ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 4 توضيح معنى الشرك بالله 1

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 3 شهر رمضان 1441هـ | عدد الزيارات: 1083 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الشرك على اسمه هو تشريك غير الله مع الله في العبادة كأن يدعو الأصنام وغيرها ، أو يستغيث بها أو ينذر لها أو يصلي أو يصوم لها أو يذبح لها أو يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من عبد القادر أو العيداروس وغيرهم من الأموت فهذا كله يسمى شركا ، وكذلك إذا دعا الكواكب أو الجن أو استغاث بهم ، فإذا فعل شيئا من هذه العبادات مع الجمادات أو الأموات صار هذا شركا بالله عز وجل ، قال تعالى ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) الأنعام 88 ، وقال تعالى ( ولقد أُوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) الزمر 65 .

ومن أعرض عن الله بالكلية وجعل عبادته لغير الله فهذا أعظم كفرا وأشد شركا نسأل الله العافية .

وهكذا من ينكر وجود الله ويقول ليس هناك إله والحياة مادة كالملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا .

وقد يغلط بعض الناس لجهله فيسمِّي دعوة الأموات والاستغاثة بهم وسيلة ويظنها جائزة وهذا غلط عظيم لأن هذا العمل من أعظم الشرك بالله ، فقد ذمَّ الله المشركين على ذلك وأرسل الرسل وأنزل الكتب للتحذير من ذلك .

وأما الوسيلة المذكورة في قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) المائدة 35 ، فالمراد بها التقرب إليه سبحانه بطاعته فهذا هو معناها عند أهل العلم ، فالصلاة قربة إلى الله فهي وسيلة ، والذبح لله وسيلة كالأضاحي والهدي ، والصوم وسيلة والصدقات وسيلة وذكر الله وقراءة القرآن وسيلة وهذا هو معنى قوله تعالى ( اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) يعني ابتغوا القربة إليه بطاعته ، هكذا قال ابن كثير وابن جرير وغيرهما من أئمة التفسير .

أما ظن بعض الناس أن الوسيلة هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأولياء فهذا ظن باطل وهو اعتقاد المشركين الذين قال الله فيهم ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) يونس 18 ، فردَّ الله عليهم بقوله (قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) يونس 18 .

ووصيتي هي تقوى الله سبحانه وتعالى والإخلاص له والصدق معه والثبات على طريق جهاد الكفرة والملاحدة والدعوة وحمل لواء العقيدة السلفية ونشر العلم الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجتهاد أئمة السلف فإن هذا هو طريق الرسل وأتباع الرسل قال تعالى " قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " يوسف 108 ، وقال تعالى " وجاهدهم به جهاداً كبيرا " الفرقان 52 .

ولا شك أن من سلك هذا السبيل فسيجد من الإيذاء والتضييق من أعداء الله ما وجده رسل الله وأولياؤه وأئمة العلم والدين لكنَّ العاقبة للمتقين إذا تذرعوا بالصبر والثبات وإذا علم الله منهم حسن النية والإخلاص له وأن هدفهم هو إعلاء كلمته ونصر دينه وليس عرضاً من الدنيا ، قال تعالى " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين " القصص 83 ، وقال تعالى " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " يوسف 90 .

وقد يبتلي الله عباده بالفقر والحاجة كما قال تعالى " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " البقرة 155 ، 156 .

كما يبتليهم بالنعم وسعة الرزق ليختبر إيمانهم وشكرهم ، قال تعالى " إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم " التغابن 15 .

والعاقبة الحميدة في كل ذلك للمتقين الذين تكون أعمالهم وفق ما شرع الله كالصبر والاحتساب في حال الفقر وشكر الله على النعم وصرف المال في مصارفه في حال الغنى .

وقد نهى الله تعالى عن الإسراف وإعطاء الأموال للسفهاء لأنهم يصرفونها في غير مصارفها ، قال تعالى " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " النساء 5 ، وقال تعالى " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " الأعراف 31 ، وقال تعالى " ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " الإسراء 26 ، 27

والإسراف هو الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة ، والتبذير صرفها في غير وجهها وهذا من كفر النعمة وسبب في تحولها وزوالها فالعاقل من يزن الأمور بميزان الحاجة وإذا فضل شيء عن الحاجة بحث عمن هو في حاجته .

والشكر لله تعالى يكون بالقلب واللسان والعمل ، فمن شكر الله قولا وعملا زاده من فضله وأحسن له العاقبة ومن كفر بنعم الله ولم يصرفها في مصارفها فهو على خطر عظيم وقد توعده الله بالعذاب الشديد .

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه وأن يوفقنا وإياهم لشكر نعمه والاستعانة بها على طاعته ونفع عباده إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

2 - 9 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر