ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الحادي والعشرون ما يقال في الشهادتين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 29 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 4195 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ويقول التحيات لله" يجلس للتشهد الأول ويقول التحيات لله : يقول بلسانه متدبراُ ذلك بقلبه والتحيات جمع تحية والتحية هي التعظيم فكل لفظ يدل على التعظيم فهو تحية ولا أحد يستحق التحيات على الإطلاق إلا الله عز وجل ولا أحد يُحَّيْا على الإطلاق إلا الله وأما إذا حيا إنسان إنساناً على سبيل الخصوص فلا بأس لو قلت مثلاً لك تحياتي أو لك تحياتنا مع التحية فلا بأس بذلك قال الله تعالى "وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا" النساء (86)

قوله "والصلوات" شامل لكل ما يطلق عليه صلاة شرعاً أو لغة فالصلوات كلها لله وليست حقاً لأحد سوى الله عز وجل

قوله "والطيبات" له من الأوصاف أطيبها ومن الأفعال أطيبها ومن الأقوال أطيبها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ..." أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه يعني لا يقول إلا الطيب ولا يفعل إلا الطيب ولا يتصف إلا بالطيب ، فهو طيب في كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله وله أيضاً من أعمال العباد القولية والفعلية الطيب ، فقوله صلى الله عليه وسلم "لا يقبل إلا طيبا ..." فإن الطيب لا يليق به إلا الطيب ولا يقدم له إلا الطيب ، قال تعالى "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ" النور(26) فهذه سنة الله عز وجل

قوله "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" بعد أن دعوت للرسول صلى الله عليه وسلم بالسلام دعوت له بالرحمة والبركة وهي الخير الكثير الثابت و البركة بعد موته فبكثرة أتباعه إذاً نحن ندعو للرسول صلى الله عليه وسلم بالبركة وهذا يستلزم كثرة أتباعه وكثرة عمل أتباعه لأن كل عمل صالح يفعله أتباع الرسول فله مثل أجورهم إلى يوم القيامة

قوله "السلام علينا" علينا لا شك أنه لا يراد به الشخص نفسه فقط وإنما يراد بها الشخص ومن معه وهم الأمة المحمدية فكما دعونا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالسلام ندعو أيضاً لأنفسنا بالسلام لأننا أتباعه وعلى "عباد الله الصالحين" هذا تعميم بعد تخصيص لأن عباد الله الصالحين هم كل عبد صالح في السماء والأرض حي أو ميت من الآدميين والملائكة والجن

والدعاء ينبغي فيه البسط ، وعباد الله هم الذي تعبدوا لله أي تذللوا له بالطاعة إمتثالاً للأمر واجتناباً للنهي ، وأفضل وصف يتصف به الإنسان هو أن يكون عبداً لله، وعباد الله الصالحون هم الذين صلحت سرائرهم وظواهرهم فصلاح السرائر بإخلاص العبادة لله والظواهر بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أشهد أن لا إله إلا الله" أشهد أبلغ من قول أخبر لأن الخبر قد يكون عن سماع والشهادة تكون عن قطع كأنما يشاهد الإنسان بعينه ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله "وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي بعثه الله عز وجل بمكة أم القرى وأحب البلاد إلى الله وهاجر إلى المدينة وتوفى فيها صلى الله عليه وسلم قوله "عبده" لا شريكه فليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم شركة في ملك الله أبدا هو بشر مثلنا تميز عنا بالوحي وبما جبله الله عليه من العبادة والأخلاق قال صلى الله عليه وسلم "إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أنْسَى كما تَنْسَوْنَ" رواه البخاري ومسلم وقوله "ورسوله" أي أرسله الله عز وجل وجعله واسطة بينه وبين الخلق في تبليغ شرعه هذا التشهد الأول فالتشهد الأول ينتهي إلى قوله "وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" وهذا ما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لابن مسعود كما في صحيح البخاري قوله ثم يقول "اللهم صل على محمد" أي في التشهد الأخير و صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى فالصلاة من الله هي ثناؤه عليه في الملأ الأعلى والصلاة من الملائكة الاستغفار ومن الآدميين الدعاء وقوله "وعلى آل محمد" أي وصل على آل محمد وآل محمد أتباعه على دينه كما قال تعالى "ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب" غافر(46) فيكون آله هم أتباعه على دينه قوله "كما صليت على آل إبراهيم" الكاف للتعليل وأن هذا من باب التوسل بفعل الله السابق لتحقيق الفعل اللاحق يعني كما أنك سبحانك سبق الفضل منك على آل إبراهيم فألحق الفضل منك على محمد وآله قوله "إنك حميد مجيد" حميد حامد ومحمود حامد لعباده وأوليائه الذين قاموا بأمره ومحمود يحمد عز وجل على ما له من صفات الكمال وجزيل الإنعام وأما المجيد أي ذو المجد والمجد هو العظمة وكمال السلطان قوله "وبارك على محمد" أي أنزل عليه البركة والبركة مأخوذة من البِركة وهي مجتمع الماء ولا يكون إلا على وجه الكثرة والقرار والثبوت فالبركة كثرة الخيرات ودوامها واستمرارها ويشمل البركة في العمل والبركة في الأثر أما البركة في العمل فأن يوفق الله الإنسان لعمل لا يوفق له من نزعت منه البركة وأما البركة في الأثر بأن يكون لعلمه آثار جليه نافعة ينتفع بها الناس ولا شك أن بركة النبي صلى الله عليه وسلم لا نظير لها وذلك لأن أمته أكثر الأمم ولأن أجنادهم في الخير أكثر من اجناد غيرهم قوله "وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم" سبق شرحها آنفاً قوله "إنك حميد مجيد" سبق إيضاحها

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/2 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر