التفجير في مسجد قوات الطوارئ بعسير

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 22 شوال 1436هـ | عدد الزيارات: 2069 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين أمر بالإصلاح ونهى عن اتباع سبيل المفسدين أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله،القوي الأمين بعثه الله بالهدى واليقين اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

يا أيها الذين آمنوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.آل عمران:102.

عباد الله

إن الجرأة على سفك الدماء والتساهل في أمرها إنما هو جرأة على محارم الله، واعتداء على حدود الله وتلاعب بشرع الله، وخروج على ولي الأمر وهذا في الحقيقة يعتبر جرمًا عظيمًا وخطرًا جسيمًا، وهو محرم في شرع الله تبارك وتعالى لما يترتب على الخروج على ولي الأمر من فساد كبير وشر عظيم ومن مقتضى البيعة النصح لولي الأمر لا الخروج عليه والدعاء له بالتوفيق وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وقد أمرنا الله تعالى بطاعة ولي الأمر وقرنها بطاعته وطاعة رسوله فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ.النساء:59.

عباد الله

إن المؤمن ليحزن أمام هذه الأحداث المؤلمة التي تتعرض لها هذه البلاد المباركة بين الفينة والأخرى من هؤلاء الخوارج الذين يستهدفون الساهرين على أمن هذا البلد من رجال الأمن وغيرهم ولا شك أن هذا العمل الذي قام به أحد أولئك المارقين من الدين في مسجد قوات الطوارئ الخاصة بعسير والذي استشهد فيه عدد من رجال أمننا لاشك أن هذا عمل إجرامي مقيت وعدوان فاحش لا يمت إلى الإسلام بصلة قام به أناس تجرّدوا من إنسانيتهم ومروءتهم وفطرتهم التي فطرهم الله عليها، بل وتجرّدوا من إيمانهم، وانتكست عقولهم قوم طبع الله على قلوبهم، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم البشعة،حتى تنكروا لهذه البلاد المباركة وما تقوم به من جهود خيّرة وأعمال مشكورة لخدمة الإسلام ونصرة قضايا المسلمين في كل مكان وهذا ينمّ في الواقع عن حقد دفين وسم زعاف يُكاد لهذا الدين ولهذه البلاد الطاهرة لما تنعم به من سلامة العقيدة وتحكيم الشريعة ووفاق ووئام وأمن واستقرار ورغد عيش واتحاد وجمع كلمة وتوحيد صف والتحام بين الراعي والرعية الأمر الذي أغاظ الأعداء وأثار حفيظتهم وجعلهم يخططون لإزالة ما تنعم به هذه البلاد ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل إيجاد الفرقة والخلاف بين صفوف مجتمعه يريدون زعزعة أمنه وانتهاك حرماته وإتلاف ممتلكاته وإزهاق الأنفس البريئة غير مبالين بأحكام الشريعة الإسلامية وآي القرآن الكريم.

إخواني

إن الواجب علينا إزاء هذه المحن وهذه الاعتداءات أن نقف صفًا واحدًا وصوتًا واحدًا، كلٌّ من قِبَله ومن موقعه ومن منبره ومن ميدانه ومن بيته وأن نعلن أننا أبرياء من هذه الأفعال الشنيعة، وأن الإسلام بريء من مرتكبيها، وأن نكون على بيّنة من خطط أعدائنا، وعلى حذر ويقظة تامة لما يُحاك لنا ولولاة امرنا وأن نلتفّ حول قيادتنا الرشيدة وعلمائنا الربانيين ودعاتنا الشرعيين وأن نكون عونًا للجميع في أداء أعمالهم بما يعود على بلادنا وأمتنا بالخير والصلاح، متعاونين على البر والتقوى.فالمجتمع المسلم لا يقوم إلاّ على هذه الركائز الثلاث الحاكم والعلماء وسائر الرعية والجميع اليوم مدعوون للتكاتف والتعاون مع رجال الأمن كلٌّ على حسب قدرته واستطاعته في الكشف عن هؤلاء المجرمين ومن يتستر عليهم ويقف وراءهم ويؤويهم ويتعاطف معهم، ولنتذكر دائمًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن الله من آوى محدثًا " رواه النسائي وصححه الألباني ، حتى تُكشف مخططاتهم ويُقضى على بذور الشر والفساد، وتسلم منها البلاد والعباد. فمتى تكاتف الجميع على الخير والصلاح سادت المحبة والمودة بينهم وصاروا صفًا واحدًا أمام جحافل الهدم والتدمير والتخريب امتثالاً لقول الله تبارك وتعالى " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " المائدة:2 ، ونقول للغلاة أهل الفكر الضال اهل الغلظة والجفاء متتبعي الأخطاء المستهزئين بالعلماء والمكفرين للحكام الخارجين على إجماع الأمة أن هذه الأحداث وهذه الجرائم مهما كانت جسامتها فلن تزيد الراعي والرعية إلاّ تماسكًا وترابطًا وتلاحمًا فتوبوا إلى الله توبة نصوحًا واعترفوا بأخطائكم وعودوا إلى رشدكم، اتقوا الله في أنفسكم اتقوا الله في دماء المسلمين، اتقوا الله في الأبرياء، واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله وفي ذممكم دماء لأرواح بريئة، فماذا أنتم قائلون؟! وما حجتكم إذا وقفتم بين يدي الله أحكم الحاكمين وأعدل العادلين حافية أقدامكم عارية أجسادكم، شاخصة أبصاركم؟وما موقفكم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تفجرون أنفسكم : " من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذّب به يوم القيامة "رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا ومن شرب سُمًا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا،ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردّى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا " رواه البخاري .

" وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ *وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ *وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ " البقرة:204-206.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين ولا عدوان الا على الظالمين والصلاة والسلام على امام المتقين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه اجمعين

أما بعد

عباد الله

اعلموا أن الناشئةُ في بكور حياتِها ديوانٌ مفتوح وسجلّ ناصع، تتلقَّى ما يرد عليها من حقٍّ أو باطل أرضٌ تُنبِت أيَّ غراس من صحيح العقائد وفاسدِها ومن مكارم الأخلاق ومساوئها، كلُّ مولود يولَد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أوينصّرانه أويمجّسانه

أيها الشباب

اعلموا وفقكم الله انكم هدفٌ للأعداء الذين تنوّعت وسائلهم ليوقِعوكم في شَرَكهم وليزجُّوا بكم في وَحل الفتن تارة ويلقوا عليكم الشبهاتِ تارةً أخرى ليردّوكم ويورِدوكم مستنقعَ الهوى والشّهوات ويغرِقوكم في الملهيات والمحرّمات فالله الله ايها الشباب لا تؤتى الأمة من قبلكم وعليكم بالتحصُّن بالعلم الشرعي فإنه يزيدُ الإيمان وينير البصيرةَ فالله القائل: " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " المجادلة:11.

أيها الشباب

ابتعدوا عن مواطن الفتَن والشّبهات والشهوات ومواقع التواصل الخبيثة التي تزين الفتن وتهيجها فإن من مدَّ عينيه إلى الفتن وأرخى سمعَه لها وقع فيها قال صلى الله عليه وسلم " سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ القَائِمِ وَالقَائِمُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ المَاشِي وَالمَاشِي فِيهَا خَيرٌ مِنَ السَّاعِي مَن تَشَرَّفَ لها تَستَشْرِفْهُ فَمَن وَجَدَ مَلجَأً أَو مَعَاذًا فَلْيَعُذْبِهِ "مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، واياكم ومرافقة رفقاء السوء فإنك في الآخرة تندم على مصاحبته قال جلّ وعلا : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً *يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً " الفرقان:27-28.

أيُّها الآباءُ

اعلموا أن الفجوةُ بين الوالد والولد عامِل من عوامل حَجب الابن عن إظهار مكنون صدره لوالدِه، فيبوح بما في سريرته إلى غير والده ممَّن قد لا يُحسن التربيةَ والتوجيه ولا يحمِل له المودَّة والشفقة وقربُ الأب من أبنائه والتبسُّط معهم في الحديث ومبادلة الرأيِ سلامةٌ للأبناء.

هذا وصلوا على البشير النذير اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين من الرافضة والخوارج والنصيريين والصوفيين والبوذيين والمنافقين وغيرهم من أعداء الملة والدين.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1436-10-22 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 7 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي