دروس من غزوة بدر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 12 شهر رمضان 1446هـ | عدد الزيارات: 288 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه، ومن استن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ ‌مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[الطلاق: 2-3]،

في السنة الثانية للهجرة، في السابع عشر من رمضان في يوم الجمعة كان للمسلمين يوم حافل ونصر مؤزر، نصر الله به أولياءه، وأذلَّ فيه أعداءه، وذكر الله أحداث هذه الغزوة في كتابة، فقال : ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأنفال: 41]؛ يوم يوم الفرقان؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل، والتوحيد والشرك، والظلم والعدل.

عباد الله؛ حين انفلتت قافلة أبي سفيان، وقرر صناديد قريش الخروج شَاوَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أصحابه": فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فأعْرَضَ عنْه، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فأعْرَضَ عنْه، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، فَقالَ: إيَّانَا تُرِيدُ يا رَسولَ اللهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لو أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا البَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، ولو أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إلى بَرْكِ الغِمَادِ لَفَعَلْنَا" . [صحيح مسلم]

عباد الله؛ ومن دروس بدر: أن التفاؤل والثقةَ بالله هي الطريق للنصر.

فبعد أن استشار رسول الله صحابته وأيدوه، قال لهم: سيروا وأبشروا، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم، وبدأ يشير إلى مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله، فما تعدى أحدهم موضع إشارته، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فإن التفاؤل والأمل يبعث على الجد والاجتهاد والإنجاز، فأين بث روح الأمل في أنفسنا وذرياتنا، ومن تحت أيدينا.

ومن دروس بدر: تعظيم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنص ووقوفهم عنده، وعدم تقديمهم للرأي على النص.

فحين سار النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ونزل بأدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة، فقال الحُباب بن المنذِر رضي الله عنه: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أهو منزل أنزلك الله، فليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: بل هو الحرب والرأي والمكيدة.

فقال الحباب: فليس هذا بنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله ونُغور ما وراءه من الآبار؛ أي: ندفنها، ثم نبني عليه حوضًا، فنملؤها ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فاستحسن النبي عليه الصلاة والسلام رأي الحباب، ومضى بأصحابه حتى نزل بالعدوة الدنيا مما يلي المدينة، وجيش قريش مما يلي مكة، وهنا تعرف سر تفوق جيل الصحابة ومن بعده السلف لاستمساكهم بالدليل، وعدم التقدم عليه، واتهام الرأي إذا خالف النص، ما أجمل مقدمة كلام الحباب: أهو منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا ‌بَيْنَ ‌يَدَيِ ‌اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[الحجرات: 1].

هذا ، واستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله ، أما بعد:

عباد الله؛ اعلموا أن رمضان شهر الانتصارات على النفس والهوى والشيطان، رمضان شهر البذل والعمل لا شهر النوم والكسل، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، ومن كان مقصرًا في ما مضى فليستدرك ما بقي.

اللهم أعنا على ما يرضيك ، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم اجعلنا معظمين لأمرك مؤتمرين به، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الصافات: 180 - 182]

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 7 =

/500
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي