التعليم

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 11 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 1896 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله حَثَّ على التعليم والمعرفة، وجعل شريعة الإسلام تقوم على العلم في كل ما تدعو إليه، سبحانه لا نحصى ثناءً عليه، علَّم الإنسانَ ما لم يعلمْ، وأنعم عليه بالسمع والبصر والفؤاد؛ ليهتدي بهم إلى ما ينفعه من العلم قال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [النحل:78].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد العلماء والعارفين الذي مَنَّ الله به على الوجود؛ ليعلمه الكتاب والحكمة ويرشده إلى مواطن السعادة والخير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الهداة الذين أفادوا الحياة بمعرفتهم وتقواهم أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.

أما بعد:

عباد الله؛ إن الإسلام قد عني أعظم العناية بالتعليم وحثَّ أمته على طلب العلم وإعمال العقل والبحث والتفكير في كل ميدان من ميادين المعرفة وكل مجال من مجالات الحياة ما ذلك إلا لأن العلم قوام الحياة وأساس النهضات وعماد الحضارات ووسيلة التقدم للأفراد والجماعات والإسلام دين الحياة الصالح لكل عصر ومكان وهو دين ودنيا عبادة وحياة وشريعة الإسلام قائمة على العلم وداعية إليه في كل أمر من أمور الدين أو أمور الحياة ومعجزة رسول الإسلام كانت كتاباً يتلألأ بالعلم الصحيح والمعرفة الحقة وفي أول آية نزلت منه دعوة إلى التعليم وتنويه بقيمة القلم والقراءة لأنهما سلم المعرفة وطريق الوصول إلى العلم قال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [العلق:1].

وقد أقسم الله بالقلم؛ لما له من عظيم الأثر في محو الأمية، ورفع مستوى الثقافة والمعرفة فقال {ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم:1]. وقد أكرم الله الإنسان على سائر الحيوان بالعلم وبقدر ما يحمل الإنسان من العلم يكون فضله ومقداره فالعلم من خصائص الإنسان فإذا تخلى عنه فقد تخلى عن إنسانيته ولما كان العلم يسمو بالإنسان ويرفع قدره فقد أمر الله الملائكة بالسجود لآدم وهم أشرف خلقه لما فضله به عليهم من العلم والمعرفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان قدوة الداعين إلى التعليم بأقواله وأفعاله حتى جعل التعلم فريضة لازمة لكل فرد لتصحيح عقيدته وعبادته وتفهم شئون حياته فقال "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" (صححه الألباني).

ومن أفعاله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى التعليم أنه حرَّرَ بعضَ أسرى بدر على أن يعلموا طائفة من المسلمين القراءة والكتابة.

وعلى هذا النهج النبوي الكريم سار الأصحاب والأتباع والسلف الكريم يوجهون النشء إلى التعلم لينشئوا صالحين لأنفسهم وللأمة التي يعيشون فيها يقول ابن الزبير لابنه "تعلم العلم فإن يكن لك مال كان لك جمالاً وإن لم يكن لك مال كان لك مالاً" ويقول عبد الملك بن مروان لبنيه: "يا بَنِيَّ تعلموا العلم فإن كنتم سادةً فقتم، وإن كنتم وسطاً سدتم وإن كنتم سوقة عشتم" ، والأمة التي لم تحظ بالعلم المثمر في كل ميدان من ميادين حياتها لا مكان لها بين الأمم وقد أشار الله إلى تعلم الصناعات وكل ما يتوقف عليه العمران فقد خلق الحديد وبين أن فيه قوة لصد المعتدين ومحاربة الظالمين وفيه منافع للناس يصنعون منه ما يلائم عصورهم من عجائب المصنوعات ودقيق الآلات {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد:25]. ويقول عزَّ وجلَّ {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}[الأنفال:60]. وإعداد القوة يقتضي تعلم صناعة الذخائر الحربية والتدريبات العسكرية.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله.

أما بعد: عباد الله ؛

إنَّ خطر الجهلِ وخيمٌ على الأفراد والجماعات، وقديماً قال الجهال من قوم موسى حينما رأوا قارون في زينته وكبريائه وماله وغروره: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} [القصص:79]. حسبوا أن الحياة مطعم ومشرب وملبس وزينة ولو تعلموا لعرفوا أن الحياة مثل وقيم ومبادئ وعمل لرضا الله ونهضة الحياة ولذلك أدركهم أهل العلم من جهالتهم {وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون} [القصص:80]. والإسلام يدعوا إلى الرحلة في طلب العلم إذا لم يتيسر إلا في مكان بعيد يقول تعالى {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة:122].

وسمع موسى عليه السلام أن في الكون عبداً أعلم منه فسار إليه طويلاً حتى التقى به وطلب منه العلم بأدب واستعطاف قائلاً {قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)} [الكهف:66-69]. وقال صلى الله عليه وسلم "منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا"صححه الألباني. رزقني الله وإياكم العلم النافع

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليم} [الأحزاب:56]. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.(رواه مسلم). اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم اجعلنا من المنشغلين بإصلاح أنفسنا ومن تحت أيدينا ومن المساهمين في إصلاح المجتمع بأقوالنا وأفعالنا اللهم اسلل سخائم صدورنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ولا تجعلنا حاسدين ولا محسودين واجعلنا صالحين مصلحين محسنين غير مفسدين وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ، اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا واجعل علمنا حجة لنا لا علينا وفقهنا في أمور ديننا .

{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.} [البقرة:201]. وأدخلنا الجنة مع الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين .

عباد الله:{ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.} [النحل:90]. فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.} [العنكبوت:45].

1435-1-11هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة