تحريم الوصية لبعض الورثة

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 22 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 2087 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي من علينا بالأموال وجعلها قياما للناس في مصالح الدنيا والدين ونظم لهم اكتسابها وتصريفها والتصرف فيها تنظيما عادلا مستقيما لا يضاهيه شيء من النظم والقوانين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ملك يوم الدين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على جميع الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما
أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى واشكروه على ما خولكم من هذه الأموال فاتخذوها قربة لكم إلى الكبير المتعال.

فقد لقد نظم لكم ربكم التصرف في هذه الأموال اكتسابا وتصريفا فبين لكم كيف تكسبونها وكيف تتصرفون فيها وتصرفونها، نظم ذلك لكم في حياتكم وبعد مماتكم.

ففي حياة الإنسان يستطيع الحر المكلف الرشيد أن يتصرف في ماله بيعا وشراء وإجارة ورهنا ووقفا وهبة ووصية على وفق الحدود الشرعية التي بينها الشارع، وذلك معلوم ولله الحمد

وبعد ممات الإنسان حفظ الله له المال بأن تولى قسمته بنفسه على أولى الناس به ففرض المواريث وقسمها فقال "آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"النساء:11 وأخبر أن هذه حدوده فقال "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ"النساء:-14.13 وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"رواه الترمذي وقال حسن صحيح، فلا يجوز لأحد أن يوصي لبعض ورثته دون بعض لا بشيء من أعيان المال ولا بشيء من منافعه وغلاته

فلو أوصى لبعض الورثة بدراهم أو عقار لم يجز تنفيذها إلا بإجازة بقية الورثة المرشدين، وكذلك لا يجوز أن يوصي لبعض ورثته بأجرة شيء من عقاره سواء أوصى له بذلك دائما أو مدة معينة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث"رواه الترمذي. وقد أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وأن الوصية للوارث حرام، وفي الحديث "إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار"رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

عباد الله: إننا إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية فإنه لا شك أن الوصية بشيء من المال لبعض الورثة داخل في قوله صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث" ، فإذا كان لا يجوز أن يوصي لبعض الورثة بسكنى شيء أو استثمار شيء من عقاره لمدة سنة، فكيف يجوز أن يوصي له بما يقتضي سكنى الدار واستثمار العقار دائما وأبدا، فالله تعالى قد فرض لكل وارث حقه ونصيبه فكيف يجوز أن يوصي لأولاده بشيء من ماله عليهم ألم يكن هذا تعديا لحدود الله واقتطاعا من حق بعض الورثة لورثة آخرين وهذا معناه الجور في الوصية والمضارة للورثة .

فإذا قال الإنسان أوصيت ببيتي أو بعقاري يكون لأولادي، وله ورثة غير الأولاد، فهذه وصية لوارث وتعد لحدود الله فيكون حراما

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمداً رسول الله المصطفى من خلقه على جميع المخلوقين

أما بعد

عباد الله: إن الوصية لبعض دون بعض من الورثة هذا من الناحية الشرعية حرام ومعصية لله ورسوله وتعد لحدوده، ويبقى النظر فيه من الناحية الاجتماعية ففيه مضار

أولاً: الظلم والجور، وضرر الظلم والجور ليس على فاعله فحسب بل على جميع الناس

ثانياً: حرمان الورثة الخارجين من هذه الوصية من حقهم الثابت في التركة

ثالثاً: إلقاء العداوة بين الورثه فربما حصل بين الذرية خصومة وتقاطع وتشاتم ومرافعات إلى المحاكم بسبب هذه الوصية ، فلو ترك المال لهم حرا لتمكنوا من الانفصال بعضهم عن بعض ببيع أو غيره.

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:.56 وقال عليه الصلاة والسلام "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا"رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المظلومين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أرادهم بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

اللهم احفظ لنا ولي أمرنا واحفظ جنودنا على حدودنا

اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: أذكروا الله يذكركم وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر العنكبوت:45

1434-10-21

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي