ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

قرآننا في مدارسنا

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 23 شوال 1436هـ | عدد الزيارات: 2068 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعدُ؛

إخوة الإيمان؛

اعلموا أن الله –تعالى- قد أكرمكم بإنزال القرآن على نبيكم، وخصكم بشرف أعظم كتبه" قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "المائدة: 15- 16

القرآن الكريم العصمة الواقية، والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو شفاء لما في الصدور، والحكم العدل عند مشتبهات الأمور، وهو الكلام الجزْل، وهو الفصل الذي ليس بالهزل، سراج لا يخبو ضياؤه، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه، وبحر لا يُدرك غورُه، بهرت بلاغتُه العقولَ، وظهرت فصاحته على كل مقول

كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَاُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أضَلَّهُ اللَّهُ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْألْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ القراء، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إذْ سَمِعَتْهُ أنْ قَالُوا" إِنَّا سَمِعْنَا قُرْانًا عَجَبًا "الجن:1.مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ اُجِرَ، وَمَنْ دَعَا إلَيْهِ هُدِيَ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

فسبحان من سلكه ينابيع في القلوب، وصرفه بأبدع معنى وأعذب أسلوب، لا يستقصي معانيه فهمُ الخلق، ولا يحيط بوصفه على الإطلاق ذو اللسان الطلق، فالسعيد من صرف همته إلى القرآن، ووقف فكره وعزمه على القرآن، والموفق من وفقه الله لتدبر القرآن، واصطفاه للتذكير بالقرآن

القرآن يملأ القلوب بشراً، ويبعث القرائح عبيراً ونشراً، يحيي القلوب بأوراده" يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ "غافر:15، فسماه روحاً لأنه يؤدي إلى حياة الأبد، ولولا الروح لمات الجسد، فجعل هذا الروح سببا للاقتدار، وعلما على الاعتبار.

عباد الله إن هذا القرآن أنزل ليكون منهج حياة هي خيرُ حياة وأسعدُها، ومرشداً إلى سبيلٍ هو أقومُ سبيل وأنجحُه، يهذّبُ النفوس ويزكيها، ويقوِّم الأخلاق ويعليها، يقودُ من اتبعه إلى سعادة الدارين، وينجيه من شقاوة الحياتين" فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً "طه: 123- 124

عباد الله كتاب ربنا بين أيدينا، نزَّهَه ربنا عن الخطأ والزلل " لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ "فصلت:42.، فهو الضياء والنور، وبه النجاة من الغرور، وفيه شفاء لما في الصدور، من تمسك به فقد هُدي، ومن عمل به فقد فاز جعل الله فيه الهداية لمن شاء من عباده المتقين" ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لّلْمُتَّقِينَ "البقرة: 2

فسبحان من أنزل أعظم كتاب في أعظمِ شهر في أعظم ليلة هي خير من ألف شهر وعد الله بحفظه من عبث العابثين، وتحريف الغالين"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـافِظُونَ"الحجر: 9، وإن من أسباب حفظه في القلوب: استدامة تلاوته، والمواظبة على دراسته، مع القيام بآدابه وشروطه، والمحافظة على ما فيه من الأعمال الباطنة، والآداب الظاهرة.

وعليكم أن تأتمروا بأمره، وتنتهوا بنهيه، وتصدِّقوا أخباره، وتوقنوا بما أخبر به من أمور الغيب، وتتخذوا من قصص الأمم الماضية المواعظ والعبر"كِتَـابٌ أَنزَلْنَـاهُ إِلَيْكَ مُبَـارَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألْبَـابِ"ص: 29، "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"محمد: 24

لقد كان سلفنا الصالح يعملون بالقرآن، ويقومون به علمًا وعملاً، يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه"يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا"آل عمران:7.، أضحوا سادة العالم، ومنار الهداية للحيارى، فقادوا الناس به إلى ربهم وجنته .

ولما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الفتن! قيل له: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب ربكم وسنة نبيكم.رواه مسلم.، وقال -عليه الصلاة والسلام-:" ترَكْتُ فيكم أَمرينِ؛ لَن تضلُّوا ما تمسَّكتُمْ بِهِما: كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ رسولِهِ "رواه مسلم.، فاعتصموا - عباد الله - بالكتاب والسنة، وعليكم بما فيهما من الأوامر والنواهي

يا مسلمون، يا أمم الأرض، يا من تنشدون السعادة وترجون النجاة، كتاب الله بين أيديكم، من أراد الهدى فبالقرآن"إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"الإسراء: 9، من أراد الغنى فبالقرآن، من أراد مضاعفة الأجور فبالقرآن، فـمن قرأ حرفًا من كتاب الله كان له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، ومن أراد الشفاعة فبالقرآن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " يأتي القرآن شفيعًا لأصحابه "رواه مسلم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي زين أولياءه بزينة الإيمان، وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله

معاشر المؤمنين قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران "رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها " رواه ابو داود وصححه الألباني ، وقال عليه الصلاة والسلام " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري.

لقد أدركت حكومتنا المباركة منذ زمن أهمية دراسة وتعليم القرآن الكريم في مدارس البنين والبنات، وبتوفيق من الله –تعالى- صدر قرار صائب من وزير التعليم -حفظه الله- بفتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم ملحقة بالمدارس الحكومية العامة، وهذا القرار قد أبهج القلوب، فهو قرار مسدد، يُذكر فيُشكر، ويدعى لأهله، ويشد على أيديهم، نصرة وحباً في القرآن

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله"إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56.اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وأحزاننا واجعله حجة لنا لا علينا ولا تجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيع حدوده واجعلنا من خدمت هذا القرآن، اللهم طهر اليمن من رجس الرافضة الحوثيين وبلاد الشام والعراق من نتن الرافضة المجوس وفلسطين من دنس اليهود، اللهم احفظ لنا ولاة أمرنا واجلعهم هداة مهتدين واجعلهم من خدمت هذا الدين، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين.

وصل اللهم على نبينا محمد.

1436-10-23 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي