ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 11 الاستسلام لشرع الله

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 1 ذو القعدة 1441هـ | عدد الزيارات: 537 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعدش

لا يجوز للمسلم أن يُحَرِّمَ ما أحل اللهُ ولا أن يَكره ما لم يكره اللهُ ولا أن يحل ما حرم الله لقول الله تعالى " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب " النحل 116 ، وقوله سبحانه " قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " الأعراف 33 .

وأخبر سبحانه في آية أخرى من سورة البقرة أن ذلك من أمر الشيطان حيث قال تعالى " يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " البقرة 168 ، 169 .

أما ترك المباحات تقرباً إلى الله سبحانه ليستعين بذلك على طاعة الله ورسوله من غير أن يحرم ذلك على نفسه أو على الناس كترك الملابس الرفيعة بعض الأحيان تواضعاً وحذراً من الكبر وكسراً للنفس عما يخشى عليها من الفخر والخيلاء والتكبر على الناس فهذا شيء لا بأس به ويؤجر عليه إن شاء الله .

لا ريب أن التعاون بين المسلمين في محاربة المذاهب الهدَّامة والدعوات المضللة والنشاط التنصيري والإباحي من أهم الواجبات ومن أعظم الجهاد في سبيل الله لقول الله عز وجل " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب " المائدة 2 ، وقولِه سبحانه " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " النحل 125 ، وقولِه تعالى " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " فصلت 33 .

وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليهود في خيبر وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام وأن يخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، وقال له صلى الله عليه وسلم : " فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْرِ النَّعَم " ، وفي صحيح مسلم عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من دلَّ على خير فله مثلُ أجر فاعله " ، وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " ، وروى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم "

فنسأل الله أن يوفق كل من يسعى لنصر الحق وظهوره على ما سواه .

نصيحتي للدعاة أن يخلصوا أعمالهم لله وحده وأن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يتفقوا على تحكيم الكتاب والسنة فيما شجر بينهم عملاً بقول الله تعالى " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " النساء 59 ، وقال الله عز وجل مخاطبا نبيه داود عليه الصلاة والسلام " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " ص 26 .

الواجب على جميع حكام المسلمين هو تطبيق شريعة الله بين عباده والثبات على ذلك والدعوة إليه والإلزام به لقول الله سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " المائدة 49 ، والواجب على أمته تنفيذ ذلك ، قال سبحانه " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " النساء 65 ، وقال تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " المائدة 44 ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " المائدة 45 ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " المائدة 47 .

فلا يجوز لحكام المسلمين أن يخالفوا هذه الآيات الكريمات بل عليهم أن يلتزموا بما دلت عليه ويلزموا شعوبهم به ولهم في ذلك العزة والكرامة والنصر والتأييد وحسن العاقبة والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة .

عبارة " السابقون رجال ونحن رجال " فيها إجمال واحتمال ، فإن أريد بها أن الواجب على المتأخرين أن يجتهدوا في نصر دين الله وتحكيم شريعته وتأييد ما عليه السلف الصالح من العقيدة والأخلاق فهذا حق ، والواجب على جميع المسلمين أن يسيروا على نهج سلفهم الصالح في اتباع الكتاب والسنة وتحكيمهما في كل شيء .

أما إن أريد بهذه العبارة أن المتأخرين لهم أن يجددوا في دين الله ما يخالف ما عليه سلف الأمة في العقيدة والأخلاق أو في الأحكام فهذا أمر منكر لا يجوز فعله لأنه مخالف لقول الله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " آل عمران 103 ، وقوله تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبعْ غيرَ سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " النساء 115 .

فليس للمتأخرين أن يخالفوا ما أجمع عليه العلماء قبلهم لأن الإجماع حق وهو أحد الأصول الثلاثة التي يجب الرجوع إليها ولا تجوز مخالفتها وهي الكتاب والسنة والإجماع .

أما التفقه في الدين والتماس حل المشكلات بالطرق الشرعية في المسائل التي جدَّت بين المسلمين ولم يتكلم فيها الأوائل فهذا حق وليس فيه مخالفة للسابقين لأن العلماء السابقين واللاحقين كلَّهم يوصون بتدبر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباط الأحكام منهما والاجتهاد فيما يعرض من المسائل المشكلة على ضوء الكتاب والسنة .

وبالله التوفيق

1 - 11 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر