الدرس 8 حكم تأويل الصفات

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 18 شوال 1441هـ | عدد الزيارات: 713 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

لا شك أن سفر الطلاب إلى الخارج فيه خطر عظيم سواء كانوا من أبناء المسلمين من الأساس أو من المسلمين الجدد ، فهذا الأمر فيه خطر عظيم لما فيه من الفتنة على الشباب ويجب الحذر منه وإذا كان لابد من السفر فليكونوا من الكبار الذين قد حصلوا العلم الكثير وتبصروا في دينهم وأن يكون معهم من يلاحظهم ويراقبهم ويلاحظ سلوكهم حتى لا يقعوا في ما يضرهم .

بالنسبة لثواب الصلاة في كل مساجد مكة المكرمة هل هو مثل ثواب الصلاة في الحرم أم لا؟

فهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم : منهم من رأى أن المضاعفة تختص بما حول الكعبة وهو المسجد الحرام ، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الفضل ومضاعفة الأجر يحصل لمن صلى في كل مساجد مكة والقول الثاني هو الصواب وإن كانت الصلاة في المسجد الحرام لها فضل أكبر لكثرة الجمع وقربه من الكعبة ومشاهدته إياها

قلت : الذي أميل إليه وهو رأي بعض العلماء ، وهو قول وسط بين القولين ، أن المضاعفة تكون في حدود الحرم ، أي الأحياء التابعة للحرم وتشمل : منى ومزدلفة ، وحي الغسَّالة ، وجزء كبير من حي العزيزية والشرائع أيضًا ، وهذه حدود الحرم ،وعلى ذلك فإن التنعيم والشميسي والجعرانة وعرفة خارجُ حدودِ الحرم الذي به يضاعف ثواب الصلاة .

تفسير قوله تعالى " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " القلم 42 ، فقد فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المراد يوم يجيء الرب يوم القيامة ويكشف لعباده المؤمنين عن ساقه وهي العلامة التي بينه وبينهم سبحانه وتعالى فإذا كشف عن ساقه عرفوه .

قلت : الحديث الذي أشار إليه شيخنا هذا نصُّه:" يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا " رواه البخاري

، وهذه من الصفات التي تليق بجلال الله وعظمته لا يشابهه فيها أحد جلَّ وعلا وهكذا سائر الصفات كالوجه واليدين والقدم والعين وغير ذلك من الصفات الثابتة بالنصوص التي وصف الله سبحانه بها نفسه في الكتاب العزيز وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم كلها صفات حق وكلها تليق بالله جل وعلا لا يشابهه فيها أحد سبحانه وتعالى كما قال تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " الشورى (11)، وقال تعالى " قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد " سورة الإخلاص

وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من أئمة العلم والهدى .

والتأويل في الصفات منكر لا يجوز بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جل وعلا بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل فالله تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " وهكذا قال أهل السنة والجماعة : أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف ولا تحريف ولا تأويل ، فيقال مثلا في قوله تعالى " الرحمن على العرش استوى " طه (5) ، إنه استواء يليق بجلال الله وعظمته لا يشبه استواءَ المخلوقين ومعناه عند أهل الحق : العلو والارتفاع .

وقوله تعالى " وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا " القمر 13 ، 14 ، وقوله في قصة موسى عليه السلام " ولتصنع على عيني " طه 39 ، فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه " تجري بأعيننا " أي أن الله سبحانه سيَّرها برعايته جل وعلا حتى استوت على الجودي ، وهكذا قوله في قصة موسى " ولتصنع على عيني " أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام .

ومثل ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " الطور 48 ، أي تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا ، وليس هذا كلُّهُ من التأويل بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب وأساليبها .

والحديث القدسي وهو قوله سبحانه وتعالى " من تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعاً ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " يُمرُ كما جاء عن الله سبحانه وتعالى من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى .

وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل والسمع والبصر والغضب والرضا والضحك والفرح وغيرُ ذلك من الصفات الثابتة كلِّها تُمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل عملاً بقول الله تعالى :" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "

أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهم وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة وتبرأوا منه وحذروا من أهله .

والله ولي التوفيق

17 - 10 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر