الدرس 98 باب ما جاء في النشرة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 18 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 1546 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمدُ لله ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسَّلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعينَ وبعد ؛

لمَّا ذكر المصنف حكمَ السحر والكهانة ذكر ما جاء في النُّشرة ؛ لأنها قد تكون من قبل الشياطين والسحرة فتكون مضادةً للتوحيد ، وقد تكون مباحةً.

النشرة في اللغة : بضم النون فُعْلة من النشر، وهو التفريق.
وفي الاصطلاح : حل السحر عن المسحور لأن هذا الذي يحل السحر عن المسحور يرفعه، ويزيله، ويفرقه. أما حُكْمُها فهو يتبين مما قاله ابن عبد الوهاب رحمه الله، وهو من أحسن البيانات ، ولا ريب أن حل السحر عن المسحور من باب الدواء والمعالجة، وفيه فضل كبير لمن ابتغى به وجه الله، لكن في القسم المباح منها ؛ لأن السحر له تأثير على بدن المسحور وعقله ونفسه وضيق الصدر، حيث لا يأنس إلا بمن استعطف عليه وأحيانا يكون أمراضا نفسية ، وأحيانا يكون أمراضا عقلية فالسحر له تأثير إما على البدن، أو العقل، أو النفس .

والنشرة معروفة في الجاهلية حيث كانوا يستعملونها وذلك طريق من طرق حل السحر، وهي على نوعين :
الأول: أن تكون باستخدام الشياطين، فإن كان لا يصل إلى حاجته منهم إلا بالشرك كانت شركا، وإن كان يتوصل لذلك بمعصية دون الشرك كان لها حكم تلك المعصية .
الثاني: أن تكون بالسحر كالأدوية والرقى والعقد والنفث وما أشبه ذلك فهذا له حكم السحر.


قول المصنف :"عن جابرِ بنِ عبد اللَّه قالَ : سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عنِ النُّشرةِ ، فقالَ : هِيَ من عَملِ الشَّيطانِ " رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود ، وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابنُ مسعودٍ يَكْرُهُ هذا كُلَّه. صححه الألباني.

قوله ، صلى الله عليه وسلم ، عن النشرة :" هي من عمل الشيطان " أي من العمل الذي يأمر به الشيطان ويوحي به لأن الشيطان يأمر بالفحشاء ويوحي إلى أوليائه بالمنكر، وهذا يغني عن القول إنها حرام، بل هو أشد لأن نسبتها للشيطان أبلغ في تقبيحها والتنفير منها، ودلالة النصوص على التحريم لا تنحصر في لفظ التحريم أو نفي الجواز، بل إذا رتبت العقوبات على الفعل كان دليلا على تحريمه.

قوله :" وقال : سئل أحمد عنها ، فقال : ابنُ مسعودٍ يَكْرُه هذا كُلَّه." أجاب ، رحمه الله ، بقول الصحابي ، وكأنه ليس عنده أثرٌ صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإلا لاستدلَّ به ، والمشار إليه في قول الإمام أحمد : "يكره هذا كله" كُلُّ أنواع النُشْرة، التي من عمل الشيطان، وهي النشرة بالسحر والنشرة التي من التمائم.

قول المصنف " وفي البخاري عن قتادة " قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ :رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلاَحَ فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ. " قلت : أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في الطب، باب هل يستخرج السحر.

قول قتادة لابن المسيب : رجل به طب ، أي سحر، ومن المعلوم أن الطب هو علاج المرض، لكن سمي السحر طبا من باب التفاؤل، كما سمي اللديغ سليما والكسير جبيراً
قول قتادة لابن المسيب : أو يؤخذ عن امرأته أي يحبس عن زوجته، فلا يتمكن من جماعها، وهو ليس به بأس، وهذا نوع من السحر.

قول ابن المسيب لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح.

قال أهل العلم لا يجوز حل السحر بالسحر، وحملوا ما روي عن ابن المسيب بأن المراد به ما لا يعلم عن حاله هل هو سحر، أم غير سحر أما إذا علم أنه سحر فلا يحل.

قوله :" وروي عن الحسن أنه قال : لا يحل السحر إلا ساحر"، .

قوله "الحَسَنُ" : هو الحسن بن يسار البصري ، وكان أبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري ، ثقة فقيه ، إمام فاضل من خيار التابعين مات سنة عشر ومائة ، وقد قارب التسعين.

قول الحسن :"لا يحل السحر إلا ساحر" مراده : أنه لا يحل السحرَ بالسحر إلا ساحر، فلا يحله بالطرق الشيطانية إلا السحرةٌ، أما حلُّه بالطرق الإيمانية والطرق الشرعية فهذا يحله أهل العلم والبصائر فيحلونه بالقراءة والتعوذات كما حلَّ الله السحرَ عن نبيه صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين

قولُ المصنف " قال ابنُ القيم : النُّشرة حلُّ السحرِ عن المسحور، يعني إزالة ما به من السحر، وهي نوعان :
أحدهما: حلُّ السحر بسحر مثلِه، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور، فهذا هو المنهي عنه، وهوما يتقرب به إلى الشياطين عن طريق السحرة بالعبادات أو بالذبح ، ونحو ذلك، هذا هو المنكر.
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فهذا جائز" ، ومن ذلك أن يُقرأ عليه سورة الفاتحة وتكرر، أو آية الكرسي، أو يُقرأ عليه كلتاهما، ومن ذلك أن يقرأ عليه آيات السحر التي في الأعراف ، وفي يونس ، وفي طه ، يقرأ عليه مع النفث، ومن ذلك قراءة : " قل ياأيها الكافرون" والإخلاص، والمعوذتين.

قول المصنف :" فيه مسائل :
الأولى:
النهي عن النشرة تؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم "هي من عمل الشيطان".

الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه مما يزيل الإشكال " ، تؤخذ من كلام ابن القيم السابق ذكره .

وبالله التوفيق

1434/3/17هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر