الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
الإحسان للبنات ونحوهنَّ يكون بتربيتهنَّ التربية الإسلامية ، وتعليمهن وتنشئتهن على الحق والحرص على عفتهن وبُعدهن عن ما حرَّم الله من التبرج وغيره ، وهكذا تربيةُ الأخوات والأولاد الذكور إلى غير ذلك من وجوه الإحسان ، حتى يتربى الجميعُ على طاعة الله ورسوله ، والبعدِ عن محارم الله والقيام بحق الله سبحانه وتعالى ، وبذلك يُعلم أنه ليس المقصود مجرد الإحسان بالأكل والشرب والكسوة فقط ، بل المراد ما هو أعم من ذلك من الإحسان إليهن في عمل الدين والدنيا .
* يشترط اجتناب الكبائر للحصول على الوعد من الرب، جلَّ وعلا ، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم بالمغفرة أو الجنة أو النجاة من النار ، وهذه قاعدة عظيمة مجمع عليها عند أهل السنة وهي أن الحصول على هذا الوعد مقيد باجتناب الكبائر لأن الله سبحانه يقول إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا النساء 31
فدلَّ ذلك على أن من لم يجتنبها لا يحصل له هذا الجواب وذلك لأن كلمة " إن تجتنبوا " شرط ، والجواب " نكفر عنكم سيئاتكم " ، وهذه قاعدة أن الجواب مرتب على الشرط ، فمتى وجد الشرط وجد الجواب والجزاء ، وإلا فلا ، فعلى المؤمن أن يبتعد عن الكبائر ويحذرها وكذلك المؤمنة .
والكبائر هي المعاصي العظام التي جاء فيها الوعيد بلعنة أو غضب أو نار ، أو التي جاء فيها حدٌ في الدنيا مثلُ الزنا والسرقةِ والعقوقِ للوالدين وقطيعةِ الرحم والربا وأكلِ مال اليتيم والغيبةِ والنميمةِ والسبِّ والشتمِ إلى غير ذلك من الكبائر ، فالواجبُ الحذرُ منها غايةَ الحذر والتوبةُ مما سلف منها .
ومن هذا ما ورد في الحديث يقول عليه الصلاة والسلام " الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ. " خرجه مسلم في صحيحه ، فدلَّ ذلك على أن هذه العبادات العظيمة تكفر بها السيئات إن اجتنبت الكبائر.
ولما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة الوضوءَ الشرعي ذكر أنه" من توضأ فأحسن وضوءه غفر له ما تقدم من ذنبه " ما لم تصب المقتلة، وهي الكبيرة، (قلت: جاء الحديث في صحيح أبي داود للألباني بلفظ: "إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ مَن توضَّأَ فأحسنَ وضوءَه ثُمَّ صلَّى رَكعَتينِ لا يسهو فيهِما غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ".، وجاء في صحيح الترغيب "قال سلمانُ:حافِظُوا على هذه الصلواتِ الخمسِ، فإنَّهُنَّ كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الجِرَاحاتِ ، ما لمْ تُصِبِ المَقْتَلَةَ ،")
فينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يجتهد كل منهما في اكتساب الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحة مع الحذر من السيئات وعدم تعاطيها ولا سيما الكبائر فإن خطرها عظيم ما لم يعف الله عن صاحبها إذا كانت دون الشرك لقوله عز وجل " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء 48 .
* تبادل الزيارات بين المسلمات وغير المسلمات إذا كان للتوجيه والنصح والتعاون على البر والتقوى فهذا طيب مأمور به ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَجَبَتْ مَحبَّتي للمُتحابِّينَ فيَّ، والمُتجالِسينَ فيَّ، والمُتزاوِرينَ فيَّ، والمُتباذِلينَ فيَّ. " (قلت: أخرجه أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " وذكر منهم " رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه " رواه البخاري .
مثَّلَ بالرجلين والحكم يعمُّ الرجلين والمرأتين ، فإذا كانت الزيارة لمسلمة أو نصرانية أو غيرهما لقصد الدعوة إلى الله وتعليم الخير والإرشاد إلى الخير لا لقصد الطمع في الدنيا والتساهل بأمر الله فهذا كله طيب .
فإذا زارت المسلمة أختها في الله ونصحتها عن التبرج والسفور وعن التساهل بما حرَّم الله من سائر المعاصي أو زارت جارة لها نصرانية أو غير نصرانية كبوذية لتنصحها وتعلمها وترشدها فهذا شيء طيب ويدخل في قوله صلى الله عليه وسلم " الدِّينُ النَّصِيحَةُ . " رواه مسلم عن تميم الداري ، فإن قبلت فالحمد لله وإن لم تقبل تركت الزيارة التي لم يحصل منها فائدة .
أما الزيارة من أجل الدنيا أو اللعب أو الأحاديث الفارغة أو الأكل ونحو ذلك فهذه الزيارة لا تجوز للكافرات من النصارى أو غيرهن لأن هذا قد يجر الزائرة إلى فساد دينها وأخلاقها لأن الكفار أعداء لنا وبغضاء لنا فلا ينبغي أن نتخذهم بطانة ولا أصحاباً ، قال الله سبحانه في سورة الممتحنة " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرَءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده " الممتحنة 4 .
* ينبغي قطع الأشجار المؤذية من المقابر لأنها تؤذي الزوار وهكذا ما يوجد فيها من الشوك ينبغي إزالته إراحة للزوار من شره ، ولا يشرع لأحد أن يغرس على القبور شيئاً من الشجر أو الجريد لأن الله سبحانه لم يشرع ذلك
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما غرس جريدتين على قبرين عرفهما وأنهما معذبان ولم يغرس على قبور المدينة وقبور البقيع ، وهكذا الصحابة لم يفعلوا ذلك فعلم أن ذلك خاص بصاحبي القبرين المعذبين نسأل الله السلامة .
* ليس نبات الشجر والحشيش على القبور دليلاً على صلاح أصحابها ولا أصل لهذا ، بل ظن ذلك باطل ، والشجر ينبت على قبور الصالحين والطالحين ولا يختص بالصالحين ، فينبغي عدم الاغترار بقول من يزعم خلاف ذلك من المنحرفين وأصحابِ العقائد الباطلة .
* من كان لديه عاملان أحدهما مسلم والثاني كافر وهما متكافئان في العمل يجب عليه العدل بينهما ، ولكن يجب إبعاد الكافر ولو كان أنشط لأن المسلم أبرك ولو كان أقل كفاءة ، فما بالك إذا كان مساوياً ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بإخراج الكفار من هذه الجزيرة وأن لا يبقى فيها دينان
والله ولي التوفيق