ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الرابع والثلاثون: مسائل في ستر العورة 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 29 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 4101 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى وبعد؛

مقدار عورة المرأة في الصلاة

الإمام مالك والشافعي وإحدى الروايتين لأحمد: كلها عورة في الصلاة عدا وجهها وكفيها.

يقول ابن باز: الواجب على المرأة الحرة المكلفة ستر جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه والكفين؛ لأنها عورة كلها فإن صلت وقد بدأ شيء من عورتها كالساق والقدم والرأس أو بعضه لم تصح صلاتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يقبلُ اللَّهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ " [صحيح أبي داود للألباني]، والمراد بالحائض البالغة.

عورة الرجل في الصلاة:

ذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين لأحمد وأبو حنيفة أن حد العورة ما بين السرة إلى الركبة، وقال أحمد إن كان يسيراً لم تبطل وهو الصحيح، واليسير ما يعد في الغالب يسيراً، وأوجب أحمد ستر المنكبين في الفرض وعنه في النفل روايتان . [ينظر بداية المجتهد لابن رشد] ، وذكر ابن قدامه في كتابه[المغني] إنِ انْكشف من العورة يسيرٌ لم تبطل صلاته نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة، وقال ابن المنذر يجب أن يضع المصلي على عاتقه شيئاً من اللباس إن كان قادراً على ذلك، ويقول ابن قدامه ولا يجب ستر المنكبين جميعها بل يجزئ ستر بعضها وكذلك ابن تيمية، ويقول مفتي المملكة عن ستر العاتقين: إن كان عاجزاً فلا شيء عليه لقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن 16]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما "فإنْ كانَ واسِعًا فَالْتَحِفْ به، وإنْ كانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بهِ. " [صحيح البخاري ]، أما مع القدرة على ستر العاتقين أو أحدهما فالواجب عليه سترها أو أحدهما في أصح قولي العلماء فإن ترك ذلك لم تصح صلاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" متفق على صحته.

الحكم إذا انكشف بعض عورة الرجل

الجواب

إذا كان عمداً بطلت صلاته قليلاً كان أو كثيراً طال الزمن أو قصر، و إذا كان غير عمد وكان يسيراً فالصلاة لا تبطل نص على ذلك أحمد وأبو حنيفة، أما إذا كان غير عمد وكان فاحشاً لكن الزمن قليل لا تبطل، وإذا كان غير عمد وكان فاحشاً لكن الزمان كثير تبطل.، مثاله: إنسان صلى في سروال وبعد صلاته وجد أن هناك فتحة كبيرة تحاذي السؤة ولكن لم يعلم بها إلا بعد أن سلم فصلاته غير صحيحة ويعيد.

حكم مَن صلى في ثوب نجس

إن كان الثوب متنجسًا بنجاسة يُعفى عنها فلا حرج عليه أن يصلي فيه، مثل الدم اليسير فإن الدم اليسير النجس يعفى عنه إلا إذا كان خارجاً من السبيل، وإن صلى في ثوب يعلم النجاسة فلا تصح صلاته؛ لأنه خالف أمر الله ورسوله، فوجب عليه إعادة الصلاة، وإذا كان جاهلاً أو ناسياً أو عادماً فلا إعادة عليه، قال تعالى:{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة 186] ، والرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبره جبريل بأن في نعليه أذى خلعهما واستمر في صلاته ولو كان الثوب النجس المجهول نجاسته تبطل به الصلاة لأعادها من أولها، ودليل آخر ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ أكل أوْ شرِبَ ناسِيًا فلا يُفطِرُ ، فإنَّما هو رِزقٌ رزَقهُ اللهُ"[صحيح الجامع للألباني ]، والأكل والشرب في الصيام فعل محذور والصلاة في ثوب نجس فعل محذور أيضاً، فلما سقط حكمه بالنسيان في باب الصيام نقيس عليه حكمه بالنسيان في باب الصلاة

ما الحكم إذا لم يكن عنده إلا ثوب واحد وهو نجس؟

يصلي به ولا إعادة؛ لأن الستر واجب وحمله للنجاسة حينئذ للضرورة لأنه ليس عنده ما يزيل به هذه النجاسة وليس عنده ما يكون بدلاً عن هذا الثوب فيكون مضطراً إلى لبسه وإلى ملامسة النجاسة وقد قال تعالى :{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج 78]، وسقط عنه حكم الإعادة؛ لأن الله تعالى لا يوجب على عباده عبادةً مرتين أبداً.

ومن حبس في محل نجس ولم يتمكن من الخروج إلى محل طاهر فإنه يصلي فيه ولا إعادة لأنه مكره على المكث في هذا المكان والإكراه حكمه مرفوع عن هذه، والفرق بينه وبين من صلى في ثوب نجس أن من صلى في ثوب نجس ليس مكرهاً على الصلاة فيه، ولذلك لو أكره على الصلاة في ثوب نجس فإنه يصلي فيه ولا إعادة .

كيف يصلي من حبس في مكان نجس ؟

إن كانت النجاسة يابسة صلى كالعادة، وإن كانت رطبة صلى قاعداً على قدميه بالإيماء وإلا واقفا إن لم يتمكن من القعود أي إذا خشي على ساقيه من التلوث صلى قائماً فيومئ بالركوع والسجود ما أمكنه ذلك، ومن وجد كفاية عورته سترها وإلا فالفرجين فإن لم يكفها فالدبر؛ لأن القبل إذا انضم إليه ستره، ويجب على المصلي تحصيل السترة بكل طريقة ليس فيها ضرر عليه ولا غضاضة والغضاضة تحصل إذا استعرت من إنسان منان، وقال بعض أهل العلم في طريقة صلاة العاري إن كان حوله أحد صلى قاعداً وإن لم يكن حوله أحد أو في ظلمة أو حوله شخص لا يبصر فإنه يصلي قائماً لأنه لا عذر له؛ لأنه يجمع بين حق الله وحق النفس فإن حق الله إذا لم يكن حوله أحد يراه أن يصلي قائماً لأنه قادر وبين حق النفس إذا كان حوله أحد يخجل ولا يستطيع أن يقوم، ويكون إمام العراة وسطهم إذا كان ذلك أستر له، ويصلون قعوداً على المذهب استحباباً ويومئون بالركوع والسجود استحباباً أيضاً، ويستثنى من ذلك ما إذا كانوا في ظلمة أو لا يبصرون إمامهم فإن إمامهم يتقدم عليهم كالعادة لأن المحظور زال، ويصلي كل نوع على حده أي الرجال والنساء كل في مكان فإن شق صلى الرجال واستدبرهم النساء، وإن وجد سترة قريبة في أثناء الصلاة ستر وبنى وإلا ابتدأ أي يقطع الصلاة ويبتدئ من جديد، مثال القريبة: جاء إليه رجل وهو يصلي وقال خذ استر نفسك فهنا نقول يأخذها ويستتر، مثال البعيدة: رأى قطعة قماش يطير بها الهواء تستره لكنها علقت بشجرة بعيدة عنه، نقول له: اقطعْ صلاتَك واذهبْ وخذْ هذه السترة، واستتر بها وابتدئ الصلاة.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/8/28 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر