ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

أهمية المساجد

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1446هـ | عدد الزيارات: 303 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين ، صلى الله عليه وعلى آله الغر الميامين ، ورضي الله عن الصحابة أجمعين.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } (آل عمران 102)

أما بعد؛

اعلموا عباد الله أن للمساجد دورًا عظيمًا في الإسلام، إنها بيوتُ الله تعالى، وهي أشرف البقاع على وجه البسيطة؛ حيث يُذكَر فيها اسم الله جل وعلا ليلَ نهارَ، ويحضرها رجال لا يغفُلون عن طاعته سبحانه ؛ ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ[النور: 36، 37]

أيها المسلمون: المساجد تغيّر أحوال الإنسان من شقاء إلى سعادة، ومن ضِيق إلى رخاء، تعالج القلوب؛ فتجعلها رقيقةً ومجلوّةً من صدأ الذنوب والآثام التي يرتكبها الإنسان، تنزل عليها الرحمات، وترفُّ عليها الملائكة بأجنحتها، وهي أماكن المنافسة في الخيرات.

وهي خيرُ الأماكن لتربية المسلمين؛ فإنها تُلقي على الحضور درس الأخوّة والمساواة، يحضر فيها المسلمون، ويجتمعون في مكان واحد، ويقومون في صف واحد، ويصلُّون خلف إمام واحد؛ فلا فرق بين العبد والسيد، والملِك والخادم، والغني والفقير، والشيخ العالم والرجل العادي، كلهم سواء أمام الله جل وعلا، لا يفضل أحدٌ منهم على الآخر إلا بالتقوى، تُعلِّم الناسَ أن يعيشوا سويًّا متكاتفين ومتضامنين، ولا يعتدي أحد على الآخر بحسَبه ونسبه، أو بمنصبه أو شغله أو وظيفته.

إن المسلم حينما يحضر المسجد، ويقتدي بإمام مع إخوانه المسلمين، ويستمع للخطيب، تتأكد فيه المبادئ الإسلامية السامية، وتحيا فيه معاني الصفح والمودة، والتواصل والتراحم، وحينما يهَشُّ المسلمُ في وجه أخيه ويبَشُّ له، ويصافحه ويعانقه، ينصهر ويذوب كل ما في القلوب من الضغائن والأحقاد.

والمساجد كانت وما تزال، خيرَ مراكز للتربية ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير نموذج لذلك؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحضرون هذا المسجد ويتعلمون من النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يحتاجون إليه، بل كل ما تحتاج إليه البشرية، ، فأصبح هذا المسجد مصدرَ إشعاع ومنبع نور للبشرية، وتخرَّج فيه علماء أعلام وقادة كبار حملوا راية الإسلام، ونشروا هذا الدين المتين في ربوع العالم كله.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، ، بل إنها كانت أفضل المراكز لتربية النفوس، وكانت تعلِّم زوَّارها الحِلم والأناة، والرفق مع الآخرين، والبُعد عن القسوة والشدة؛ كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن أعرابيًّا بال في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه - أي: ليدفعوه بالعنف - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعُوه وأهريقوا على بوله سَجْلاً من الماء؛ فإنما بُعِثتم ميسِّرين ولم تُبعثوا معسِّرين". صحيح البخاري

هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أمَّا بَعْدُ ؛

اعلموا عباد الله؛ أن المسجد هو مبعث النور في دنيا الظلمات الحالكة، ومصدر الحياة في بيداء الحياة الموحشة؛ فإنه يؤهل المسلمين للحياة النافعة الكريمة، ويحثهم على التقوى والتطهير، ويطالبهم ألا يدخلوه إلا بطهارة أبدانهم وقلوبهم، إنه:

﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ[التوبة: 108].

والوصول إلى المساجد والحضور إليها أمر عظيم يوجب للإنسان المغفرة؛ فإن مَن يرتاد المساجد لأداء الصلوات لا بد لنا أن نشهد له بالإيمان؛ لأنه قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة: 18].

كما أن مَن يشق على نفسه للوصول إلى المسجد والحضور إليه لأداء الصلوات الخمس في الليالي الحالكة التي يصعب فيها الخروج من البيت بسبب الظلام، فإن الله تعالى لا يضيع أجره، بل إنه يأجره في الدنيا، ويعطيه يوم القيامة نورًا يمشي به؛ كما أخبرنا بذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" صحيح أبي داود للألباني

وإذا كانت المساجد بهذه الأهمية الكبيرة فينبغي لنا أن نحافظ عليها، فالمسلم عليه أن ينظف بيت الله سبحانه ، وإذا أراد الدخول ينظر إلى حذائه فإن كان فيها قذى نظفها بإزالته ولا يؤذي أحداً عند تنظيفها، فإذا دخل المسجد يضع الحذاء في المكان المخصص له، و لا يرمي شيئاً في المسجد حتى لا يؤذي غيره، وإذا وجد من ذلك شيئاً أزاله. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " رَأَى في قِبْلَةِ المَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بيَدِهِ، فَتَغَيَّظَ، ثُمَّ قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ إذَا كانَ في الصَّلَاةِ، فإنَّ اللَّهَ حِيَالَ وجْهِهِ، فلا يَتَنَخَّمَنَّ حِيَالَ وجْهِهِ في الصَّلَاةِ." صحيح البخاري.

اللهم اجعلنا من عمار المساجد الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، وارض اللهم عن خير الخلق بعد الأنبياء، فرضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ، وعن الصحابة أجمعين ، اللهم أمنا في أوطاننا ، واحفظ ولاة أمورنا ، واحفظ علينا ديننا واختم لنا بكل خير، اللهم كن لإخواننا في غزة ، اللهم مدهم بمدد من عندك واربط على قلوبهم وانصرهم على عدوهم ، واخرجهم مما هم فيه من محنة وكرب ، وصل الله على سيدنا محمد ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي