الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد؛
اللحية عند أئمة اللغة هي ما نبت على الخدين والذقن. فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شعر الخدين بل يجب توفير ذلك مع الذقن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين » متفق عليه.
فيجب على المؤمنين توفير اللحية وقص الشارب كما أمر بذلك نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك خير عظيم وإحياء للسنة مع التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره، وفي ذلك ترك مشابهة المشركين والبعد عن مشابهة النساء، والواجب على المؤمن أن لا يغتر بكثرة الحالقين، وألا يتأسى بهم لكونهم قد خالفوا الشرع المطهر وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا الذي قال فيه جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) .
*مضايقة دعاة الباطل لأهل العلم والخير
لا شك أن الواجب منع الدعاة إلى الباطل، وهم الذين يضايقون أهل العلم والخير، فإذا منعوا استقام الطريق واتسع المجال لدعاة الحق.
فالواجب على ولاة الأمور أن يأخذوا على يد أهل الباطل، وأن يمنعوهم من نشر باطلهم بكل وسيلة من الوسائل الشرعية، سواء كان صاحب الباطل شيوعيا أو وثنيا أو نصرانيا أو مبتدعا أو جاهلا بأحكام الشرع المطهر، فعلى ولاة الأمور من أهل الإسلام أن يمنعوا من ذكرنا من أصحاب الباطل من أن ينشروا باطلهم، وعليهم أن يعينوا دعاة الحق الذين يدعون الناس إلى كتاب ربهم وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويبصرونهم بما أوجبه الله عليهم، وما حرم عليهم عن علم وبصيرة، ويوضحون لهم حق الله وحق عباده وحق ولاة الأمور، وحق كل مسلم على أخيه، هؤلاء هم الذين يعانون، ومن حاد عن الطريق ودعا إلى غير الشرع فهو الذي يمنع أينما كان.
*التحرج من التصوير في وسائل الإعلام
لا شك أن استغلال وسائل الإعلام في الدعوة إلى الحق ونشر أحكام الشريعة وبيان الشرك ووسائله والتحذير من ذلك ومن سائر ما نهى الله عنه من أعظم المهمات، بل من أوجب الواجبات، وهي من نعم الله العظيمة في حق من استغلها في الخير، وفي حق من استفاد منها ما ينقصه في دينه ويبصره بحق الله عليه.
ولا شك أن البروز في التلفاز مما قد يتحرج منه بعض أهل العلم من أجل ما ورد من الأحاديث الصحيحة في التشديد في التصوير ولعن المصورين.
ولكن بعض أهل العلم رأى أنه لا حرج في ذلك إذا كان البروز فيه للدعوة إلى الحق، ونشر أحكام الإسلام، والرد على دعاة الباطل عملا بالقاعدة الشرعية وهي: ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما إذا لم يتيسر السلامة منهما جميعا، وتحصيل أعلى المصلحتين ولو بتفويت الدنيا منهما إذا لم يتيسر تحصيلهما جميعا.
وهكذا يقال في المفاسد الكثيرة والمصالح الكثيرة.  يجب على ولاة الأمور وعلى العلماء إذا لم تتيسر السلامة من المفاسد كلها أن يجتهدوا في السلامة من أخطرها وأكبرها إثما. وهكذا المصالح يجب عليهم أن يحققوا ما أمكن منها، ولذلك أمثلة كثيرة وأدلة متنوعة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (الأنعام: 108) ومنها الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: «لولا أن قومك حديثوا عهد بكفر لهدمت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم  » الحديث متفق عليه.
وبهذا يعلم أن الكلام في الظهور في التلفاز للدعوة إلى الله سبحانه ونشر الحق يختلف بحسب ما أعطى الله للناس من العلم والإدراك والبصيرة والنظر في العواقب. فمن شرح الله صدره واتسع علمه ورأى أن يظهر في التلفاز لنشر الحق وتبليغ رسالات الله فلا حرج عليه في ذلك، وله أجره وثوابه عند الله سبحانه، ومن اشتبه عليه الأمر ولم ينشرح صدره لذلك فنرجوا أن يكون معذورا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » (قلت: الحديث في صحيح الترمذي للألباني) .
 ولا شك أن ظهور أهل الحق في التلفاز من أعظم الأسباب في نشر دين الله، والرد على أهل الباطل؛ حيث يشاهده غالب الناس من الرجال والنساء من المسلمين والكفار، ويطمئن أهل الحق إذا رأوا صورة من يعرفونه بالحق، وينتفعون بما يصدر منه، وفي ذلك أيضا محاربة لأهل الباطل وتضييق المجال عليهم، وقد قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت : 69) وقال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125)، وقال عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا  » . أخرجه مسلم في صحيحه.
وأسأل الله - عز وجل - أن يوفق علماء المسلمين وولاة أمرهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولي ذلك والقادر عليه.