التحذير من الإسراف في الطيبات

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 13 ربيع الأول 1445هـ | عدد الزيارات: 397 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70 ، 71].
عباد الله إن فضائل الله تعالى علينا لا تعد ولا تحصى، ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ[النحل18]، وشُكرُ النعمةِ يزيدُها ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ ﴾ ، وجحد النعمة يعقبه الخسران المبين، ﴿وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم 7]

عباد الله إن الله أنعم علينا بالطيبات، وأمرنا أن نأكل منها وأن نشكره ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[البقرة: 172]. وأعظمُ نعمِ الطيباتِ ما تحيا به الأجسام، ولا تستغني عنه الديار والأوطان، ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ[الأنبياء: 30]. فلو غاض هذا الماء في القاع هل لكم سوى الله يُجْريه كما شاء ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك: 30]. لا يحس بنعمة الماء إلا من فَقَده، ولا يُسرفُ فيه إلا من غَمَره.

تُضرب أكبادُ الإبل من أجله، وتتقطع الرقاب لتحصيله، لذلك فمنهج المسلم دائما في حياته شكر نعمة الطيبات، وعدم الإسراف فيها، ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31].

فالإسراف من تزيين الشيطان للمعصية وتهوينها، ومن تزيين النفس الأمَّارة بالسوء، ومن تزيين رفقاء الشر، يزينون المعصية حتى يقع فيها المسرف، ثم تَنْفَلِتُ نفسه وتهوي به في دَرَكَاتِ الشقاء والذنب والكَدَر والتعاسة؛ ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[يونس: 12].
نفعنا الله بالآيات البينات، والسنن الواضحات، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروه إن ربي رحيم ودود.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله حتى يبلغ الحمد منتهاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، أما بعد:

عباد الله ؛ إذا أحسن المؤمن معاملة الطيبات ، واتبع هدي الله فيها ونهى نفسه عن الإسراف عمَّ الرخاءُ وزاد الخيرُ والنماءُ.. وإذا لم يقبل الناسُ هدى الله ولم يذعنوا لأمره ونهيه، زالت النعم وجفت الموارد، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[الرعد: 11]. وإن مما يدعو إلى التحذير ما أظهرته دراسة المسح الميداني للفقد والهدر الغذائي بالمملكة فقد أظهرت أن نسبة الفقد والهدر بلغت(33,1%) وبتكلفة سنوية تقدر بنحو (40) مليار ريال، مما يحتم على المجتمع المحافظةُ على هذه النعمة بحسن استغلالها وترشيد استهلاكها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :"طعام الاثنين كافي الثلاثة ، وطعام الثلاثة كافي الأربعة " متفق عليه"

اللهم أدم علينا نعمك واحفظ علينا ديننا وعقيدتنا وبلادنا، اللهم آمنا في دورنا ووفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى، وأصلح ولاة أمور المسلمين، اللهُمَّ ﴿اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ[الحشر10] .وصل اللهُمَّ على نبينا محمد.

١٢ ربيع الأول ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية