الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 5 ذو القعدة 1445هـ | عدد الزيارات: 105 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:

معنى قوله تعالى " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ "[الضحى:11] أن الله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحدث بنعم الله فيشكر الله قولا وعملا فالتحدث بالنعم كأن يقول المسلم : إننا بخير والحمد لله ، وعندنا خير كثير نشكر الله على ذلك ، ولا يقول نحن ضعفاء وليس عندنا شيء بل يشكر الله ويتحدث بنعمه ويقر بالخير الذي أعطاه الله إياه .

والله سبحانه وتعالى يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثرها عليه في ملابسه وأكله وشربه فلا يكون في مظهر الفقراء والله قد أعطاه المال ووسع عليه مع مراعاة عدم الغلو والابتعاد عن الإسراف والتبذير .

والبذخ والإسراف في العزاء وتكلف أهل الميت بإقامة الولائم للمعزين وإقامة ما يسمى باليوم الثالث والثامن والأربعين كل هذا لا أصل له بل هو بدعة ومنكر ومن أمور الجاهلية ولا يجوز كل ذلك والواجب على من مات له ميت أن يصبر ويحمد الله ويسترجع ، قال جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه : " كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنعةَ الطعامِ بعد الدفن من النياحة " رواه الإمام أحمد بإسناد حسن.

ولكن يشرع لأقارب أهل المتوفى وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعاما لأنهم مشغولون بالمصيبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا وصله نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قُتل في مؤتة بالأردن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته أن يصنعوا طعاما لأهل جعفر وقال " إنه قد أتاهم ما يشغلهم " (قلت جاء الحديث في صحيح الترمذي للألباني) أما أهل الميت فلا يصنعوا طعاما لا في اليوم الأول ولا الثاني ولا الثالث ولا غيرِه، إلا أن يصنعوا لأنفسهم فهذا لا بأس به .

حفلات الزواج التي تقام في الفنادق فيها أخطاء وفيها مؤاخذات متعددة منها الإسراف والزيادة التي لا حاجة إليها.

ومنها أنه قد يؤدي إقامتها إلى اتخاذ الولائم والإسراف في ذلك وحضور من لا حاجة له .

ومنها اختلاط الرجال بالنساء من عمال الفندق وغيرهم فيكون في هذا اختلاط مشين ومنكر وهكذا قصور الأفراح التي تستأجر بنقود كثيرة ينبغي تركها وعدم التكلف في ذلك رفقا بالناس وحرصا على الاقتصاد وعدم التبذير وحتى يتمكن المتوسطون في الدخل من الزواج دون أن يتكلف ويستدين بسبب النفقات الباهظة .

الأمور المطلوبة من المرأة في يوم الزفاف حتى لا تقع في محرم أن تطيل ثوبها شبرا ولا تزيد على ذراع والتستر وعدم إظهار القدمين وأما الزيادة على ذراع فمنكر للعروس وغيرها لأنه إضاعة للأموال بغير حق في الملابس ذات الأثمان الغالية .

فينبغي التوسط في الملابس ولا حاجة لترصيعها بأشياء تهدر الأموال الكثيرة التي تنفع الأمة في دينها ودنياها .

وأما المطربات فلا يجوز إحضارهن بالأموال الغالية أما المغنية التي تغني غناءً معتادا بسيطا في وقت من الليل لإظهار الفرح والسرور واستعمال الدف مع ذلك الغناء فأمر جائز بل مستحب إذا كان لا يفضي إلى شر لكن بين النساء خاصة كالعادة المتبعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة رضي الله عنهم .

والإسراف في ولائم العرس وغيرِها لا يجوز وينبغي على صاحب الوليمة أن يتحرى المطلوب الذي لابد منه أما الأشياء التي لا حاجة لها فينبغي أن يتركها والباقي من الطعام يسلمه للجهات التي تقبله مثلِ الجمعيات الخيرية أو بعضِ الفقراءِ أو العمالِ ولا يكون مصير الطعام المتبقي أكياس النفايات أو القمامات وكلما حصل اقتصاد وعدم تكلف قلَّت الأطعمة الباقية.

حديث " نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع " يروى عن بعض الوفود أنهم قالوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي سنده ضعف وإن كان معناه صحيح فهذا ينفع الإنسان إذا كان يأكل على جوع أو حاجة وإذا أكل لا يسرف في الأكل ولا يشبع الشبع الزائد أما الشبع الذي لا يضر فلا بأس به .

إذا كان الإناء مطليا بالذهب وليس ذهبا خالصا فقد نص العلماء على تحريم الأكل فيه وأن هذا ينطبق عليه النهي في قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " متفق على صحته .

وقد قال صلى الله عليه وسلم " الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " رواه مسلم

فالنهي يشمل ما كان من الذهب والفضة خالصا أو مطليا بشيء منهما .

نسأل الله للجميع التوفيق والإعانة والهداية وصلاح العمل كما نسأله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه خير الإسلام إنه سميع قريب .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

٤ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 168 الجزء الرابع المثل الأعلى - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 167 الجزء الرابع  حكم من قُتِل في سبيل مكافحة المخدرات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 166 الجزء الرابع  العلاج الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 165 الجزء الرابع  السكن مع العوائل في الخارج - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 164 الجزء الرابع تفسير آيات كريمات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 163 الجزء الرابع   الإحسان للبنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر