الدرس 212 باب الشفعة 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 2 محرم 1444هـ | عدد الزيارات: 401 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

قول المصنف "وإن قال للمشتري بعني" القائل الشفيع وهو الشريك أي قال للمشتري أي بع علي الذي اشتريت سقطت شفعته لأنه لم يطالب على الفور قوله "بعني" إقرار للملك أي لملك المشتري فلازم ذلك أنه لايريد المطالبة بها قوله "أو صالحني" فكذلك تبطل لأن طلب المصالحة يؤخر المطالبة على الفور ويدل على أن الشريك قد أقر بأنها ملك المشتري

قوله "أو كذَّب العدل" أي أن الشريك أخبره رجل عدل وقال له إن شريكك باع على فلان فقال كذبت شريكي لا يمكن أن يبيع لأن له رغبة في بقاء ملكه فإن الشفعة تسقط لأن الرجل عدل والأصل في خبر العدل أنه مقبول لقوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " (الحجرات 6) فعلم منه أنه إذا جاء عدل فإننا نقبل خبره

وعلم من قوله"أو كذب عدل" أنه لو كذب الفاسق فلا تسقط الشفعة لأن الفاسق لا يجب قبول خبره بل يتبين فيه

قوله "أو طلب أخذ البعض سقطت" أي طلب الشريك أخذ البعض مثاله : شريكان في أرض لكل واحد منهما نصفها فباع أحد الشريكين نصيبه على شخص فقال الشريك أنا لا أتحمل قيمة الأرض كلها وأريد نصفها فتسقط الشفعة لفوات الفورية ما لم يبادر بالشفعة ثم يطلب المصالحة أو المقاسمة فلا بأس

قوله "والشفعة لاثنين بقدر حقيهما فإن عفا أحدهما أخذ الآخر الكل أو ترك" الشفعة لاثنين تستلزم أن يكون الشركاء ثلاثة فتكون بقدر حقيهما لا بقدر الرؤوس مثال ذلك قطعة من الأرض بين ثلاثة شركاء أحدهم له النصف والثاني له الثلث والثالث له السدس فتكون مسألتهم من ستة لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث اثنان ولصاحب السدس واحد فإذا باع أحدهم صارت الشفعة لشريكيه فإذا باع صاحب النصف نصيبه وهو ثلاثة رجعت إلى ثلاثة فيكون الملك أثلاثا بين صاحب الثلث وصاحب السدس وإذا باع صاحب الثلث والثلث اثنان فيبقى أربعة فيعود الملك أرباعا بين صاحب النصف وصاحب السدس وإذا باع صاحب السدس فيبقى خمسة فيعود الملك بين صاحب النصف والثلث أخماسا لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث اثنان فإذا عفا أحدهما فالثاني إما أن يأخذ الجميع أو يترك الجميع وهذا الاشتراك يسميه العلماء اشتراك تزاحم بمعنى أنه إذا طلب كل واحد منهم حقه زاحم الآخرين و إن أسقط حقه لزم الآخرين وإذا طلب كل واحد حقه ازدحموا فيه وإن عفا عاد إلى الآخرين

قوله "وإن اشترك اثنان حق واحد أو عكسه أو اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحدهما " الصورة الأولى أرض بين رجلين باع أحدهما نصيبه من الأرض على رجلين فللشفيع أن يأخذ نصيب أحد الرجلين دون الآخر لأنه في هذه الحال لا ضرر على واحد منهما إذ إن أحدهم أخذ حقه بالشفعة وهو حق للشريك والثاني بقي حقه كاملا فيكون الملك بين اثنين لأن الثالث خرج بأخذ نصيبه بالشفعة فإذا قال الذي لم يؤخذ نصيبه بالشفعة في هذا ضرر علي فيقال له ليس فيه ضرر عليك أنت لك الربع من الأصل والربع باقي ولم يتحدد لك شريك فالشريك الأول الذي لم يبع مازال موجودا

قوله "أو عكسه" مثال ذلك اشترى واحد حق اثنين إذا الأرض بين ثلاثة أطراف فباع اثنان حقهما على واحد فللشفيع أن يشفع في نصيب واحد من شركائه دون الثاني والتعدد الآن في البائع فله أن يأخذ بنصيب أحدهما

وقوله "أو اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحدهما"

مثال ذلك أرضان شركة لشخصين فباع أحد الشريكين نصيبه من الأرضين على واحد فللشفيع أن يأخذ أحد الشقصين لتعدد المعقود عليه والصورتان السابقتان تعدد فيهما المشتري أو البائع

قوله "وإن باع شقصا وسيفا أو تلف بعض المبيع" المراد بالشقص الذي فيه الشفعة والسيف مالا شفعة فيه فإذا باع في صفقة واحدة مافيه الشفعة وما لا شفعة فيه يقول "فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن" وأما الآخر الذي ليس فيه شفعة فلا يأخذه بالشفعة مثاله رجل صاحب معرض بيع عليه شقص و سيارة فللشفيع وهو الشريك في الأرض أن يأخذ بالشفعة في الأرض دون السيارة يسأل كم تساوي الأرض فقالوا تساوي مائتى ألف وكم تساوي السيارة فقالوا خمسين ألفا فالثمن الآن مائتين وخمسين ألفا فيقال له خذ الأرض بمائتين والسيارة للمشتري ولهذا قال "فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن" ولم يقل بحصته من القيمة لأن الشفعة يرجع فيها إلى الثمن لا إلى القيمة وقوله "أو تلف بعض المبيع فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن" بمعنى أنه باع أرضا وسيفا أو سيارة أو ما أشبه ذلك وتلف البعض فللشفيع أخذ الباقي بحصته من الثمن أو أرضا باعها وتلف بعضها كما لو أخذها من لا يمكن مطالبته فللشفيع أخذ الباقي بحصته من الثمن و مثل ذلك لو كانت الأرض عليها غراس ثم تلف الغراس قبل الأخذ بالشفعة فللشفيع الأخذ بالشفعة في الباقي بقسطه من الثمن مثال ذلك أرض بين زيد وعمرو وفيها غراس باع عمرو نصيبه من هذه الأرض ثم تلف الغراس فإذا قدرت الأرض بالغراس بخمسين ألف وبدون غراس بثلاثين ألف لأن بعض المبيع قد تلف فينقص من الثمن قدر قيمة التالف

قوله "ولا شفعة بشركة وقف" يعني لو كان الشريك نصيبه موقوفا وباع شريكه فإن الموقوف عليه لا يأخذ بالشفعة مثال ذلك أرض بين اثنين وهي على أحدهما وقف وعلى الثاني طلق وليست وقفا فباع صاحب النصيب الطلق يقول المؤلف ليس لشريكه الموقوف عليه أن يشفع لأن الملك في الوقف قاصر وغير تام لأن الموقوف عليه لا يستطيع أن يبيع الوقف أو يرهنه لأن ملكه غير تام لكن القول الراجح في هذه المسألة أن له الشفعة أي للشريك الذي نصيبه الوقف أن يأخذ بالشفعة لأن هذا الوقف لا يمكن أن يتخلص منه الموقوف عليه فالشركة في شركة الوقف أحق منها في شركة الطلق لأن تضرر الشريك في الوقف أشد من تضرر صاحب الملك الطلق

قوله "ولا غير ملك سابق" أي لابد أن يسبق ملك الشريك الشفيع ملك المشتري فلو اشترى اثنان حق واحد أو اشتريا أرضا صفقة واحدة فليس لأحدهما أن يشفع على الآخر لأن ملكهما ليس بسابق فهما ملكا الأرض صفقة واحدة فلا حق لأحدهما على الآخر إذا لابد أن يسبق ملك الشفيع ملك شفيعه

قوله "ولا الكافر على مسلم" يعني لو كانت أرض بين مسلم ونصراني فباع المسلم نصيبه على رجل مسلم فليس للنصراني في أن يشفع لأننا لو مكناه من الشفعة لسلطنا كافر على مسلم والإسلام يعلو ولايعلى عليه هذا على حد قول المصنف لكن يرجع هذا إلى نظر القاضي ويظهر هذا بالقرائن فإذا عرف القاضي أن الكافر سوف يفتخر بأخذ الشفعة من المسلم وأنه علا عليه فحينئذ لا يمكنه أما إذا علم أن الكافر مهادن وأنه لم يأخذ بالشفعة إلا لأنه مضطر إليها لمصلحة ملكه فإنه يمكنه منها

والله ولي التوفيق

1444/1/1 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر