الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لمَّا كانت محبةُ الله سبحانه هي أصلُ دين الإسلام ، الذي يدور عليه قطب رحاها فبكمالها يكمل الإيمان وبنقصانها ينقص توحيد الإنسان ، فأراد الشيخ في هذا الباب أن يبين أن المحبة نوع من أنواع العبادة ، وأن من أحب مع الله غيره فقد أشرك بالله الشرك الأكبر المخرج من الملة .
وأصل الأعمال كلها هو المحبة فالإنسان لا يعمل إلا لما يحب ، لجلب منفعة، أو لدفع مضرة، فإذا عمل شيئا ؛ فلأنه يحبه إما، لذاته كالطعام، أو لغيره كالدواء ، وعبادة الله مبنية على المحبة، بل هي حقيقة العبادة إذ لو تعبدت دون محبة صارت عبادتك قشرا لا روح فيها، فإذا كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك ولهذا لما أحب المشركون الأصنام توصلت بهم هذه المحبة إلى أن عبدوها من دون الله، أو مع الله.
والمحبة قسمان: مشتركة وخاصة، فالمشتركة ثلاثة أنواع:
الأول: محبة طبيعية كمحبة الظمآن للماء.
الثاني: محبة رحمة وإشفاق كمحبة الوالد لولده الطفل.
الثالث: محبة أنس وإلف،كمحبة الإخوة بعضهم بعضا.
القسم الثاني: المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله، وهي محبة عبودية المستلزمة للذل والخضوع.
قول المصنف ،رحمه الله، : باب قول الله تعالى :" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ " (البقرة:165)
يبين الله تعالى أن بعض الناس يتخذ نظراء من دون الله من الأصنام والأشجار والأنبياء والملائكة والجن ،وغير ذلك يحبونهم محبة العبادة كحب المؤمنين لله، فهؤلاء المشركون ضلوا في هذا السبيل حيث أحبوا مع الله غيره محبة عبادة فخضعوا لهم وعبدوهم بالنذور والذبائح والدعاء، والواجب عليهم أن تكون المحبة لله خاصة.
مناسبة الآية لباب المحبة :
منع الإنسان أن يحب أحدا كمحبة الله ؛ لأن هذا من الشرك الأكبر، المخرج عن الملة، وهذا يوجـد في بعض العباد، وبعض الخدم; فبعض العباد يعظمون ويحبون بعض القبور أو الأولياء كمحبة الله أو أشد، وكذلك بعض الخدم تجدهم يحبون هؤلاء الرؤساء أكثر مما يحبون الله، ويعظمونهم أكثر مما يعظمون الله، قال تعالى:" وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً " ، (الأحزاب آية 689)
وبالله التوفيق
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/4/14 هـ