فضل شهر شعبان 2

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 1 شعبان 1437هـ | عدد الزيارات: 2041 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.آل عمران:102.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا.النساء:1.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.الأحزاب:70-71.

أما بعد، عباد الله اتقوا الله تعالى وراقبوه، فما استعد العبد لملاقاة ربه بمثل التقوى والمراقبة، فاتقوا الله عباد الله في أقوالكم وأفعالكم، وفي جميع ما تأتون، واستحضروا مراقبة الله -عز وجل- لكم، واطلاعه سبحانه عليكم، ولتكن التقوى والمراقبة سبيلكم لإصلاح النفوس، وتزكية القلوب، وتدارك الخلل والتقصير.

أيها الناس إن من أجَلِّ القربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه -سبحانه وتعالى- التقرُّب إليه بالصيام، وقد كان -صلى الله عليه وآله وسلم- يكثر من الصيام في شهر شعبان

ففي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت " ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان " .

وقد قرر الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أن أفضل التطوع بالصيام ما كان قريباً من رمضان قبله وبعده، في شعبان وشوال

وقد ورد في الحديث ما يدل على حكمة تفضيل شهر شعبان؛ لأنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان فعن أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم " لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه الإِمام أحمد والنسائي وحسنه الألباني.

أيها الأحبة من صام معظم شهر شعبان فقد أصاب السنة ونال ثواباً عظيماً

وإن مما شاع عند بعض الناس تخصيصهم ليلة النصف من شعبان بالقيام، وتخصيص اليوم الخامس عشر من شعبان للصيام، والذي عليه جمهور السلف وعامتهم، أن ذلك مما لا أصل له، بل هو معدود من جملة البدع المنكرة، فلا يجوز الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة وغيرها، كما لا يجوز تخصيص يومها، أي اليوم الخامس عشر بالصيام، فكل ذلك بدعة منكرة لا أصل له في الشرع المطهر، بل هو مما أحدث في الإسلام بعد عصر الصحابة -رضوان الله عليهم-، والله -عز وجل- يقول (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) المائدة 3، ويقول -صلى الله عليه وآله وسلم- "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"رواه مسلم.

ولهذا حكم جماعة من المحققين على أن ما ورد من أحاديثَ في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان بأنها جميعاً أحاديث مكذوبة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، لا تجوز نسبتها إليه، ولا يجوز العمل بها

هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة

عباد الله اتقوا الله تعالى وأطيعوه، والتزموا أوامره سبحانه ولا تعصوه، واعلموا -رحمكم الله- أن خير الزاد التقوى

ومن كان عليه قضاء من رمضان فليبادر بقضائه إن كان قادرا على ذلك، فإنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان بغير عذر شرعي .

فهيئوا أنفسكم -رحمكم الله- باستقبال شهر رمضان، هيئوها بالتوبة النصوح، والأعمال الصالحة، من صلاة، وقراءة قرآن، وذكر، وصدقة

هذا وصَلُّوا وسلِّموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب:56، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بهَا عَشْرًا" رواه مسلم

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنَّة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينا وحافظًا ومؤيدا، اللهم انصر بمنِّك وكرمك جنودنا المرابطين في اليمن، واحفظ إخواننا أهل السنة في العراق وإيران وسوريا

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " البقرة 201 .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1437-8-1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 1 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي