الدرس التاسع والعشرون واجبات الصلاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "واجباتها" أي واجبات الصلاة والفرق بين الأركان والواجبات أن الأركان لا تسقط بالسهو والواجبات تسقط بالسهو ويجبرها سجود السهو

قوله "التكبير غير التحريمة" أي قول الله أكبر لأن التحريمة سبق أنها ركن فيدخل بذلك التكبير للركوع وللسجود وللرفع منه وللقيام من التشهد الأول فكل التكبيرات واجبة وتسقط بالسهو ويعوضها بسجود السهو قبل السلام وجوباً لأنه ترك واجباً من واجبات الصلاة ويستثنى تكبيرة الإحرام لأنها ركن ويستثنى أيضاً ما يلي

أولاً : التكبيرات الزوائد في صلاة العيد والاستسقاء فإنها سنة

ثانياً : تكبيرات الجنازة فإنها أركان

ثالثاُ : تكبيرات الركوع لمن أدرك الإمام راكعاً فإنها سنة لأنه إذا كبر فتعتبر تكبيرة الإحرام فإن كررها فالثانية سنة وهي للركوع

والدليل على أن التكبيرات من الواجبات ما يلي

أولاً : قوله صلى الله عليه وسلم "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ" رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه فالأمر للوجوب

ثانياً : مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه

ثالثاُ : شعار الانتقال من ركن إلى ركن آخر

قوله "والتسميع والتحميد" ومن الواجبات قول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده وقول الإمام والمنفرد ربنا ولك الحمد

والدليل على ذلك مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك

ثانياً : أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام

ثالثاً : قوله "إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد"

ومن الواجبات قوله في الركوع سبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى في السجود

والدليل على هذا أنه لما نزل قول الله تعالى "فسبح باسم ربك العظيم" الواقعة (74-96)

قال النبي صلى الله عليه وسلم "اجعلوها في ركوعكم" أخرجه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وهذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم لموضع هذا التسبيح ومن المعلوم أن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن يجب علينا أن نرجع إليه وأما تسبيحة السجود فهي أيضاً مفسرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم "اجعلوها في سجودكم" أخرجه عقبة بن عامر، حين نزل قوله تعالى "سبح اسم ربك الأعلى" الأعلى (1)

قوله "وسؤال المغفرة مرة مرة" وذلك بين الجلستين بأن يقول رب اغفر لي وهذا على قول المذهب وإن قال اللهم اغفر لي أجزأ ذلك ويسن أن يكرر سؤال المغفرة ثلاث مرات والدليل على أنه يسن ثلاثاً حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "حين ذكر أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما جلس بين السجدتين جعل يقول رب اغفر لي رب اغفر لي" أخرجه أحمد وحسنه الألباني وكان دعاء النبي صلى لله عليه وسلم غالباً التكرار ثلاثاً

قوله "والتشهد الأول وجلسته" والتشهد الأول هو "التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" والدليل على أنه للوجوب "أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نسي التشهد الأول لم يعد إليه وجبره بسجود السهو" أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه ولو كان ركنا لم ينجبر بسجود السهو

قوله "وجلسته" أي جلسة التشهد الأول وهي واجبة

قوله "وماعدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سنة"

قوله "الشرائط" وهي ما يجب للصلاة قبلها وتتوقف عليها صحتها كاستقبال القبلة والطهارة وستر العورة و غير ذلك من شروط الصلاة

قوله "والأركان" والفرق بينها وبين الشرائط أن الشرائط خارج الصلاة والاركان في نفس الصلاة وسبق أن ذكرنا عددها

قوله "والواجبات" وسبق أن ذكرنا عددها

قوله "سنة" السنة في اصطلاح الفقهاء هي ما أمر به لا على سبيل الإلزام بالفعل ومن سنن الصلاة الاستفتاح والتعوذ والبسملة قول آمين بعد الفاتحة الزيادة على قراءة الفاتحة والزيادة على تسبيح الركوع والسجود والجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية والإسرار بالقراءة في الصلاة السرية وتطويل القراءة في صلاة الفجر والدعاء في السجود وفي التشهد الأخير والزيادة على قول رب اغفر لي في الجلسة بين السجدتين وتعظيم الله بعد الرفع من الركوع زيادة على قول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وفي الركوع زيادة على قول سبحان ربي العظيم مرة واحدة وفي السجود زيادة على قول سبحان ربي الأعلى مرة واحدة ورفع اليدين عند التكبير في أربع مواضع ووضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر ووضع اليدين في حال السجود عند الأذنين أو المنكبين وقبض الخنصر والبنصر وتحليق الأوسط مع الإبهام ورفع الشاهد في التشهد الأخير وتحريك الشاهد عند الدعاء والتورك في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية والرباعية وافتراش الرجل اليسرى ونصب اليمنى في الصلاة الثنائية والتشهد الأول وضم القدمين في السجود والالتفات يمينا وشمالا في أثناء التسليم قبض الركبتين في أثناء الركوع وقبض الركبة اليسرى باليد اليسرى في التشهد والنظر إلى موضع سجوده أو قبلته في أثناء الصلاة

قوله "فمن ترك شرطا لغير عذر غير النية فإنها لاتسقط بحال" أي تبطل صلاته ولعذر لم تبطل مثال ذلك صلى عريانا وهو قادر على الستر فتبطل صلاته وصلى إلى غير القبلة وهو يعلم القبلة تبطل صلاته وترك الوضوء وصلى فصلاته باطلة لأنه ترك الشرط من غير عذر أما إذا تركه لعذر صحت الصلاة فلو صلى بغير وضوء ولا تيمم لعدم القدرة عليهما صحت صلاته والمصنف استثنى النية لأن النية محلها القلب ولا يمكن العجز عنها

وبالله التوفيق

قوله "أو تعمد ترك ركن أو واجب بطلت صلاته بخلاف الباقي" مثل أن يتعمد ترك الركوع ويسجد من القراءة إلى السجود فصلاته باطلة فإذا تعمد ترك واجب بطلت صلاته

قوله "بخلاف الباقي" أي بعد الشروط والأركان والواجبات فإن الصلاة لا تبطل بتركه ولو كان عمدا لأنها سنن

قوله "وماعدا ذلك سنن أقوال و أفعال" أي سنن قولية و فعلية

قوله "ولا يشرع السجود لتركه وإن سجد فلا بأس" أي لا يجب ولا يسن سجود السهو لمن ترك سنة مثال ذلك رجل نسي أن يقرأ البسملة في الفاتحة وهي ليست من الفاتحة فلا يشرع له أن يسجد للسهو مثال آخر رجل ترك رفع اليدين عند الركوع فلا يشرع له أن يسجد لأنه سنة

قوله "وإن سجد فلا بأس" وذلك إذا كان من عادته أن يفعله فإنه يشرع له أن يسجد جبرا لهذا النقص الذي هو نقص كمال لا نقص واجب وإلا فلا

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/4/1 هــ