الدرس السابع والعشرون السترة في الصلاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "وتسن صلاته إلى سترة" أي صلاة المصلي إلا أن المأموم تكون سترة إمامه سترة له إذ لا يسن له أن يتخذ سترة لأن ذلك لم يرد فالسترة للإمام والمنفرد وحكم السنة عند الفقهاء أن من فعلها فله أجر ومن تركها فليس عليه إثم

ودليل هذه السترة أمره صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم فليستتر ولو بسهم" أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة وفعله فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم "تركز له العَنَزَة في أسفاره فيصلي إليها" أخرجه البخاري ومسلم

قوله "قائمة كمؤخرة الرحل" قوله "قائمة" يعني منصوبة وقوله "قائمة كمؤخرة الرحل" هذا تشبيه ومؤخرة الرحل هي خشبة توضع فوق الرحل إذا ركب الراكب استند عليها

قوله "فإن لم يجد شاخصا فإلى خط" أي شيئا يكون له شخص والخط له أثر في الأرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم "فمن لم يجد فليخط خطا" أخرجه الإمام أحمد وصححه ابن حبان

والحكمة من السترة ما يلي

أولاً : تحجب نقصان صلاة المرء أو بطلانها إذا مر أحد من ورائها

ثانياً : أنها تحجب نظر المصلي لاسيما إذا كانت شاخصة لها جرم أي ليست خطاً في الأرض فإنها تعين المصلي على حضور قلبه وحجب بصره

ثالثاً : أن فيها امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لهديه وكل ما كان امتثالاً لله ورسوله أو اتباعاً لهديه فإنه خير

والمأموم لا يسن له اتخاذ السترة لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ أحد منهم سترة والإنسان لا يأثم من المرور بين يدي المأمومين ولكن إذا وجد مندوحة عن المرور بين يدي المأمومين فهو أفضل

قوله "وتبطل بمرور كلب أسود بهيم فقط" قوله "بهيم" أي خالص لا يخالط سواده لون آخر وهذا على قول المصنف لكن الصحيح أن الصلاة تبطل بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود وهو مذهب الظاهرية ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام وابن القيم وبه قال الشوكاني والدليل قوله صلى الله عليه وسلم "إذا قامَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي، فإنَّه يَسْتُرُهُ إذا كانَ بيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا لَمْ يَكُنْ بيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنَّه يَقْطَعُ صَلاتَهُ الحِمارُ، والْمَرْأَةُ، والْكَلْبُ الأسْوَدُ. قُلتُ: يا أبا ذَرٍّ، ما بالُ الكَلْبِ الأسْوَدِ مِنَ الكَلْبِ الأحْمَرِ مِنَ الكَلْبِ الأصْفَرِ؟ قالَ: يا ابْنَ أخِي، سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كما سَأَلْتَنِي فقالَ: الكَلْبُ الأسْوَدُ شيطانٌ" رواه مسلم عن أبي ذر الغفاري

قوله "وله التعوذ عند آية وعيد" التعوذ هو اللجوء إلى الله عز وجل فإذا مر المصلي بآية وعيد فله أن يقول أعوذ بالله من ذلك وهذا في حق الإمام والمنفرد فإن لهما أن يتعوذا عند آية الوعيد إذا كانت الصلاة نافلة أما المأموم ففيه تفصيل فإن أدى ذلك إلى عدم الإنصات للإمام فإنه ينهي عنه وإن لم يؤد فله ذلك وذلك في النافلة لذا لو دخلت في صلاة جهرية والإمام يقرأ فلا تستفتح بل كبر واستعذ بالله من الشيطان الرجيم واقرأ الفاتحة

قوله "والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض" أي يسأل الرحمة مثاله : مر ذكر الجنة يقول اللهم إني أسالك الجنة وله أن يسأله من فضله ولو مر ثناء علي الأنبياء أو الأولياء أو ما أشبه ذلك فله أن يقول اسأل الله من فضله أو اسأل الله أن يجعلنا منهم والدليل حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم بالبقرة والنساء وآل عمران لا يمر بآية رحمة إلا سأل ولا آية وعيد إلا تعوذ" رواه مسلم هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم والأصل أنه أسوة لنا والدليل دل على فعله في النافلة في صلاة الليل وعليه فيكون ذلك في صلاة التهجد

قوله "ولو في فرض" الراجح في هذه المسألة أنه في النفل ولا سيما في صلاة الليل فإنه يسن أن يتعوذ عند آية الوعيد ويسأل عند آية الرحمة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم أما في صلاة الفرض فلم ينقل الصحابة الذين نقلوا صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك بفرض

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/29 هــ