

عباد الله: كان رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- يخصُّ شعبان بنوع من العبادة، لا يخصُّ به كثيراً من أشهر العام، فقد كان يُكثر فيه من الصيام إلى حدٍّ قالت معه أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهراً أكثرَ من شعبان، كان يصومُ شعبان كلَّه. متفق عليه

وفي رواية أخرى -وسندها صحيح إلى عائشة قالت: كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.رواه النسائي وصححه الألباني.

وقد فسَّر العلماءُ -رحمهم الله- قول عائشة -رضي الله عنها- بأن المعتمد عند الأئمة كابن المبارك وغيره أن قولها: يصوم شعبان كلَّه، أي: أغلبه، وجاء اللفظ من باب التكثير، بمعنى أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصومُ أكثر أيام شعبان

إخوة الإسلام: لعلَّ من أقوى الحكم المُعللة لكثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشهر، ما رواه أسامةُ بن زيد -رضي الله عنه- حين قال: يا رسول الله! لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذاك شهرٌ يغفلُ الناسُ عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يرفع عملي وأنا صائم" أخرجه النسائي وحسنه الألباني .

وفي هذا الحديث يعلل كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم- في شعبان بأمرين:

أولاً: غفلة الناس في هذا الشهر عن العبادة والطاعة بين رجب ورمضان

ثانياً: أن الأعمال ترفع في شهر شعبان لرب العالمين، فيحب -صلى الله عليه وسلم- أن ترفع وهو صائم.

فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.الكهف:110.

اللهم بارك لنا في شعبان، وبلّغنا رمضان، وأرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، يا سميع الدعاء

اللهم انفعنا بهدي القرآن والسنة، واكفنا شرَّ المحدثات المبتدعة في الدين، وسلِّمْنا من الفتن.

وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ربِّ العالمين، أكمل الدين وأتمَّ النعمة على المسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، أمرنا بالعبادة الخالصة له: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ

وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين

عباد الله: تذكروا دائماً فيما تعملون أو تذرون قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: " إنه مَن يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنةِ الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسَّكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثاتِ الأمور! فإن كلَّ بدعة ضلالة " أخرجه أبو داود وصححه الألباني.

قال ابن تيمية رحمه الله: وهذه قاعدة قد دلت عليها السنةُ والإجماع، مع ما في كتاب الله من الدلالة عليه أيضاً، قال تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ " الشورى:21.

ثم قال يرحمه الله: فمن ندب إلى شيء يتقربُ به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً لله، شرع من الدين ما لم يأذن به الله

قال -عليه الصلاة والسلام-: " لا يتقدَّمنَّ أحدُكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلاً كان يصوم صوماً فليصمْهُ " أخرجه البخاري ومسلم

وبقي أن نذكر بضرورة التعجيل بالقضاء لمن عليه شيء من رمضان السابق، وذلك قبل حلول شهر رمضان القادم، فلا تتهاونوا -عباد الله- فيما أوجب الله عليكم، ودَيْن الله أحقُّ بالقضاء

هذا وصلوا على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم كما أمركم الله بذلك في قوله " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً "الأحزاب:56. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعزنا بالإسلام فإنه لا عز لنا إلا به اللهم دمر أعدائك أعداء الدين اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين .اللهم وفق وليَّ أمرنا ووليَّ عهده لما تحبُّ وترضى ، وهيّئ لهما البطانة الصالحة الناصحة، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.البقرة:201.

وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1436-8-10 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة