الدرس الثامن والعشرون أركان الصلاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "أركانها" الركن في اللغة جانب الشيء الأقوى

وفي الاصطلاح ما تتركب منه العبادة

قوله "القيام" الركن الأول : القيام لقوله تعالى "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" البقرة (238) ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" أخرجه البخاري ولو كبرت للإحرام وأنت غير قائم ما صحت صلاتك إن كانت فريضة

والقيام في صلاة النافلة سنة وليس ركن لقوله صلى الله عليه وسلم "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" أخرجه مسلم

ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يصلي النافلة على راحلته في السفر لا الفريضة ولا يقاس على ذلك الطائرة فبإمكانه الركوع والسجود في آخر الطائرة أو في أولها وهذا متيسر للناس

ويجب القيام ولو معتمداً إن لم يستطيع بدونه ومن كان منحني الظهر كفاه انتصاب القدمين

قوله "والتحريمة" الركن الثاني : تكبيرة الإحرام لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" رواه البخاري ولقوله صلى الله عليه وسلم "تحريمها التكبير" أخرجه أحمد وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي فلا يجزئ لو قال الله أجل أو الله أعظم

قوله "والفاتحة" الركن الثالث : قراءة الفاتحة في الفرض والنفل لقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" أخرجه البخاري ومسلم

ولا يستثنى أحد إلا المسبوق إذا وجد الإمام راكعاً لحديث أبي بكرة الثابت في صحيح البخاري رحمه الله "حيث أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فأسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل في الصف فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة سأل من الفاعل فقال أبو بكرة أنا فقال زادك الله حرصاً ولا تعد"

قوله "والركوع" الركن الرابع : الركوع لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا..." الحج (77) وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" رواه البخاري ولمواظبته في كل صلاته والواجب أن ينحني بحيث تمس يداه ركبتيه إذا كان معتدل الخلقة

قوله "والاعتدال عنه" الركن الخامس : الاعتدال عنه ودليل ذلك حديث أبي هريرة في قصة المسيء في صلاة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ثم ارفع حتى تعدل قائماً" رواه البخاري

ويستثنى من ذلك الركوع الثاني وما بعده في صلاة الكسوف فإنه سنة ولهذا لو صلى صلاة الكسوف كالصلاة المعتادة فصلاته صحيحة وصلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان الركوع الأول ركن والركوع الثاني سنة لو تركه الإنسان فصلاته صحيحة ولو فاته الركوع الأول فإنه يقضي ركعة ويستثنى أيضاً العاجز كمن في صلبه مرض لا يستطيع النهوض

قوله "والسجود على الأعضاء السبعة" الركن السادس : السجود على الأعضاء السبعة لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا..." الحج (77) وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" رواه البخاري

والأعضاء السبعة هي الجبهة مع الأنف والكفان والركبتان وأطراف القدمين

ودليل هذا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ" أخرجه البخاري ومسلم

قوله "والاعتدال عنه" هذا هو الركن السابع : لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته "ثم ارفع حتى تطمئن جالساً" رواه البخاري

قوله "والجلوس بين السجدتين" هذا هو الركن الثامن : وذلك بأن يجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه

قوله "الطمأنينة في الكل" الركن التاسع : الطمأنينة في كل ما سبق من الأركان والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علم المسيء صلاته كان يقول له في كل ركن "حتى تطمئن" والطمأنينة بقدر القول الواجب في الركن فيطمئن بقدر قوله سبحان ربي الأعلى في السجود وفي الجلوس يطمئن بقدر ما يقول ربي اغفر لي

والحكمة من الطمأنينة أن الصلاة عبادة يناجي الإنسان فيها ربه فإذا لم يطمئن فيها صارت كأنها لعب

قوله "والتشهد الأخير" الركن العاشر : التشهد الأخير

ودليل ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال "كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ (ﷺ) فِي الصَّلاَةِ ، قُلْنَا : السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ (ﷺ) : "‎لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ ، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ ، فَيَدْعُو" رواه البخاري ومسلم

قوله "وجلسته" أي أن جلسة التشهد الأخير هي الركن الحادي عشر

قوله "والصلاة على النبي ﷺ فيه" أي في التشهد الأخير لا في التشهد الأول ودليل ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال "لَقِيَنِي كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ، فَقالَ أَلَا أُهْدِي لكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقُلتُ بَلَى، فأهْدِهَا لِي، فَقالَ سَأَلْنَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ؛ فإنَّ اللَّهَ قدْ عَلَّمَنَا كيفَ نُسَلِّمُ علَيْكُم؟ قالَ قُولوا اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" رواه البخاري والأمر يقتضي الوجوب

قوله "والترتيب" الركن الثاني عشر أي بين أركان الصلاة قيام ثم ركوع ثم رفع منه ثم سجود ثم قعود ثم سجود

قوله "والتسليم " الركن الثالث عشر يقول السلام عليكم ورحمة الله والمشهور من المذهب أن كلتا التسليمتين ركن في الفرض والنفل وهذا هو القول الراجح لأن النبي ﷺ واظب عليهما وقال ﷺ "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/29 هـ