الدرس الثاني والثلاثون: من شروط الصلاة ستر العورة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 28 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 5183 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى وبعد

الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة

الستر بمعنى التغطية

والعورة هي ما يسوء الإنسان إخراجه والنظر إليه لأنها من العور وهو العيب وكل شيء يسوؤك النظر إليه فإن النظر إليه يعتبر من العيب

ولم تأت كلمة ستر العورة في كتاب الله أو السنة والذي جاء في القرآن "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " سورة الأعراف

فأمر الله تعالى أن نتزين ونتجمل عند ملاقاته سبحانه والوقوف بين يديه وإذا كان الإنسان يستحي أن يقابل ملكا من الملوك بثياب رثة أو نصف بدنه ظاهر فكيف لا يستحي أن يقف بين يدي ملك الملوك عز وجل بثياب غير مطلوب منه أن يلبسها

ولهذا قال عبد الله بن عمر لمولاه نافع وقد رآه يصلي حاسر الرأس " غط رأسك هل تخرج إلى الناس وأنت حاسر الرأس ؟ قال لا قال فالله أحق أن تتجمل له " أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار، وهذا صحيح لمن عادتهم أنهم لا يحسرون عن رؤوسهم ولا يمكن أن يخرج حاسر الرأس أمام الناس إذا فاتخاذ الزينة غير ستر العورة

قال شيخ الإسلام كما في الاختيارات ص 43 والله أمر بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة وهو أخذ الزينة فقال "خذوا زينتكم عند كل مسجد" فعلق الأمر باسم الزينة لا بستر العورة إيذاناً بأن العبد ينبغي له أن يلبس أزين ثيابه وأجملها وقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " أخرجه البخاري

وعاتق الرجل ليس بعورة بالاتفاق ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بستره فقال "ليس على عاتقه منه شيء " فدل هذا على أن مناط الحكم ليس ستر العورة وقال صلى الله عليه وسلم لجابر إن كان ضيقاً فاتزر به وإن كان واسعاً فالتحف به. أخرجه البخاري

ومعلوم أنه لا يشترط لستر العورة أن يلتحف الإنسان بل يغطي ما يجب ستره في غير الصلاة

إذا فليس مناط الحكم ستر العورة إنما مناط الحكم اتخاذ الزينة هذا هو الذي أمر الله به ودلت عليه السنة

والدليل على أن من شرط صحة الصلاة ستر العورة ما يلي

أولاً: قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد

ثانياً: قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن كان واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به" فلا بد من الاتزار وإذا كان واجباً في العبادة فكل واجب في العبادة شرط لصحتها

فالقاعدة الشرعية "أن كل واجب في العبادة هو شرط لصحتها" فإذا تركه الإنسان عمداً بطلت هذه العبادة

ولهذا لو ترك الإنسان التشهد الأول أو الأخير في الصلاة متعمداً بطلت صلاته حتى في الواجبات ولو تركها متعمداً بطلت صلاته ولهذا نقول إن ستر العورة شرط لصحة الصلاة

ثالثاً: نقل ابن عبد البر إجماع العلماء على أن من صلى عرياناً مع قدرته على اللباس فصلاته باطلة . انظر الروض المربع 1/139-140 وحاشية ابن قاسم 491

شروط الثوب

أولاً: ألا يصف البشرة ليس لفظاً ولكنه بلسان الحال

فإذا كان هذا الثوب الذي على البدن يبين تماماً لون الجلد فيكون واضحاً فإن هذا ليس بساتر أما إذا كان يبين منتهى السروال من بقية العضو فهذا ساتر

ثانياً: أن يكون طاهراً

فإذا كان نجساً فلا يصح أن يصلي به ولو صلى به لا تصح صلاته لا لعدم الستر ولكن لأنه لا يجوز حمل النجس في الصلاة والدليل ما يلي

أولاً: قوله تعالى "وثيابك فطهر" فثياب مفعول مقدم لـ طهر يعني "طهر ثيابك" وهو ظاهر في أن المراد ثياب اللباس

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم بأصحابه فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما سلم سألهم لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا رأيناك خلعت نعالك فخلعنا نعالنا ، فقال إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيها أذى . أخرجه أحمد في المسند وهذا يدل على وجوب التنزه مما فيه نجاسة

ثالثا: قوله تعالى " وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود " سورة الحج

قالوا فإذا أمر الله تعالى بتطهير المحل وهو منفصل عن المصلي فاللباس الذي هو متصل به يكون الأمر بتطهيره من باب أولى

الشرط الثالث: أن يكون ساتراً، وأما الصلاة في الثوب الذي فيه إسبال أو صور ذات أرواح فالصلاة صحيحة مع الإثم

الشرط الرابع: ألا يضره فلو كان الثوب فيه مسامير لا نلزمه بلبسه

وإذا كان الحرير يخفف الحساسية جاز لبسه

حد العورة

أولاً: المخففة عورة الذكر من 7 – 10 هي الفرجان القبل والدبر

ثانياً: المغلظة عورة الحرة البالغة جميع جسمها

أما في الصلاة فتكشف وجهها ويديها وقدميها إذا لم يكن أمامها رجل أجنبي وعند محارمها فتكشف الوجه واليدين والقدمين والرأس والرقبة

ثالثاً: المتوسطة من السرة إلى الركبة

والفخذين ليس بعورة حيث ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كشف عن فخذه . أخرجه البخاري

غير أن الصلاة يجب ستر الفخذين

والشباب لا بد من ستر الفخذ خوفاً من الفتنة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -27

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر