العدل بين الأولاد

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 4 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2150 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي جعلنا أمة وسطا وعدلاً بين الناس شهداء عليهم أحمده سبحانه وأشكره على نعمه وأسأله المزيد منها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله بعثه الله بالعدل ورفع الظلم ، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد؛

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:" أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟، قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.".رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري .

كان بشير والد النعمان له أولاد من نساء متعددات وكانت والدة النعمان تريد من زوجها أن يخص ابنها بشيء دون إخوته فأعطاه شيئاً من ماله دون إخوته فطلبت أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على تلك الهبة حتى تكون ثابتة لا يطرأ عليها تغيير ولا إبطال ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم شهد عليها وأقرها ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المبعوث بالرحمة والعدالة والمساواة ومحاربة الظلم والعدوان استنكر ذلك وعابه وأبى أن يشهد عليه وعده من الجور والظلم ، دل الحديث دلالة واضحة على وجوب المساواة في العطية بين الأولاد وأن التفضيل ظلم وجور إلا إذا رضوا به ووافقوا عليه كما وقع من أبي بكر رضي الله عنه فيما وهبه لعائشة رضي الله عنها وقد رجع عند موته، فقد " قال الصِّدِّيقُ لَمَّا حضَرَتْه الوفاةُ لِعائشةَ: يا بُنَيَّةُ، إنِّي كنْتُ نحَلْتُكِ جادَّ عشرينَ وسقًا، ولو كنْتِ جَدَدْتيه واحْتَزْتِيه كان لك، وإنَّما هو اليومَ مالُ الوارِثِ، فاقتَسِموه على كتابِ اللهِ تعالى" صححه الأباني في إرواء الغليل .

عباد الله :

من أراد أن يبره أولاده وأن يترحموا عليه إذا مات وأن لا تثور الأحقاد ويقع الظلم وتقطع الأرحام ويدعى عليه بعد موته بدلاً من أن يدعى له فليتق الله وليسو بين أولاده

وفي صحيح مسلم " أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة وقال له قولاً شديداً " فالنبي صلى الله عليه وسلم أبطل هذا التصرف وهذا العمل مع أنه عمل خير وتحرير رقاب غير أن فيه ظلماً على الورثة وحرمانا نالهم فأبطله وردهم في الملك ما عدا الثلث فأمضاه والثلث كثير كما قال صلى الله عليه وسلم

ولما كان في عهد عمر طلَّقَ غَيْلانُ بنُ سَلَمةَ الثَّقفيَّ نِساءَه، وقَسَمَ مالَه بين بَنيه، فبَلَغَ ذلك عُمَرَ، فقال: إنِّي لأَظُنُّ الشَّيطانَ فيما يَستَرِقُ مِنَ السَّمعِ سَمِعَ بمَوتِكَ، فقَذَفَه في نَفْسِكَ، ولعلَّكَ ألَّا تَمكُثَ إلَّا قَليلًا، وايْمُ اللهِ، لتُراجِعَنَّ نِساءَك، ولَتَرجِعَنَّ في مالِكَ، أو لأُوَرِّثُهُنَّ منك، ولآمُرَنَّ بقَبرِكَ فيُرجَمُ كما رُجِمَ قَبرُ أبي رِغالٍ." رواه عبد الله بن عمر وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريج مسند أحمد .

فالطلاق مباح ولكن ظن عمر رضي الله عنه أن مراده حرمان زوجاته وحجر المال على بنيه فقال فيه هذا القول الغليظ وألزمه هذا الإلزام فمن فرق قسمة الله وتمرد على الدين وقسم ماله أو أوقفه على حسب هواه وما يمليه عليه شيطانه كأن يقصد حرمان زوجته أو زيادة بعض أولاده على بعض فراراً من وصية الله بالعدل فهذا إثم ومنكر وتحيل على تغيير شرع الله وقسمته

فاتقوا الله عباد الله " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة 2

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى

أما بعد

عباد الله : اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ليبروا بكم بعد موتكم وتحاشياً للشحناء بينهم

اللهم اجعلنا من البارين بآبائنا العادلين بين أولادنا واجعل أولادنا يبرون بنا فيحسنون إلينا بعد موتنا بالصدقة والدعاء اللهم أصلح أولادنا واجعلهم شباباً صالحين حافظين لكتابك ملتزمين بشرعك داعين إلى الخير ناهين عن الشر اللهم أقر أعيننا بصلاحهم ، اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى واجعل عمله في رضاك ، وانصر جنودنا على حدودنا ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

4 - 1 - 1435هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي