الإيمان بالقدر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 26 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 1870 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علماً وهو على كل شيء قدير وجعل لكل شيء قدراً وأجلاً مطابقاً لعلمه وحكمته وهو الحكيم الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والخلق والتدبير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد والمصير وسلم تسليماً

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى وءامنوا به وءامنوا بقضائه وقدره فإن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان فلا يتم الإيمان حتى يؤمن العبد بالقدر خيره وشره ولا يتم الإيمان بالقدر حتى يؤمن الإنسان بأربعة أمور

الأول: علم الله المحيط بكل شيء فإنه سبحانه بكل شيء عليم عليم بالأمور كلها دقيقها وجليلها فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء

الأمر الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة من قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة فإن الله لما خلق القلم قال اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب ما هو كائن فكتب بعلم الله وإذنه ما هو كائن إلى يوم القيامة فما كتب على الإنسان لم يكن ليخطئه وما لم يكتب عليه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف قال تعالى: ما أًصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم

فعلى العبد إذا جرت الأقدار على ما لا يحب أن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يستسلم للقضاء المكتوب فإنه لا بد أن يكون فلا راد لقضاء الله وقدره لكن الفخر كل الفخر لمن يقابل ذلك بالرضا ويعلم أن الأمر من الله وإليه وأنه سبحانه له التدبير المطلق في خلقه فيرضى به رباً ويرضى به إلهاً وبذلك يحصل له الثواب العاجل والآجل فإن من أصيب بالمصائب فصبر هدى الله قلبه وشرح الله صدره وهون عليه المصيبة لما يرجوا من ثوابها عند الله ثم إذا بعث يوم القيامة وهو أحوج ما يكون إلى الأجر والثواب وجد أجر مصيبته وصبره عليها مدخراً له عند الله وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وكما أن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء فكذلك يكتب ويقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة كلها كما قال تعالى "فيها يفرق كل أمر حكيم"الدخان:4. وكذلك بكتب على الإنسان وهو في بطن أمه ما سيجري عليه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"رواه البخاري ومسلم

وهذا الرجل يا عباد الله الذي كان يعمل بعمل أهل الجنة ثم ختم له بعمل أهل النار إنما يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ولم تكن نيته في الإخلاص والقصد نية مستقيمة فلذلك عوقب بسوء الخاتمة كما جاء ذلك مفسراً في حديث آخر

الأمر الثالث مما يتم به الإيمان بالقدر أن تؤمن بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمشيئته فوق كل مشيئة وقدرته فوق كل قدره

وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين التكوير:29 والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون يوسف:21

الأمر الرابع أن تؤمن بأن الله خالق كل شيء ومدبر كل شيء وأن ما في السموات والأرض لا صغير ولا كبير ولا حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله وخلقه فمن الأشياء ما يخلقه الله بغير سبب معلوم لنا ومنه ما يكون سببه معلوم لنا والكل من خلق الله وإيجاده جعلني الله وإياكم ممن رضى بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد نبياً رسولاً هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى وءامنوا بقضائه وقدره ومشيئته وخلقه فإن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان لن يتم إيمان العبد حتى يحقق الإيمان بالقضاء والقدر فهو الركن السادس من أركان الإيمان وللإيمان بالقضاء والقدر أركان لا يتم الإيمان إلا بها

الركن الأول: أن تؤمن بأن الله بكل شيء عليم قال تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. الأنعام:59

الركن الثاني: أن تؤمن بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة قال تعالى: ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير. الحج:70

الركن الثالث: أن تؤمن بمشيئة الله العامة وقدرته الكاملة وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمن عمل صالحاً فبمشيئة الله ومن عمل سيئة فبمشيئة الله قال تعالى: من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم الأنعام:29

وكل شيء يعمله الإنسان ويحدثه فإنه بمشيئة الله حتى إصلاح طعامه وشرابه وبيعه وشرائه وأخذه وعطائه ونومه ويقظته وجميع حركاته وسكناته كلها بمشيئة الله تعالى

الركن الرابع: أن تؤمن بأن الله خالق كل شيء وأن الله خالق الأسباب والمسببات وهو الذي ربط النتائج بأسبابها وجعلها نتيجة لها وعلم عباده تلك الأسباب ليتوصلوا بها إلى نتائجها لتكون عبرة لهم ودليلاً على نعمة الله عليهم بما يسره لهم من الأسباب التي يتمكنون بها من إدراك مطلوبهم على حسب ما تقتضيه حكمته ورحمته وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله "أفرأيتم ما تمنون"الواقعة :58 إلى قوله "فسبح باسم ربك العظيم"الواقعة:96 فالأعمال التي يحدثها العبد ويقوم بها ناتجة عن أمرين أحدهما عزم الإنسان عليها ولولا عزمه لما فعل، الثاني قدرته على العمل بما علمه الله تعالى من أسبابه وبما أعطاه من القوة عليه ولولا قدرة الإنسان على العمل وعلمه بأسباب إيجاده وعزمه عليه لما وقع منه الفعل والذي علم الإنسان وأوجد فيه العزم والقدرة هو الله فالإنسان وعزمه وقدرته تحت مشيئة الله

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56 وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المجاهدين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادهم بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم كن لإخواننا في سوريا وانصرهم على النصيرية الكافرة والرافضة المنافقة اللهم داو جرحاهم واشف مرضاهم واكس عاريهم واطعم جائعهم واسق ظامئهم واقبل شهدائهم اللهم كن لإخواننا في كشمير وانصرهم على من ظلمهم اللهم كن لإخواننا في الشيشان وانصرهم على الملاحدة اللهم اجمع شمل المسلمين في فلسطين وانصرهم على اليهود وطهر الأقصى من دنسهم اللهم اجمع شمل المسلمين في باكستان وافغانستان اللهم كن لإخواننا أهل السنة في العراق وإيران وانصرهم على الرافضة اللهم كن لإخواننا الأراكانيين في بورما وانصرهم على من ظلمهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون العنكبوت:45.

24-9-1434

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي