الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
 يقول السائل: يوجد عند بعض الناس إناء مصنوع من النحاس، ويسمونه (طاسة السم) ، وعندما يمرض إنسان فإنه يذهب إلى من توجد عنده هذه الطاسة، ويملؤها بالماء ويشرب ذلك الماء معتقدا أنه يوجد به الشفاء، ولا سيما إذا كان المرض في المعدة. وقد لاحظت وجود صورة محفروة على الإناء وهي للعقرب والحصان والقط والغزال والحمير-" أجلكم الله "- والحية والثعلب والفيل والأسد، وللرجال وبعض صور أخرى لا أعرفها وهي جميعها منقوشة نقشا على هذا الإناء. كما توجد أسماء وكتابات مثل " الشهيد " وهكذا. ويستمر في سرد الوصف لتلك الطاسة، ويرجو توجيه الناس حول هذا الأمر.
جـ: هذه الطاسة التي أشار إليها السائل طاسة منكرة، وفيها منكرات عظيمة، وهي الصور التي ذكرها السائل، ولا نعلم أن أي طاسة من حديد أو نحاس أو ذهب أو فضة أو غير ذلك يحصل بها شفاء أمراض المعدة أو غيرها، وإنما هي دعوى يدعيها صاحب الطاسة كذبا وزورا، أو يكون له اتصال بفسقة الجن وكفارهم ليستعين بهم في هذه الشعوذة بواسطة هذه الطاسة، ويزعم بها أنه يعالج بها حتى يأخذ أموال الناس بالباطل، ويغرهم بأنه يعالجهم بهذه الطاسة، فالواجب أن تصادر هذه الطاسة بواسطة ولاة الأمر في البلد، وتتلف مع تأديب صاحبها حتى لا يعود إلى مثل هذا العمل، وهذا هو الواجب على المسئولين في البلد: الأمير والقاضي والهيئة، ويجب على من علم بهذه الشعوذة أن يرفع الأمر إلى المحكمة أوالهيئة أوالإمارة حتى يقوموا بما يجب في هذا الموضوع، ولا يجوز السكوت عن صاحب هذه الطاسة؛ لأن عمله منكر لا وجه له من الشرع، وعليك أيها السائل أن تقوم بهذا الأمر أنت وإخوانك العارفون بهذا الأمر حتى تخلصوا بلدكم من هذا المنكر، وحتى يقضى على هذه المفسدة وهذا الشر بأسبابكم إن شاء الله.
* حكم الإقامة على القبر
 هذا العمل لا يجوز، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فلا يجوز أن يقام على قبر أحد  سواء سمي مقاما أو قبة أو مسجدا أو غير ذلك، وكانت القبور في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة في البقيع وغيره مكشوفة ليس عليها بناء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر أو يجصص وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد  » متفق على صحته. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه  » رواه الإمام مسلم في صحيحه.
فالبناء على القبور وتجصيصها ووضع الزينات عليها أو الستور كله منكر ووسيلة إلى الشرك، فلا يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها، والجلوس عندها، والتهاليل وأكل الطعام، والتمسح بالقبر، والدعاء عند القبر، والصلاة عنده كل هذا منكر، وكله بدعة لا يجوز إنما المشروع زيارة القبور للذكرى، والدعاء للموتى والترحم عليهم ثم ينصرف.
والمشروع للزائر للقبور أن يقول: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) (قلت: وردت هذه الأدعية النبوية في صحيح ابن ماجه للألباني، وصحيح الترمذي، وصحيح الجامع  ) وما أشبه ذلك من الدعوات فقط. 
 وأما دعاء الميت والاستغاثة به وطلب المدد منه فكل ذلك من الشرك الأكبر، وهو من عمل عباد الأوثان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اللات والعزى ومناة وغيرها من أصنام الجاهلية وأوثانها.
فيجب الحذر من ذلك وتحذير العامة منه وتبصيرهم في دينهم حتى يسلموا من هذا الشرك الوخيم، وهذا هو واجب العلماء الذين من الله عليهم بالفقه في الدين ومعرفة ما بعث الله به المرسلين، كما قال الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل : 125) وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل : 36)  والآيات في هذا المعنى كثيرة.
«ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (قلت: جاء الحديث في صحيح البخاري، المغازي) » ، وفي رواية للبخاري رحمه الله: «فادعهم إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب  » متفق على صحته. 
فأمره أن يبدأهم بالدعوة إلى التوحيد والسلامة من الشرك مع الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والشهادة له بالرسالة.
فعلم بذلك أن الدعوة إلى إصلاح العقيدة وسلامتها مقدمة على بقية الأحكام؛ لأن العقيدة هي الأساس الذي تبنى عليه الأحكام، كما قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: 88)  والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب على أهل العلم في كل مكان وزمان مضاعفة الجهود في ذلك حتى يبصروا العامة بحقيقة الإسلام، ويبينوا لهم العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم إمامهم وخاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم.
 وفق الله علماء المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه إنه خير مسئول .