أهمية التعليم عن بُعْد

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 9 محرم 1442هـ | عدد الزيارات: 772 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [سورة آل عمران 102]

إخوة الإيمان: إن شأن العلم شأن عظيم فقد فضّل الله تعالى آدم ، عليه السلام ، بالعلم كما قال جل جلاله:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)} (البقرة)

ولقد رفع الله قدر العلماء حيث قرن شهادتَهم بشهادته وشهادةِ ملائكته على وحدانيته فقال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران (18). وبالعلم يرفع الله العلماء فوق غيرهم درجات عظيمة كما قال تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة‏:‏(11‏) وبالعلم يُتقى الله حقَّ تقاته، ويُخشى حق خشيته كما قال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} فاطر (28)

والعلمُ الشرعي هو ميراث محمد ﷺ والنبيين من قبله كما قال ﷺ : "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَإنما وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" رواه ابن ماجه عن أبي الدرداء وصححه الألباني .

وديننا الإسلامي هو دين العلم النافع، يأمر به، ويرغب فيه، ويرفع من شأنه وشأن أهله، و به امتنّ الله على عباده ،قال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } [محمد (19)] وقال تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ} الزمر (9) ، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النحل (34)] وقال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [القلم1-4] ، والعلم الذي مدحه الله ونبيُّه ﷺ مدحاً مطلقاً هو العلم الشرعي (قال الله وقال رسوله ﷺ) ، وأمَّا العلومُ الدنيوية التي بها قيام مصالح الناس كالطب والحساب والعلوم العسكرية والصناعات النافعة بأنواعها فهي داخلة فيما يُطلب من المسلمين تعلُّمُه لصحة أبدانهم وقسمة مواريثهم، وجهاد عدوهم، والاستغناء بأنفسهم عن الحاجة إلى غيرهم كما قال تعالى : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } [الأنفال 60]. ومن تعلم شيئا من هذه العلوم الدنيوية ناوياً التقرب بها إلى الله كان له أجر وثواب، ومن تعلمها لا يتعلمها إلا للدنيا فلا حرج عليه ولا جناح ، بخلاف العلم الشرعي فلا يجوز تعلمه إلا لله.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.

هذا ، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد؛

فاتقوا الله تعالى واشكروه على تواتر نعمائه، وترادف آلائه ، وإن من نعم الله علينا أن وفق ولاة أمورنا إلى العناية بالعلم وطلابه ، فقد أمرت الدولة ، أيدها الله ، في ظل هذه الجائحةِ باستمرار التعليم عن بُعدٍ في جميع المراحل الدراسية حفاظاً على الأرواح.

ولا شك أن نجاح هذا المشروع يحتاج ، بعد توفيق الله ، إلى عناية الأسرة بأبنائها، ليتابعوا الدروس في المنصات المعتمدة من قبل الوزارة ، ومتابعتهم في حل واجباتهم، والتواصل مع المدرسة لحل ما يعرض من إشكالاتهم ، فخذوا الأمر بجد وحزم .

عباد الله ، إن الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل تعليم أبنائنا يجب أن تقابل منا بالشكر وأن نغرس في قلوب طلابنا قيم الولاء لولاة أمورنا باستشعار وجوب طاعتهم .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده إلى ما تحب وترضى .

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1442/1/8 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي