ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

التوحيد أقسامه ونواقضه

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 5 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 2382 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ولا عدوان إلا على الظالمين نحمده ونشكره على ما أولانا من نعم الدنيا والدين وحمده وشكره واجب على جميع المكلفين ومن أعظم نعمه علينا أن جعلنا مسلمين ولم يجعلنا يهوداً ولا نصارى ولا مشركين نسأله أن يمن علينا بالثبات على الإسلام والإيمان إلى أن يأتينا من ربنا اليقين ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحق المبين قسم عباده قسمين أصحاب يمين وأصحاب شمال عمر طريق الجنة بأوليائه المؤمنين وعمر طريق النار بأعدائه المجرمين وجعل الجنة مقراً لعباده الصالحين والنار مقراً لأعدائه الظالمين.

ونشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وقائد الغر المحجلين نبي بصر الله به من العمى وهدى به من الضلالة ونور به بعد الظلمة من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم.الأنعام:39.

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله فيما تفعلون وتذرون واعلموا أن أول واجب عليكم معرفة الله وما له عليكم من العبادة فهو الذي خلقكم ورزقكم كما يجب على كل مسلم معرفة دين الإسلام الذي شرعه الله لعباده ورضيه لهم ولن يقبل منهم دينا سواه كما على المسلم أن يعرف ما ينافيه أو ينافي كماله من الشرك والبدع والمعاصي والخرافات التي أحدثها أهل الجهالات فالشرك أعظم ذنب عصي الله به وهو الذنب الذي لا يُغفر لمن مات عليه والجنة على المشرك حرام قال تعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به"النساء:48.وقال تعالى:"ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار"المائدة:72، وقال تعالى "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى"البقرة:256. وهي لا إله إلا الله والطاغوت الذي يجب الكفر به كل معبود غير الله وكل متبوع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل مطاع في معصية الله ورؤوس الطواغيت الخمسة ابليس لعنه الله ومن عبد وهو راض ومن دعى الناس إلى عبادة نفسه ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ومن حكم بغير ما أنزل الله وما أكثر الطواغيت على ظهر المعمورة لا كثرهم الله.

وأصل دين الإسلام توحيد الله والأمر بطاعته والنهي عن معصيته والحب في الله والبغض في الله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وتكفير من أشرك بعبادته أو فعل ناقضا من نواقض الإسلام.

والتوحيد ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات فتوحيد الربوبية هو معرفة الله بأفعاله وأنه هو الخالق الرزاق المحيي المميت المدبر وهذا التوحيد قد أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام بل قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يفردوا الله بالعبادة الذي هو النوع الثاني وهو افراد الله بالعبادة فلا يدعى ولا يرجى ولا يذبح ولا يصلى إلا له وحده كما قال تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا.(النساء:36).

الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو إثبات ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله على ما يليق بجلاله إثباتاً بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل قال تعالى"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"الشورى:11. ومعنى لا إله إلا الله ألا يعبد إلا الله ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله بأنه عبد لا يعبد ورسول لا يكذب وأن يطاع فيما أمر ويصدق فيما أخبر ويجتنب فيما عنه نهى وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

ولا يخفى أن مفتاح الجنة لا إله إلا الله ومن كان آخر كلامه في الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ولكن ليس قولها باللسان كاف في تحقيقها فإن لها شروط وأركان لا تنفع قائلها إلا بشروطها وأركانها فاليهود والنصارى والمنافقين وعباد القبور يقولونها ولكن لا تنفعهم وهم يناقضونها بأقوالهم وأفعالهم واعتقادهم فكيف تنفع اليهود وهم يقولون عزير ابن الله والنصارى يقولون المسيح ابن الله وكفار العرب يقولون الملائكة بنات الله والمنافقون آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم وعباد القبور يقولون مرة يا الله ومرة يقولون يا ولي الله فأشركوا الأولياء مع الله وهذا أعظم ذنب عصي الله به ولذا لا يغفر لصاحبه، وأركان لا إله إلا الله ركنان: نفي وإثبات، فقول: لا إله: نافياً كل معبود غير الله لا نبياً ولا ولياً ولا غيرهما، وقول: إلا الله: مثبتاً العبادة لله وحده، فهو الإله الحق وما سواه باطل وكفار العرب أبوا عن قول: لا إله إلا الله؛ لأنهم يعرفون أنها تبطل جميع معبوداتهم.

وشروط (لا إله إلا الله) التي لا تصح ولا تنفع قائلها إلا بها سبعة:

الأول: العلم بمعناها المنافي للجهل

الثاني: اليقين المنافي للشك لأن الشك كفر ونفاق

الثالث: الإخلاص المنافي للشرك

الرابع: الصدق المنافي للكذب

الخامس: القبول لها ولما دلت عليه من الإخلاص

السادس: الانقياد المنافي لضده وهو عدم الانقياد

السابع: المحبة لها ولما دلت عليه وحب من عمل بها وبغض من عاداها وأهلها فمن قالها بلسانه وناقضها بأقواله وأفعاله لم تنفعه قال تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون" (البقرة:217)

فالشرك إذا دخل في العبادة أفسدها كالحدث إذا دخل في الطهارة.

اللهم بارك لنا في القرآن العظيم واعصمنا عن أعمال الجحيم وثبتنا على صراطك المستقيم واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بذكره تطمئن القلوب وبرحمته تغفر الذنوب نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره إنه هو التواب على من يتوب ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له علام الغيوب، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه أحسن الناس عبادة وأسلسهم قلوبا.

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله واشكروه على نعمة الإسلام فيا لها من نعمة لو عرف قدرها فإن من مات مسلماً دخل الجنة ومن مات مشركاً دخل النار"إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين." (آل عمران:85).

والإيمان له ستة أركان هي: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فمن قام بهذه الأركان بتصديق جازم لا يدخله شك فهو مؤمن، ونواقض الإسلام عشرة:

الأول: الشرك في عبادة الله فإن الله لا يغفر أن يشرك به ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ومنه الذبح لغير الله كمن ذبح للجن أو للقبر أو الولي

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم

الثالث: من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو صحح مذهبهم

الرابع: أن من اعتقد أن هدي غير النبي أحسن من هديه أو حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه

الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ولو عمل به كفر

السادس: من استهزأ بدين الرسول أو ثوابه أو عقابه قال تعالى:" قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم." (التوبة:65).

السابع: السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر

الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين قال تعالى:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم." المائدة:51.

التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم

العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به

وهذه النواقض من أخطر ما يقع فيه المسلم إما جهلاً أو تجاهلاً

فعلى المسلم أن يكون حذراً منها حريصاً على حفظ دينه، اللهم توفنا مسلمين غير مبدلين ولا منحرفين اللهم "يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وأعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين واجعلهم هداة مهتدين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر اللهم ابرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة الدجال "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار." (البقرة:201). واذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.(العنكبوت:45).

وصلى الله على نبينا محمد

1435-4-5 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي