الدرس 210 باب الغصب 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 7 ذو الحجة 1443هـ | عدد الزيارات: 447 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بــــاب الـــغــــصـب 4

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

قول المصنف رحمه الله "كالكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه أو عقره خارج منزله" يعني كما يضمن صاحب الكلب العقور إذا عقر الكلب من دخل بيته بإذنه أو عقر من كان خارج المنزل وذلك أن الكلب العقور وهو الذي عرف منه العدوان على الناس لا يجوز اقتناؤه بأي حال من الأحوال ويجب قتله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "خمسٌ يقتلن في الحل و الحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" رواه البخاري فاقتناؤه حرام وعلى هذا كل ما تلف بعقره فهو مضمون على صاحبه إلا من دخل بيت صاحبه بغير إذنه فلا ضمان فيه لأن الداخل معتد حيث دخل البيت بغير إذن صاحبه والله عز وجل يقول " يا أيها الذين آمنو لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا" النور27 فإن أذن له و دخل الرجل وصاحب المنزل في داخل منزله فعقره الكلب فعليه الضمان لأنه دخل بإذن رب البيت وقوله "أو عقره خارج منزله " فالكلب العقور إذا عقر إنسان خارج المنزل فعلى صاحبه الضمان قوله "كالكلب العقور" غير الكلب العقور لا يضمن صاحبه إلا إذا أشلاه صاحبه بالرجل فعليه الضمان لأن معتد بذلك

قوله "و ما أتلفت البهيمة" البهيمة هي بهيمة الأنعام من إبل وبقر وغنم وغيرها وسميت بهيمة لأنها لا تنطق

قوله "و ما أتلفت البهيمة من الزرع ليلا ضمنه صاحبها" أن جميع ما أتلفت من زرع وثمار وأموال وغيرها حكمه حكم ما أتلفت من الزروع وهذا مذهب أحمد رحمه الله لا أن يكون خاص بالزرع كما قال المصنف فعلى هذا يكون عموم ما أتلفت البهائم إن كان في الليل فعلى اصحابها الضمان وإن كان في النهار فليس على أصحابها شيء ودليل ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم "العجماء جُبار" أخرجه البخاري ومسلم وعجماء يعني البهائم و جُبار يعني هدر و ضمن صاحبها في الليل قياساً على الزرع وهي أن أهل المواشي يحفظون مواشيهم في الليل ويطلقونها في النهار لترعى قوله "وعكسه النهار" أي ما أتلفته البهيمة في النهار يكون الضمان على صاحب الزرع

قوله "إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة" مثال ذلك رجل يرعى غنمه في النهار فأطلقها قرب مزرعة ليس عليها شبك أو جدار فالشيْ المتوقع أن البهيمة تذهب وتأكل الزرع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه" أخرجه البخاري ومسلم فيكون الضمان هنا على صاحبها وهذا خلاف مذهب الإمام أحمد الذي ينص لا ضمان على صاحبها في النهار سواء أرسلها بقرب ما تتلفه عادة أم لم يرسلها بناء على أن مناط الحكم هو تفريط صاحب الزرع أو عدمه لأن صاحب الزرع هو المأمور بحفظ زرعه في النهار والصحيح المذهب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بأن "على أهل الحوائط حفظها بالنهار" أخرجه أحمد عن البراء بن عازب وصححه ابن حبان

قوله "وإن كانت بيد راكب" الراكب إذا لم تكن البهيمة شكسة فإنه يتصرف فإذا أتلفت الإبل شيئاً فعليه الضمان لأنه يستطيع أن يتصرف أما إذا انفلتت منه وعجز أن يتصرف فلا ضمان عليه ونفهم هذا من قول المصنف "بيده"

قوله "أو قائد أو سائق ضمن جنايتها بمقدمها لا بمؤخرها وباقي جنايتها هدر"

قوله "أو قائد" أي قائد يقودها من أمام لأن القائد يتصرف فيها وخصوصا البهيمة الذلول التي تنقاد مع صاحبها وهي الإبل قوله "أو سائق" هو من يسوقها من الخلف

قوله "ضمن جنايتها بمقدمها لا بمؤخرها" يعني ما عضت بفمها أو وطئت بيدها فعليه ضمانه والصواب أن صاحبها لا يتمكن منها فإذا كانت بيد راكب أو قائد أو سائق و أتلفت شيئاً بناء على تفريطه أو تعديه فعليه الضمان وإلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "العجماء جُبار"مثال التفريط أن يمكنه لجامها ولكنه لا يفعل

قوله "وباقي جنايتها هدر" أي باقي جنايه البهيمة هدر والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم "العجماء جُبار"أي أنه لا يمكن إحالة الضمان عليها لأنها بهيمة و لا على صاحبها لأنه لم يحصل منه تعد ولا تفريط

قوله "كقتل الصائل عليه" أي قتل الصائل لا ضمان فيه وهو يشمل الصائل على النفس أو على العرض أو على المال فهو يدافع بالأسهل فالأسهل فإن لم ينفع إلا بالقتل فقتله فلا ضمان والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم "سأله رجل فقال أرأيت إن جاءني رجل يريد أن يأخذ مالي فقال قاتله قال أرأيت إن قتلني قال أنت شهيد قال أرأيت إن قتلته قال هو في النار"رواه مسلم عن أبي هريرة يدل على أنه معتد ظالم والمعتدي الظالم لا ضمان فيه والمشهور في المذهب الحنبلي أنه يقتل القاتل مع أنه مدافع إلا إذا أثبت أن هذا صائل عليه فلا يقتل و الصائل يشمل الصائل من بني آدم وغيره فلو صال عليه جمل فقتله دفعاً للصول فلا يضمن لصاحب الجمل

قوله "وكسر مزمار"يعني كما لايضمن كسر المزمار لأن هذا من باب تغيير المنكر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده" أخرجه مسلم ولأن هذه الآلة لا يجوز الإقرار عليها وكسرها وسيلة إلى ذلك ولكن إتلافه يضمن لأن كسره يمنع من إستعماله في الحرام لكن تبقى مادة هذا المزمار ينتفع بها في إيقاد نار إذا كان من خشب أو في صنع قدور أو أواني إذا كان من حديد أما إتلافه بالكلية فهو إزالة عين هذا الشيء والمزمار آلة من آلات العزف وآلات العزف كلها حرام ودليل تحريمها ماثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"والإعتقاد أنها حلال قد يخرج من الإسلام إذا اعتقد أنها حلال والمعازف عامة تشمل كل آلات العزف قوله "وصليب" يعني كذلك كسر الصليب والصليب عبارة عن خطين أحدهما قائم والأخر معترض والذين ادعوا أنهم قتلوه وصلبوه هم اليهود وقد قالت النصارى بقولهم حين اذلهم اليهود ويجب علينا أن نعتقد أن عيسى عليه الصلاة والسلام لم يقتل ولم يصلب لقوله تعالى "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" النساء157 فإذا كسر إنسان صليبا فإنه لا يضمنه لأنه لا يجوز إقراره فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع شيئاً منه صليب إلا نقضه ولكن لو أتلفه ضمن له بقيمته مكسراً لأنه ليس له قيمة شرعاً

قوله "وآنية ذهب وفضة" إذا كسرها الإنسان فلا ضمان عليه لأنه على المشهور من المذهب حرام مطلقا

قوله "وآنية خمر غير محترمة" إذا كسرها الإنسان فلا ضمان عليه لأنه لا قيمة له شرعاً

وقوله "غير محترمة" هذه صفة لخمر وليست صفة لآنية

وبالله التوفيق

1443/12/7 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر