الدرس 107:الأضحية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 1903 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا تجزئ العوراء البين عورها ولا العجفاء التي لا تنقي ولا العرجاء البين ضلعها ولا المريضة البين مرضها هذه الأربع نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأشرنا في الدرس السابق إلى العوراء والعجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها فالمخ مع الهزال يزول ويبقى داخل العظم أحمر فهذه لا تجزئ والهزيلة التي فيها مخ تجزئ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " الهزيلة التي لا تنقي " أي ليس فيها مخ

الثالثة التي لا تجزئ العرجاء البين ضلعها فالنبي صلى الله عليه وسلم اشترط أن يكون عرجها بيناً وما هو الضابط للعرج البين ؟

قال العلماء إذا كانت لا تطيق المشي مع الصحيحة فهذه عرجها بين أما إذا كانت تعرج لكنها تمشي مع الصحيحة فهذه ليس عرجها بينا لكن كلما كملت كانت أحسن

والحكمة من ذلك أن البهيمة إذا كانت على هذا الصفة فإنها قد تتخلف عن البهائم في المرعى ولا تأكل ما يكفيها ويلزم من ذلك أن تكون هزيلة في الغالب

وأما العاجزة عن المشي لعاهة فهي أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ضلعها والعاجزة عن المشي لسمن فصرح المالكية بأنها تجزئ لأنه لا عاهة فيها ولا نقص في لحمها

ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين فهي أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ضلعها

والهتماء التي ذهبت ثناياها من أصلها وذلك أنه إذا ذهبت ثناياها من أصلها تشوهت خلقتها من وجه وصارت غير مستطيعة لخرط الورق من الشجر لأنها ليس لها ثنايا فلا تكاد تأخذ حظها من الرعي فهي تجزئ لكن كلما كانت أكمل كانت أفضل

قال شيخ الإسلام كما في الاختيارات ص 120 وتجزئ الهتماء التي سقط بعض أسنانها في أصح الوجهين . أ.هـ

ووجه إجزائها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا قال أربع وأشار بيده وليست الهتماء من الأربع

والجداء تجزئ وهي التي نشف ضرعها أي مع الكبر صار لا يدر فضرعها ناشف قال ابن عثيمين رحمه الله في رسالة الأضحية ص 67 وإن توقف ضرعها عن الدر فنشف لبنها أجزأت بلا كراهة

لأنه لا نقص في لحمها ولا خلقتها واللبن غير مقصود في الأضحية

والمريضة لا تجزئ ولكن هذا الإطلاق مقيد بما إذا كان المرض بينا وبيان المرض إما بآثاره وإما بحاله

أما آثاره بأن تظهر على البهيمة آثار المرض من الخمول والتعب السريع وقلة شهوة الأكل وما أشبه ذلك

وأما الحال فإن يكون المرض من الأمراض البينة كالطاعون وشبهه وإن كانت نشيطة فإنها لا تجزئ ولهذا قال علماء الحنابلة إن الجرب مرض مع أن الجرب لا يؤثر تأثيراً بيناً على البهيمة ولا سيما إذا كان يسيراً لكنهم قالوا إنه مرض بين ثم إنه مفسد للحم فلا يجزئ وعدم إجزاء المريضة للنص والمعنى فالنص قول الرسول صلى الله عليه وسلم " المريضة البين مرضها " انظر كتاب الإنصاف 4/78

والمعنى لأن لحم المريضة يخشى على الإنسان من أكله أن يتأثر به

مسألة: وأما المبشومة وذلك أن بعض الغنم إذا أكل التمر انبشم أي انتفخ بطنه ولم تخرج منه الريح ولا يعلم أنه سلم من الموت إلا إذا ثلط أي إذا تبرز فالمبشومة مرضها بين ما لم تثلط

مسألة: من أخذها الطلق هل مرضها بين ؟

الظاهر أنه ليس بين لأن هذا الشيء معتاد إلا أن تصل إلى حالة خطرة كأن تتعسر الولادة ويخشى من موتها فحينئذ تلحق بذات البين

مسألة: المغمى عليها بأن سقطت من أعلى فأغمي عليها فما دامت في إغمائها لا تجزئ لأن مرضها بين

قال ابن عثيمين رحمه الله في رسالة الأضحية ص 63 ما أصابها سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها

والعضباء وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها طولاً أو عرضاً تجزئ لكنها مكروهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نستشرف العين والأذن وألا نضحي بالمقابلة ولا المدابرة ولا الخرقاء قال الترمذي حديث حسن صحيح ونصه فيما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وألا نضحي بمقابلة ولا بمدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء أي خرقت أذنها

والمقابلة هي التي شقت أذنها من الأمام عرضاً

والمدابرة هي التي شقت أذنها من الخلف عرضاَ

والشرقاء هي التي شقت أذنها طولاً

وتجزئى البتراء خلقة أو قطعاً والبتراء هي التي ليس لها ذنب خلقاً أو قطعاً والبتراء من الإبل والبقر والمعز وهي التي قطع ذنبها فتكره التضحية بها قياساً على العضباء لأن الذنب مصلحة كبيرة للحيوان ودفعاً لما يؤذيه وجمالاً لمؤخره قال ذلك ابن عثيمين رحمه الله ص 66 في رسالة الأضحية

وقال الفقهاء إن مقطوعة الإلية لا تجزئ لأن الإلية ذات قيمة ومرادة مقصودة وعلى هذا فالضأن إذا قطعت إليته لا يجزئ لكن هنا إشكال وهو أن بعض أهل الخبرة يقولون إن قطع الإلية من مصلح البهيمة لأن الشحم الذي يتكدس في الإلية إذا لم يكن لها إلية عاد إلى الظهر وانتفعت به البهيمة مع خفة البهيمة وعدم تعرضها للتعب لأن بعض الضأن تكبر إليتها جداً حتى تنفعص كما يقول أهل الخبرة فتدمر رجليها من ثقل هذا الشحم

ولكن ظاهر كلام الفقهاء أنها لا تجزئ مطلقاً أعني مقطوعة الإلية والاسترالي ليس له إليه له ذيل كذيل البقر فليس فيه شيء فيشبه ما قاله الفقهاء من البتراء أنها تجزئ

وقد شاهدنا ذلك من وجهين

الوجه الأول أنه أحياناً يرد ما لم يقطع ذيله من الاستراليات

الوجه الثاني أحياناً يكون فيه أنثى استراليه فينزل عليها الذكر من الضأن هنا وتلد ولدا ليس له إليه وإنما له ذيل فقط وهذا يدل على أنه ليس لها إلية وإنما لها ذيل

وتجزئ الصمعاء وهي صغيرة الأذن والجماء وهي التي لم يخلق لها قرن

وأيهما أفضل ذات القرن أو الجماء

الجواب: ذات القرن ولهذا جاء في الحديث" بأن من تقدم إلى الجمعة كأنما قرب كبشاً أقرن " أخرجه البخاري

ولو لا أن وصف القرن مطلوب لما وصف الكبش بأنه أقرن

وما قطعت خصيتاه فيجزئ مع أنه ناقص الخلقة وهذا هو المذهب . انظر المقنع مع الإنصاف 4/80

والعلة في ذلك أن ذهاب الخصيتين من مصلحة البهيمة لأنه أطيب للحم وينبغي أن نقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام

القسم الأول: ما دلت السنة على عدم إجزائه وهي أربع العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والعجفاء التي لا تنقي فهذه منصوص على عدم إجزائها ويقاس عليها ما كان مثلها أو أولى منها

وأما ما كان مثلثها فإنه يقاس عليها قياس مساواة وأما ما كان أولى منها فيقاس عليها قياس أولوية

القسم الثاني: ما ورد النهي عنه دون عدم الإجزاء وهو ما في أذنه أو قرنه عيب من خرق أو شق طولاً أو شق عرضاَ أو قطع فهذه ورد النهي عنها في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولكن هذا النهي يحمل على الكراهة لوجود الحديث الحاصر لعدم المجزئ بأربعة أصناف ويلحق بذلك مقطوعة الذنب من الغنم والبقر والإبل والضأن الأسترالي ويطلق عليها البتراء

القسم الثالث: عيوب لم يرد النهي عنها ولكنها تنافي كمال السلامة فهذه لا أثر لها ولا تكره التضحية بها ولا تحرم وإن كانت قد تعد عند الناس عيباً مثل العوراء التي عورها غير بين ومثل العرجاء عرجاً يسيراً فهذه عيوب لكنها لا تمنع الإجزاء ولا توجب الكراهة لعدم وجود الدليل والأًصل البراءة

والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى هذه هي السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويدل لهذا قوله تعالى" فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها " سورة الحج آية 36 ، وجبت يعني سقطت على الأرض وتكون اليسرى هي المعقولة لأن الذابح سوف يأتيها من الجهة اليمنى وسيمسك الحربة بيده اليمنى ولو عقلت اليد اليمنى لضربت الناحر بركبتها إذا أحست ويكون عليه خطر لكن إذا كانت المعقولة هي اليسرى واليمنى قائمة فإنها لا تستطيع أن تتحرك باليد اليمنى وإذا نحرها فهي سوف تسقط على الجانب الأيسر التي بها اليد المعقولة

هذه هي السنة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها فقال ابعثها قياماً مقيده سنة محمد صلى الله عليه وسلم

لكن إذا كان الإنسان لا يستطيع ذلك كما هو المعروف عندنا الآن في بلادنا فإنهم يبركونها ويعقلون يديها ورجليها ويلوون رقبتها ويشدونها بحبل على ظهرها ثم ينحرونها

فنقول إذا لم يستطع الإنسان أن يفعل السنة وخاف على نفسه أو على البهيمة أن تموت فإنه لا حرج أن يعقلها وينحرها باركة فيطعنها في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر وهي قريبة من أن تكون بين يديها وهي معروفة فإذا طعنها جرها من أجل أن يقطع الحلقوم والمري

والذبح يكون في أعلى الرقبة لا في أسفلها والنحر يكون في أسفلها ولهذا موت الإبل أسرع من موت الضأن والمعز والبقر وذلك لأن النحر قريب من القلب فينفجر الدم من القلب بسرعة ولو أنها ذبحت من عند الرأس لكانت تتألم من الذبح لأن الدم سيكون مجراه ما بين القلب إلى محل الذبح بعيدا فيتأخر موتها فكان من الحكمة أن تنحر ويخرج الدم بسرعة ثم تموت

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-7 -3

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي