الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 22 شوال 1445هـ | عدد الزيارات: 57 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:

* صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (صحيح مسلم الإيمان (49)) » . والله يقول في كتابه العزيز جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (التوبة 71)
فإذا فعلت ذلك طاعةً لله، والتماسًا لمرضاتِهِ، فإن العاقبة تكون لك حميدة وهو القائل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (الطلاق 2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق 3) ، وعلى الجميع الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كما يجب على الرجال لما تقدم من الآيات والحديث.

* ‌‌معنى الكفر في الطعن في الأنساب والنياحة على الميت:

الطعن في النسب هو التنقص لأنساب الناس وعيبها على قصد الاحتقار لهم والذم، أما إن كان من باب الخبر، فلان من بني تميم، ومن أوصافهم كذا، أو من قحطان أو من قريش أو من بني هاشم. يخبر عن أوصافهم من غير طعن في أنسابهم. فذلك ليس من الطعن في الأنساب، وأما النياحة فمعناها رفع الصوت بالبكاء على الميت وهي محرمة. والمراد بالكفر هنا كفر دون كفر. وليس هو الكفر المطلق المعرف بأداة التعريف، كقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » خرجه مسلم في صحيحه، (قلت: جاء في صحيح مسلم ، الإيمان 82)وهذا هو الكفر الأكبر في أصح قولي العلماء.
وقد ذكر العلماء أن الكفر كفران، والظلم ظلمان والفسق فسقان، وهكذا الشرك شركان: أكبر وأصغر.
فالشرك الأكبر مثل دعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم أو للأصنام والأشجار والأحجار والكواكب. والشرك الأصغر مثل لولا الله وفلان، وما شاء الله وشاء فلان، والواجب أن يقول: لولا الله ثم فلان، وما شاء الله ثم شاء فلان. وكذا الحلف بغير الله كالحلف بالنبي، أو حياة فلان، أو بالأمانة، فهذا من الشرك الأصغر. وهكذا الرياء اليسير مثل كونه يستغفر ليسمع الناس، أو يقرأ يرائي الناس، فهو شرك أصغر، والظلم ظلمان:
ظلم أكبر وهو الشرك بالله كقوله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة 254) . أما الظلم الأصغر فهو مثل ظلم الناس في دمائهم وأموالهم، وظلم العبد نفسه بالمعاصي كالزنا وشرب المسكر ونحوها، نعوذ بالله من ذلك.

* ‌‌كيفية العلاج من أمراض حسية ومعنوية:
الإنسان قد تعرض له أمور لها أسباب فيحصل له من الخوف والذعر ما لا يعرف له سببا بينا. والله جعل فيما شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والأمن والشفاء ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى.
فنصيحتي أن يستعمل ما شرعه الله تعالى من الأوراد الشرعية التي يحصل بها الأمن والطمأنينة وراحة النفوس والسلامة من مكائد الشيطان، ومن ذلك قراءة آية الكرسي، وهي قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (البقرة الآية 255) إلى آخر الآية، وهي أعظم آية في كتاب الله، وأفضل آية في كتاب الله عز وجل؛ لما اشتملت عليه من التوحيد والإخلاص لله عز وجل وبيان عظمته جل وعلا، وأنه الحي القيوم المالك لكل شيء، ولا يعجزه شيء سبحانه وبحمده فإذا قرأ هذه الآية خلف كل صلاة، كانت له حرزا من كل شر، وهكذا قراءتها عند النوم فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن من قرأها عند النوم لا يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. وقد شرع الله سبحانه وتعالى أن يقرأ المسلم والمسلمة بعد كل صلاة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص 1) والمعوذتين، فهذا أيضا من أسباب العافية والأمن والشفاء من كل سوء و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن. والسنة أن يقرأ الإنسان هذه السور الثلاث بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب ثلاث مرات. وهكذا إذا أوى إلى فراشه يقرؤهن ثلاث مرات لصحة الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ومما يحصل به الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من كل شر، أن يستعيذ الإنسان بكلمات الله التامات، من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق (قلت: جاء في صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2708)) » فقد جاءت الأحاديث دالة على أنها من أسباب العافية وهكذا: «باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات (قلت: حسنه شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن أبي داود) » صباحا ومساء.
فهذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنة كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن من كل سوء.
فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها في أوقاتها، والمحافظة عليها وهما مطمئنان وواثقان بربهما سبحانه وتعالى. القائم على كل شيء والعالم بكل شيء والقادر على كل شيء لا إله غيره ولا رب سواه، وبيده التصرف والمنع والضر والنفع، وهو المالك لكل شيء عز وجل.
والرسول صلى الله عليه وسلم هو أصدق الناس، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى كما قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (النجم 1) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (النجم 2) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (النجم 3) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم 4) عليه من ربه أفضل الصلاة، وأتم التسليم

٢١ شوال ١٤٤٥ هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر