الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد :
لا ريبَ أن مكافحةَ المُسْكراتِ والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله ، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك ، لأن مكافحتها في مصلحة الجميع ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع ، ومن قُتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حَسَن النية فهو من الشهداء ، ومن أعان على فضح هذه الأوكار وبيانها للمسؤولين فهو مأجور وبذلك يعتبر مجاهداً في سبيل الحق وفي مصلحة المسلمين ، وحماية مجتمعهم مما يضر بهم ، فنسأل الله أن يهدي أولئك المروجين لهذا البلاء وأن يردهم إلى رشدهم وأن يعيذهم من شرور أنفسهم ومكائد عدوهم الشيطان ، وأن يوفق المكافحين لهم لإصابة الحق وأن يعينهم على أداء واجبهم ويسدد خطاهم وينصرهم على حزب الشيطان.
* الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة والخطر العظيم ، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق ، أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها لحديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ركانة فصرعه عليه الصلاة والسلام ، ؛ ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة إلا ما حرَّمه الشرع المطهر ، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرارٌ بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفاً.
* الأحكام التي شرعها الله لعباده وبيَّنها في كتابه الكريم أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم كأحكام المواريث والصلوات الخمس والزكاة والصيام ونحو ذلك مما أوضحه الله لعباده وأجمعت عليه الأمة ليس لأحد الاعتراضُ عليها ولا تغييرُها ، لأنه تشريع محكم للأمة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده إلى قيام الساعة ، ومن ذلك تفضيلُ الذَكرِ على الأنثى من الأولاد وأولاد البنين والإخوة للأبوين وللأب ، لأن الله سبحانه قد أوضحه في كتابه الكريم وأجمع عليه علماءُ المسلمين ، فالواجبُ العملُ بذلك عن اعتقاد وإيمان ، ومن زعم أن الأصلح خلافه فهو كافر ، وهكذا من أجاز مخالفته يعتبر كافراً ، لأنه معترض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى إجماع الأمة ، وعلى ولي الأمر أن يستتيبه إن كان مسلماً ، فإن تاب وإلا وجب قتله كافراً مرتداً عن الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من بدَّل دينه فاقتلوه " رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من مضلات الفتن ومن مخالفة الشرع المطهر .
الحُكَّام بغير ما أنزل الله أقسامٌ ، تختلف أحكامُهم بحسب اعتقادهم وأعمالهم ، فمن حكم بغير ما أنزل الله يرى أن ذلك أحسن من شرع الله فهو كافر عند جميع المسلمين ، وهكذا من يُحكِّم القوانين الوضعية بدلاً من شرع الله ويرى أن ذلك جائز ، ولو قال : إن تحكيم الشريعة أفضل ، فهو كافر لكونه استحل ما حرَّم الله.
أما من حكم بغير ما أنزل الله اتباعاً للهوى أو لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه أو لأسباب أخرى وهو يعلم أنه عاصٍ لله بذلك وأن الواجب عليه تحكيم شرع الله فهذا يعتبر من أهل المعاصي والكبائر ويعتبر قد أتى كفراً أصغرَ وظلماً أصغرَ وفسقاً أصغرَ كما جاء هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن طاووس وجماعة من السلف الصالح وهو المعروف عند أهل العلم .
*المسلم غير معصوم وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما جاء بذلك الحديث الشريف ، لكن في الإمكان أن يعيش المسلم في مجتمع إسلامي محافظاً على دينه حسب طاقته عملاً بقول الله عز وجل " فاتقوا الله ما استطعتم " التغابن 16 ، ولا يَخْدُشُ في دينه ما قد يقع منه من الأخطاء التي لم يتعمدها أو ظنَّها باجتهاده وما لديه من معلومات ، أو بسؤاله بعضِ أهل العلم فأفتاه في ذلك ولم تكن فتواه مطابقة للشرع المطهر ، والخلاصة أن الواجب على المسلم أن يتقي الله ما استطاع وأن يحرم ما حرَّم الله عليه وأن يجتهد فيما فرض الله عليه ، وإذا وقعت منه زلةٌ وجب عليه المبادرة بالتوبة النصوح .
* الآيتان " إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء 48 ، و " وإني لغفَّار لمن تاب وءامن وعمل صالحاً ثم اهتدى " طه 82 ، ليس بينهما تعارض ، فالآية الأولى في حق من مات على الشرك ولم يتب فإنه لا يُغفر له ومأواه النار كما قال الله سبحانه " إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " المائدة 72 ، وقال عز وجل " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون " الأنعام 88 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
أما الآية الثانية وهو قوله سبحانه " وإني لغفَّار لمن تاب وءامن وعمل صالحاً ثم اهتدى " طه 82 ، فهي في حق التائبين وهكذا قولُه سبحانه " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " الزمر 53 ، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين .
وبالله التوفيق