الدرس 115 تهذيب الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 27 ربيع الأول 1443هـ | عدد الزيارات: 444 القسم: تهذيب الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

هذه أحاديث لا يجوز الاستشهاد بها ولا الاستئناس بذكرها:

1- " لا تُقبِّحوا الوجه ، فإن ابن آدم خُلِقَ على صورة الرَّحمن عز وجل "

ضعيف ، أخرجه الآجري وابن خزيمة والطبراني والدارقطني والبيهقي من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عمر مرفوعاً

لهذا الإسناد أربع علل ، ذكر ابن خزيمة منها ثلاثة فقال:

إحداها : أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري ، ولم يقل : عن ابن عمر .

والثانية : أن الأعمش مدلس لم يُذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت .

والثالثة : أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء .

والعلة الرابعة: هي جرير بن عبد الحميد فإنه وإن كان ثقة فقد ذكر الذهبي في ترجمته أن البيهقي ذكر في سننه في ثلاثين حديثاً لجرير بن عبد الحميد قال : " قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ " .

2- " إني كنت أعلمها (أي: ساعة الإجابة يوم الجمعة) ثم أُنْسيتُها كما أُنْسيتُ ليلةَ القدر"

ضعيف ، أخرجه ابن خزيمة والحاكم عن فُليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن أبي سلمة قال : قلت : والله لو جئت أبا سعيد الخدري فسألته عن هذه الساعة، لعله يكون عنده منها علم ، فأتيته ، فقلت: يا أبا سعيد إن أبا هريرة حدثنا عن الساعة التي في يوم الجمعة ، فهل عندك منها علم ؟ فقال : سألنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره ، قال : ثم خرجت من عنده فدخلت على عبد الله بن سلام ، ثم ذكر الحديث

كذا ذكره ابن خزيمة والحاكم وقال : " صحيح على شرط الشيخين " ، ووافقه الذهبي

وفي صحته نظر فإن فليحاً هذا وإن كان من رجال الشيخين ففيه كلام كثير ، قال الحافظ في التقريب: " صدوق كثير الخطأ " ، وقال الساجي : " هو من أهل الصدق ، ويهم " .

فمثله لا يطمئن القلب لصحة حديثه عند التفرد ، فكيف عند المخالفة ؟ .

3- " في الإبل صدقتُها ، وفي الغنم صدقتها ، وفي البقر صدقتها ، وفي البزِّ صدقتها ، ومَنْ رفع دنانير أو دراهم أو تِبراً أو فضة لا يعدها لغريمٍ ، ولا يُنفقها في سبيل الله فهو كنزٌ يُكوى به يوم القيامة "

ضعيف ، أخرجه الدارقطني حدثنا دعلج بن أحمد من أصل كتابه حدثنا هشام بن علي حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا سعيد بن سلمة حدثنا موسى عن عمران ابن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحديث

وهذا إسناد ضعيف من أجل موسى هذا وهو ابن عُبيدة ، وهو ضعيف كما قال الحافظ في التقريب ، وهشام بن علي هو السِيرافي ولكني لم أجد من ترجمه .

4- " كونوا في الدنيا أضيافاً ، واتخذوا المساجد بيوتاً ، وعوِّدوا قلوبكم الرِّقَّة ، وأكثروا التفكر والبكاء ، ولا تختلفنَّ بكم الأهواء ، تبنون ما لا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتَأملون ما لا تدركون "

ضعيف جداً ، أخرجه أبو نعيم والقضاعي من طريق بقية حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، وله علل ثلاث :

الأولى : أن الحكم بن عمير في صحبته نظر ، قال ابن أبي حاتم عن أبيه : " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديثَ منكرة ، يرويها عيسى بن إبراهيم وهو ضعيف ، عن موسى بنِ أبي حبيب وهو ضعيف ، عن عمه الحكم " ، وقد أشار الذهبي إلى ضعف قول من قال أنه صحابي .

الثانية : موسى بن أبي حبيب ، قال الذهبي في الميزان ، وأقره الحافظ في اللسان : " ضعفه أبو حاتم وغيرُه "

الثالثة : عيسى بن إبراهيم متروك كما قال الذهبي وسبقه النسائي، وقال البخاري : منكر الحديث .

5- " إن لله دِيكاً رأسه تحت العرش ، وجناحه في الهواء ، وبراثنه في الأرض ، فإذا كان في الأسحار وأدبار الصلوات خفق بجناحه ، وصفَّق بالتسبيح ، فتصيح الدِّيكة تجيبه بالتسبيح "

موقوف ضعيف ، أخرجه الطبراني حدثنا بكر بن أحمد ابن مقبل البصري حدثنا أحمد بن محمد بن المعلى الأدمي حدثنا جعفر بن سلمة حدثنا حماد بن يزيد أبو يزيد المقري حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن صفوان ابن عسال : قال : فذكره موقوفاً عليه ، لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

وكذلك أورده الهيثمي في المجمع من رواية الطبراني وقال:"وفيه عاصم بن بهدلة وهو ضعيف"، وحماد بن يزيد أبو يزيد المقري ليس بالمشهور .

6- " إن في جهنم وادياً يقال له : هَبْهَبْ ، حقاً على الله أن يسكنه كلَّ جبار عنيد "

ضعيف ، رواه العقيلي وابن عدي والحاكم وابن عساكر وكذا أبو يعلى والطبراني من طريق الأزهر بن سنان عن محمد بن واسع عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه مرفوعاً.

وقال الحاكم ووافقه الذهبي : " تفرد به أزهر بن سنان " .

وهو ضعيف كما قال الحافظ في التقريب؛ ولذلك لم يصححه الحاكم ولا الذهبي ، بل أورده في الميزان وقال: " قال ابن عدي: ليست أحاديثه بالمنكرة جداً ، أرجو أنه لا بأس به ، وقال ابن معين : ليس بشيء " ، ثم ساق له أحاديث مما أنكرت عليه، هذا أحدها .

7- " صِحَّةً يا أمَّ يُوسُف ، قاله لها لما شربت بولَه "

ضعيف ، قال في ( المواهب اللدنية ) بشرح الزرقاني :

" وعن ابن جريج قال : أُخبرتُ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره ، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء ، فقال لامرأة يقال لها: بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة : أين البول الذي كان في القدح ؟ قالت : شربته ، قال : صحةً يا أم يوسف ، فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي ماتت فيه ".

رواه عبد الرزاق في مصنفه ، ورواه أبو داود متصلاً عن ابن جريج عن حُكيمة عن أمها أميمة بنت رُقيقة .

وروى أبو داود منه أوله دون قوله : فجاء إلخ .. وسنده موصول حسن ، وقد أخرجه بتمامه موصولاً البيهقي في سننه لكن ليس عنده : " صحة .. إلخ " ، وكذلك أورده الهيثمي في المجمع وزاد بدلها : " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد احتظرت من النار بحظار " وقال : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غيرَ عبد الله بن أحمد بن حنبل وحُكيمة وكلاهما ثقة ".

فدلَّ هذا على ضعف هذه الزيادة : " صحة " لشذوذها وإرسالها.

8- " خرج من عندي خليلي جبريل آنفاً فقال : يا محمد والذي بعثك بالحق إن لله عبداً من عباده عَبَدَ الله خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه وطوله ثلاثون ذراعاً في ثلاثين ذراعاً والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية وأخرج الله تعالى له عيناً عذبة بعرض الإصبع تبض بماءٍ عذبٍ فتُستنقع في أسفل الجبل ، وشجرة رمان تُخرجُ له كل ليلة رمانة فتغذيه يومه فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام لصلاته ، فسأل ربه عز وجل عند وقت الأجل أن يقبضه ساجداً وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلاً حتى يبعثه وهو ساجد ، قال : ففعل ، فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا فنجد له في العلم أنه يُبعث يوم القيامة فيُوقف بين يدي الله فيقول له الرب : أَدْخلوا عبدي الجنة برحمتي ، فيقول : بل بعملي ، فيقول الرب : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ، فيقول : يا رب بل بعملي ، فيقول الله عز وجل للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعمة الجسد فضلاً عليه ، فيقول : أدخلوا عبدي النار ، قال : فيُجر إلى النار ، فينادي : رب برحمتك أدخلني الجنة ، فيقول ردُّوه ، فيوقف بين يديه فيقول : يا عبدي مَنْ خَلقك ولم تك شيئاً ؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول : كان ذلك مِن قِبلك أو برحمتي ؟ فيقول : بل برحمتك ، فيقول : مَن قوَّاك لعبادة خمسمائة عام ؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول : من أنزلك في جبل وسط اللُّجَّة وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح ، وأخرج لك كل ليلة رمانة وإنما تخرج مرة في السنة ، وسألتني أن أقبضك ساجداً ففعلت ذلك بك ؟ فيقول : أنت يا رب ، فقال الله عز وجل : فذلك برحمتي ، وبرحمتي أُدخلك الجنة ، أدخلوا عبدي الجنة فنِعم العبدُ كنتَ يا عبدي، فيدخله الله الجنة ، قال جبريل عليه السلام : إنما الأشياء برحمة الله تعالى يا محمد "

ضعيف، أخرجه الخرائطي والعقيلي وتمام في الفوائد وابن قدامة والحاكم من طريق سليمان بن هرم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره

وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " وتبعه ابن القيم ، وهو منه عجيب ، فإن سليمان هذا مجهول ، ولذلك تعقبه الذهبي بقوله : " لا والله ، وسليمان غير معتمد " ، وذكر في ترجمة سليمان هذا من ( الميزان ) : " قال الأزدي : لا يصح حديثه " ، وقال العقيلي : " مجهول وحديثه غير محفوظ " .

9- " مَن حجَّ عن ميتٍ فللذي حجَّ عنه مثل أجره ، ومَنْ فطَّر صائماً فله مثل أجره ، ومَن دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله "

ضعيف ، أخرجه الخطيب من طريق أبي حجية علي بنِ بهرام العطار حدثنا عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً

وهذا سند ضعيف ، وله علتان :

الأولى : جهالة أبي حجية هذا ، فقد ترجمه الخطيب ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .

والأخرى : عنعنة ابن جريج فإنه مدلس .

والفقرة الثانية والثالثة قد جاءتا من طرق ثابتة ، وإنما أوردته من أجل الفقرة الأولى ، فإنها غريبة منكرة .

10- " ارْفَعْ إلى السماء ، وسل الله السَّعةَ "

ضعيف ، رواه الطبراني حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي أنبأنا يعقوب بنُ حميد أنبأنا عبد الله بن عبد الله الأُموي حدثني اليسع بن المغيرة عن أبيه عن خالد بن الوليد : أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيق في مسكنه ، فقال : فذكره.

ثم رواه بهذا السند عن ابن حميد: أنبأنا عبد الله بن الحارث عن الربيع بن سعيد عن اليسع بن المغيرة عن خالد بن الوليد .

وهذا إسناد ضعيف من الوجهين فإن مدارهما على اليسع بن المغيرة وهو لين الحديث كما في التقريب ، ومثله الراوي عنه في الطريق الأولى عبد الله بن عبد الله الأموي ، وفي الطريق الأخرى الربيع بن سعيد وهو النوفلي أورده ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .

ويعقوب بن حميد ثقة لكن في حفظه ضعف يسير ، فيحتمل أن روايته الحديث بالطريقين مما لم يضبطه ، فاضطرب فيه .

والله المستعان

27 - 3 - 1443هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر