ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

1 الدرس 211 باب الشفعة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 14 ذو الحجة 1443هـ | عدد الزيارات: 404 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بــــاب الـــشــفــعـــة 1

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على نبينا محمد أما بعد:ـ

قول المصنف رحمه الله "الشفعة هي استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد ...."

قوله "الشفعة" مأخوذ من الشفع وهو جعل الواحد اثنين وهو ضد الوتر و سميت بذلك لأن الشريك يضم نصيب شريكه إلى ملكه أما اصطلاحا

فيقول المصنف "هي استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه" يعني الحصة مثال ذلك :ـ رجلان شريكان في أرض فباع أحدهما نصيبه على ثالث فللشريك الذي لم يبع أن ينزع من المشتري هذا النصيب قهرا عليه ويضمه إلى ملكه

قوله "استحقاق انتزاع" قوله "انتزاع" يفيد أن الأمر ليس اختياريا وأنه ينزع منه قهرا وكلمة "شريكه" تخرج الجار لأن الجار ليس بشريك

وقوله "ممن انتقلت إليه" يفيد أنه لابد من نقل الملك فإذا أجر أحدهما نصيبه ولو لمدة مائة سنة فالمستأجر ليس له حق الشفعة لأنه لم ينتقل له سوى النفع وليس الملك

قوله "بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد" قوله "بعوض" يخرج به ما انتقل بغير عوض وهو نوعان الأول الإنتقال قهريا مثل الميراث فلا شفعة الثاني الإنتقال بالإختيار كالهبة فلا شفعة على قول الإمام أحمد رحمه الله والصحيح أن الشفعة ثابتة لأن الحكمة من الشفعة إزالة ضرر الشريك الجديد عن الشريك الأول لأنه قد لا يتلاءم مع الأول فتحصل المنازعات قوله "بعوض مالي" يشترط أن يكون العوض ماليا وإلا فلا هذا على قول المؤلف والصحيح تؤخذ بالشفعة ويأخذها الشريك بقيمتها التي تساوي عند الناس قوله "بثمنه" الثمن هو ما وقع عليه العقد

قوله "الذي استقر عليه العقد لا بما جرى به العقد" مثال ذلك اشترى رجل حصة شريكه بتسعة آلاف وفي مجلس الخيار قال المشتري فيه غبنٌ أريدها بسبعة آلاف فيأخذها المشتري بسبعة آلاف والدليل على ثبوت الشفعة حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "قضى بالشفعة في كل مالم يقسم" رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري قوله "فإن انتقل بغير عوض فلا شفعة" والصواب فيه الشفعة إلا ما كان على وجه قهري فلو انتقل النصيب بميراث مثلا فلا شفعة قوله "أو كان عوضه صداقا" أي أن الشريك أصدق امرأته نصيبه من المشترك معه في أرض فلا شفعة والصحيح أن له أن يشفع لأنه قد يكون الشريك الجديد سيء الخلق فتحصل المنازعات فيقوم ويأخذ بقيمته سواء زاد على مثل مهر المرأة أو نقص أو ساوى

قوله "أو خلعا" أي جعل عوضا في خلع فلا شفعة على قول المؤلف ليس للشريك الشفعة الذي يبذل الخلع المرأة أو غيرها من الناس فإذا جعل خلعا بأن تكون امرأة شريكة لإنسان في أرض وطلبت من زوجها المخالعة فخالعها على نصيبها من الأرض الفلانية فلا شفعة للشريك والصحيح أنه يشفع وتكون القيمة بالتقويم نسأل أهل الخبرة كم تساوي هذه الأرض ويدفع الشفيع بما قالوه

قوله "أو صلحا عن دمً عمد فلا شفعة" دم العمد هو ما يثبت به القصاص فقتل العمد يوجب القصاص فإذا صالح القاتل نفسه أولياء المقتول بنصيبه من الأرض فقبلوا بذلك وعفو عن القصاص فليس لشريك المالك أن يشفع و الصحيح أن فيه الشفعة وتقدر قيمة نصيبه عند أهل الخبرة

قوله "ويحرم التحيل لإسقاطها" أي يحرم على المشتري أن يتحيل لإسقاط الشفعة فمثلا يشتري الحصة بخمسين ألف ويظهر أنه اشتراها بمئة ألف والشريك لا يريدها بمئة ألف لأن الثمن غال فهذا حرام والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إنما الأعمال بالنيات" أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقول النبي صلى الله عليه وسلم "قاتل الله اليهود لما حرمت عليهم الشحوم أذابوها ثم باعوها و أكلوا ثمنها" أخرجه البخاري و مسلم والتعليل لأنه يتضمن إسقاط حق المسلم ومتى ظهر أن في الأمر حيله فإن للشريك أن يشفع

قوله "وتثبت لشريك في أرض تجب قسمتها" أي تثبت الشفعة لشريك في أرض تجب قسمتها فالأرض منها ما تجب قسمته ويجبر الشريك على القسمة إذا كانت لأرض تنقسم بدون ضرر و لا رد عوض ففيها شفعة و القسمة إجبارية وإذا كانت لا تنقسم إلا بضرر أو رد عوض فالقسمة اختيارية وليس فيها شفعة لأنها إذا انقسمت فسدت لصغرها مثل أرض مقدارها تسعة أمتار في خمسة أمتار فلا تصلح للبناء بعد قسمتها ويتضرر الشريك بالقسمة فلا يجبر وهذه ليس فيها شفعة والصحيح فيها شفعة وهي أولى بثبوت الشفعة من الأرض التي تنقسم إجبارا

قوله "ويتبعها الغراس والبناء لا الثمرة والزرع" يعني إذا شفع الشريك في أرض فيها غراس وبناء فإن الغراس والبناء يتبعها إذا كانت حين البيع موجودا فيها الغراس والبناء وأما الثمر والزرع فلا يتبع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها" أخرجه البخاري ومسلم فكما أن الثمر والزرع لا يتبع في البيع فكذلك لا يتبع في الأخذ بالشفعة بل يكون لمن اشتراها ولكن الصحيح أنه إذا كانت الثمرة موجودة حين البيع وشفع الشريك فإنها تتبع وكذلك يقال في الزرع لأن الثمرة فرع الغراس والشجر و الزرع فرع الأرض ويثبت تبعا مالا يثبت استقلالاً والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه وعن بيع الحب حتى يشتد" أخرجه البخاري ومسلم لئلا يحصل النزاع والخصومة بين البائع والمشتري

قوله "فلا شفعة لجار" و هذا هو المشهور من المذهب أن الشفعة لا تثبت للجار مطلقاً

قوله "وهي على الفور وقت علمه" أي الشفعة إذ أنه لابد أن يبادر الشفيع في الأخذ بالشفعة فيقول شفعت أو أخذتها بالشفعة أو ما أشبه ذلك إلا إذا كان مشغولا بما لا يمكن معه المطالبة كما لو علم وهو يتغدى أو يتعشى فهذا لا يمكن أن يشفع أما إذا علم وهو في مكان بعيد يشهد رجلين أو رجلا وامرأتين أنه أخذ بالشفعة ولا يعطى مهلة للتفكير هل يحصل الثمن أو لا والراجح الذي يتعين الأخذ به أنها على التراخي لا تسقط إلا بما يدل على الرضا فهو حق للشريك لا يسقط إلا برضاه

قول المصنف "فإن لم يطلبها إذا بلا عذر بطلت" أي لابد إذا زال العذر من أن يطالب بها على الفور و مثال العذر من أن يطالب بها على الفور جاءه الخبر وهو على فراشه لينام فمن حين يستيقظ و يصلي الفجر يذهب إلى المشتري ويقول أنا آخذ بالشفعة و سبق أن قلنا أنها على التراخي لذا يلزم المشتري أن يعطيه مهلة في حدود يومين أو ثلاثة أو أربعة لإحضار الثمن

وبالله التوفيق

1443/12/14 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر