ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 108: الأضحية 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 1921 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

غير الإبل السنة أن تذبح من عند الرأس ويكون على الجنب الأيسر لأنه أيسر للذابح إذ أن الذابح سوف يذبح باليد اليمنى فيضجعها على الجنب الأيسر ثم يضع رجله على رقبتها ثم يمسك برأسها ويذبح لحديث أنس رضي الله عنه قال" ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين فرأيته واضعاً قدمه على صفاحها يسمي ويكبر فذبحها بيده " أخرجه البخاري

وإذا كان الرجل لا يعمل باليد اليمنى وهو الذي يسمي أعسم فإنه يضجعها على الجنب الأيمن لأن ذلك أسهل له ثم إن الأفضل أن تبقي قوائمها مطلقة أي اليدين والرجلين وذلك لوجهين

الوجه الأول: أنه أريح للبهيمة أن تكون طليقة تتحرك

الوجه الثاني: أنه أشد في إفراغ الدم من البدن

لأنه مع الحركة يخرج الدم كله ومعلوم أن تفريغ الدم أطيب للحم وأحسن وأكمل ومن ثم صارت الميتة حراماً لأن الدم يحتقن بها فيفسد اللحم

ويقول باسم الله والله أكبر أي يقول باسم الله وجوباً لأن من شرط حل الذبيحة أو النحيره التسمية والله أكبر استحباباً

شروط الذكاة

الشرط الأول: التسمية وتسقط مع النسيان هذا هو المشهور عند فقهاء الحنابلة . انظر المغني والمقنع

الثاني: إنهار الدم يعني تفجيره حتى يكون كالنهر يندفع بشدة وهذا لا يتحقق إلا بقطع الودجين ويعرفان عند الناس بالشرايين وأناس يسمونها الأوراد وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم معروفان ولا يمكن إنهار الدم إلا بهذا والدليل على ذلك

أن النبي صلى الله صلى عليه وسلم قال" ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا " أخرجه البخاري ومسلم وهذا هو القول الصحيح أنه إذا قطع الودجان حلت البهيمة

وفي الرقبة أربعة أشياء إذا قطعت كلها فهذا تمام الذبح

الأول والثاني: الودجان

الثالث:المريء وهو مجرى الطعام والشراب

الرابع: الحلقوم وهو مجرى النفس ولهذا يكون دائماً مفتوحاً لتسهيل النفس وجعله الله عز وجل عظاماً لينة لتسهيل حركة الرقبة

الشرط الثالث: لا بد أيضاً أن يكون الذابح عاقلاً فإن كان مجنوناً فإنه لا تصح تذكيته ولو سمى لأنه لا قصد له

الشرط الرابع: أن يكون مسلماً أو كتابياً فالمسلم ظاهر والكتابي لقوله تعالى" وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " سورة المائدة آية 5

قال ابن عباس رضي الله عنهما " طعامهم ذبائحهم " وهو متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل مما ذبح اليهود

ويشترط أن يكون ذبح الكتابي كذبح المسلمين وهذا هو قول الجمهور أنه لا بد أن ينهر الدم أعني ذبح الكتابي

كما أنه لا بد من أن ينهر الدم في ذبح المسلم

ولا يجب علينا أن نعلم أن الكتابي ذبحه على هذا الوجه إذ لا يشترط ذلك

ولا يجب أن نعلم أنه سمي عليه والدليل على هذا ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها " أن قوماً سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ، قال " سموا أنتم وكلوا " قالت وكانوا حديثي عهد بالكفر " ومن هو حديث عهد بالكفر يشك في كونه سمي لأنه لم يعرف أحكام الإٍسلام ومع ذلك قال " سموا أنتم وكلوا " أخرجه البخاري

أي سموا على الأكل لا على الذبح لأنه لا يمكن التسمية ولأن الإنسان لا يسأل إلا عن فعل نفسه وفعلكم أنتم هو الأكل فسموا عليه أما فعل غيركم فليس عليكم منه شيء قال ابن تيمية رحمه الله في هذا الحديث بأن الفعل إذا صدر من أهله فالأصل فيه الصحة والسلامة

الشرط الخامس: أن لا يكون الحيوان محرماً لحق الله كالصيد في الحرم أو الصيد في الإحرام فلو ذبح الإنسان أو صاد صيداً في الحرم فإنه حرام حتى لو سمى وأنهر الدم ولو صاد صيداً أو ذبحه وهو محرم فهو حرام ولو سمى وأنهر الدم لأنه محرم لحق الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للصعب بن جثامة قال " إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم " أخرجه البخاري ومسلم

وهذا يتبين بالتعبير القرآني " يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " سورة المائدة آية 95 ، ولم يقل لا تصيدوا الصيد فدل هذا على أن صيد الصيد والإنسان محرم يعتبر قتلاً لا صيدا والقتل لا تحل به المقتولة

ويقول بسم الله والله أكبر

لو قال بسم الرحمن أو بسم فاطر السموات والأرض أو بسم الخلاق العليم فإنه يقوم مقام بسم الله قال بعض أهل العلم يقوم إذا أضاف الاسم إلى ما لا يصح إلا لله فهو كما لو أضافه إلى لفظ الجلالة ولا فرق لأنه يصدق أنه ذكر اسم الله ولو قال باسم الرؤف الرحيم لا يجزئ لأن هذا الوصف يصدق لغير الله قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم " بالمؤمنين رؤوف رحيم " سورة التوبة آية 182

ولو قال باسمك اللهم أذبح هذه الذبيحة يجزئ لأن هذا مثل قول بسم الله

ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام والتعليل

أولاً: أنه لم يرد والتعبد لله بما لم يرد بدعة

ثانياً: أنه قد يتخذ وسيلة فيما بعد إلى أن ذكر اسم الرسول على الذبيحة ولهذا كره العلماء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الذبيحة ويقول " اللهم هذا منك ولك" المشار إليه المذبوح أو المنحور منك " عطاءً ورزقاً" ، "لك" تعبداً وشرعاً وإخلاصاً هو من الله وهو الذي من به وهو الذي أمرنا أن نتعبد له بنحره أو ذبحه فيكون الفضل لله تعالى قدراً والفضل لله شرعاً

ولولا أن الله تعالى شرع لنا أن نتقرب إليه بذبح هذا الحيوان أو نحره لكان ذبحه أو نحره بدعة ولهذا نقول إن الله أنعم علينا بنعمتين نعمة شرعية ونعمة قدرية

أما القدرية فكونه يسره لنا حتى إن الرجل يقود هذا البعير الكبير لينحره وينقاد له ، قال تعالى" وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون " ويكون الإنسان في هذا الحال متذكراً لنعمة الله تعالى متقرباً إليه بالتعبد له وفي هذا الحال ينبغي أيضاً أن يقول " اللهم تقبل مني اللهم هذا عني وعن أهل بيتي" قال شيخ الإسلام كما في الاختيارات ص 120 وإذا ذبح قال اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك

وتكون تسمية المضحي له عند الذبح والأفضل أن يتولى ذبحها صاحبها والمهم من ذلك هو نحرها فإذا ذبحها وأعطى آخر ليكمل سلخها وتوزيعها فقد حصل على السنة وهذا مشروط بما إذا كان قادراً أما إن كان عاجزاً أو جاهلاً بما يجب في الذبح فلا ينبغي أن يخاطر ويذبح بل يوكل غيره يوكل مسلماً يذبح هذه الأضحية ويشهدها أي صاحبها فيكون حاضراً عنده والذي يسمي الذابح لأنه فعله فهو يسمي على فعله ولا يصح أن يوكل كتابياً مع أن ذبح الكتابي حلال لكن لما كان ذبح هذه الذبيحة أو نحر النحيرة عبادة لم يصح أن يوكل فيه كتابياً وذلك لأن الكتابي ليس من أهل العبادة والقربة لأنه كافر لا تقبل عبادته أما لو وكل كتابياً ليذبح له ذبيحة أو ينحر له نحيره للأكل فذلك لا بأس به فالتضحية أو الهدي لا يجوز من غير المسلم وذلك لأنه ليس من أهل القربة فإذا كان لا يصح منه لنفسه فلا يصح منه لغيره

والوقت الجائز فيه الذبح يوم العيد بعد الصلاة أو قدر زمن الصلاة لمن ليس عندهم صلاة عيد كأهل البوادي والمسافرين ونحوهم فالذبح قبل الصلاة لا يجزئ لأنه قبل الوقت فكما أنه لو صلى الظهر قبل زوال الشمس لا تجزئه عن صلاة الظهر كذلك لو ضحى قبل الصلاة فإنه لا تجزئه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث العام الذي يعتبر قاعدة عامة في الشريعة " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وثبت في هذه المسألة بخصوصها أن من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء" ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأعلنه في خطبة عيد الأضحى

وقد أورد عليه أبو بردة رضي الله عنه قصة وقعت له وهي أنه أحب أن يأكل أهله اللحم قبل أن يصلي في أول النهار فذبح أضحيته قبل أن يصلي فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له " شاتك شاة لحم" مع أن الرجل جاهل لكن الأوامر لا يعذر فيها بالجهل بخلاف النواهي

فالنواهي إذا فعلها الإنسان جاهلاً عذر بجهله أما الأوامر فلا

ولهذا لم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم بل قال " شاتك شاة لحم " وقال من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى" أخرجه البخاري

فقال أبو بردة إن عندي عناقاً أحب إلي من شاتين والعناق الصغيرة من المعز لها نحو أربعة أشهر فهل أذبحها وتجزئ عني قال نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك ، فهذا هو الدليل على أنه لا بد أن يكون الذبح بعد صلاة العيد فإذا كان في مكان ليس فيه صلاة عيد فليعتبر ذلك بمقدار صلاة العيد ولا يعتبر ما حوله أي لو فرض أنه في بادية قريبة من الخرج مثلاً فليس المعتبر صلاة أهل الخرج بل المعتبر قدر الصلاة فإذا كانت صلاة العيد تحل بعد ارتفاع الشمس قيد رمح

وعيد الأضحى يسن فيه التبكير في الصلاة فيقدر بعد ارتفاع الشمس قدر رمح نحو ربع ساعة تقام فيها الصلاة وإذا كان ارتفاع الشمس قدر رمح مقداره ثلث ساعة أو ربع ساعة فيكون ابتداء الذبح بعد طلوع الشمس بنحو نصف ساعة أو خمس وثلاثين دقيقة

وأيام الذبح أربعة ، يوم العيد وثلاثة أيام بعده والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " رواه مسلم فجعل حكمها واحد أنها أيام أكل لما يذبح فيها وشرب وذكر لله عز وجل

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -3

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي