الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى وبعد؛
المسألة الأولى: ما الدليل من القرآن على أن من شرط صحة الصلاة ستر العورة ؟
الجواب: قال تعالى :{۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }[ الأعراف 31]
ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمُّلُ عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيبُ لأنه من الزينة، والسواكُ؛ لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل اللباس البياض كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَسوا ثيابَ البياضِ، فإنَّها أطْهرُ وأطيَبُ" [صحيح ابن ماجه للألباني]
المسألة الثانية: هل الإسبال يؤثر على صحة الصلاة ؟
الجواب: لا يؤثر غير أنه يأثم
المسألة الثالثة: هل فخذ الرجل عورة أم لا ؟
الجواب: عن الإمام أحمد رحمه الله أن عورة الرجل الفرجان فقط؛ ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد حسر عن فخذه وهو عليه السلام أشد الناس حياء. فعن أنس بن مالك قال :" ...ثُمَّ حَسَرَ الإزَارَ عن فَخِذِهِ حتَّى إنِّي أنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ،" [صحيح البخاري]، والشباب لا بد من ستر الفخذ خوفاً من الفتنة ، ويقول ابن حزم في كتابه المحلى : من الرجل الذَّكَرُ وحلْقَةُ الدُّبُر، أما الفخذ فليس بعورة، ثم ساق حديث أنس بن مالك السابق :"... ثُمَّ حَسَرَ الإزَارَ عن فَخِذِهِ حتَّى إنِّي أنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ".
فصحَّ أن الفخذ ليست عورة ولو كان عورة لما كشفها الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم المطهر المعصوم، والناس في حال النبوة والرسالة ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة في حال الصِّبَا وقبل النبوة.
والسرة والركبة ليستا عورة وأن القبل والدبر عورة مغلظة يجب سترهما وأن الفخذ ليس بعورة ويتأكد استحباب ستره احتياطاً ويجب في حال خوف الفتنة وأداء الصلاة.
المسألة الرابعة: ما حدُّ عورةِ الرجلِ والمرأةِ في الصلاة وكذلك الأمَة ِ؟
أولاً يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن حد عورة الأمة كحد عورة الحرة ،ويرى ذلك أيضاً ابن حزم قال :" فعن أَبِي العَالِيَةِ البَرَّاءِ، قالَ:" أَخَّرَ ابنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ، فَجَاءَنِي عبدُ اللهِ بنُ الصَّامِتِ، فألْقَيْتُ له كُرْسِيًّا، فَجَلَسَ عليه، فَذَكَرْتُ له صَنِيعَ ابنُ زِيَادٍ، فَعَضَّ علَى شَفَتِهِ، وَضَرَبَ فَخِذِي، وَقالَ: إنِّي سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كما سَأَلْتَنِي، فَضَرَبَ فَخِذِي كما ضَرَبْتُ فَخِذَكَ، وَقالَ: إنِّي سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كما سَأَلْتَنِي، فَضَرَبَ فَخِذِي كما ضَرَبْتُ فَخِذَكَ، وَقالَ:صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فإنْ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ معهُمْ فَصَلِّ، وَلَا تَقُلْ إنِّي قدْ صَلَّيْتُ فلا أُصَلِّي ." [صحيح مسلم]
قال ابن حزم :فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي ذر أصلاً بيده المقدسة ولو كانت الفخذ عند أبي ذر عورة لما ضرب عليها يده وكذلك عبد الله بن الصامت وأبي العالية، وما يستحل مسلم أن يضرب بيده على ذكر إنسان على الثياب ولا على حلقة دبر الإنسان على الثياب ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب ألبتة، وقال: فإن ذكروا الأخبار الواهية في أن الفخذ عورة فهي كلها ساقطة وقال هذا الذي قلناه هو قول جمهور السلف.
رأي ابن حزم في الأمة في الصلاة:
قال وأما الفرق بين الحرة والأمة فدينُ الله تعالى واحدٌ والخِلْقَةُ والطبيعةُ واحدةٌ، كلُّ ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتيَ نصٌّ في الفرق بينهما في شيء فيوقف عنده، وإذا تنازع السلف رضي الله عنهم وجب الرد إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه من القرآن والسنة وليس في القرآن ولا في السنة فرق في الصلاة بين حرة ولا أمة، وقد صح الإجماع والنص على وجوب الصلاة على الأمة كوجوبها على الحرة في جميع أحكامها . [ينظر المحلى لابن حزم]
فابن حزم يرى أن الأمه كالحرة الطبيعة واحدة والخلقة واحدة، والرِّقُ وصفٌ عارضٌ خارجٌ عن حقيقتها وماهيتها ولا دليلَ على التفريق
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إن الإماء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلّ فهن يشبهن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً...
ويقول أمَّا الإماء التركيات الحسان فهذا لا يمكن أبداً أن يكن كالإماء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ويجب عليها أن تستر كل بدنها عن النظر في باب النظر وعلل ذلك بتعليل حقيقي مقبول فقال إن المقصود بالحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصلاة ولو كان خالياً في مكان لا يطلع عليه إلا الله، قال: والعلة في النظر خوف الفتنة ، ولا فرق في هذا بين النساء الحرائر والنساء الإماء.
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين