حقوق الأخوة

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 3 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 2059 القسم: خطب الجمعة

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصل اللهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

عباد الله: اعلموا أن من حقوق المسلم على أخيه المسلم أن يسكت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته بل يتجاهل عنها ويسكت عن الرد عليه فيما يتكلم به ولا يماريه وأن يكف عن التجسس والسؤال عن أحواله وإذا رآه في طريق أو حاجة لم يفاتحه بذكر غرضه من مصدره ومورده ولا يسأله عنه فربما يثقل عليه ذكره وليسكت عن أسراره التي بثها إليه ولا يبثها إلى غيره ولا إلى أخص أصدقائه فإن ذلك من لؤم الطبع وخبث الباطن وأن يسكت عن القدح في أحبابه وأهله وولده وأن يسكت عن حكاية قدح غيره فيه فإن الذي سبك من بلغك والتأذي يحصل أولاً من المبلغ ثم من القائل نعم لا ينبغي أن يخفي ما يسمع من الثناء عليه فإن السرور به أولاً يحصل من المبلغ ثم من القائل وإخفاء ذلك من الحسد وبالجملة فليسكت عن كل كلام يكرهه جملة وتفصيلاً إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر ولم يجد رخصة في السكوت

أما ذكر مساوئه وعيوبه ومساوئ أهله فهو من الغيبة وذلك حرام في حق كل مسلم ويزجرك عنه أمران

أحدهما: أن تطالع أحوال نفسك فإن وجدت فيها شيئاً واحداً مذموماً فهون على نفسك ما تراه من أخيك وقدر أنه عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة كما أنك عاجز عما أنت مبتلى به ولا تستثقله بخصلة واحدة مذمومة فأي الرجال المهذب وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله فلا تنتظره من أخيك في حق نفسك فليس حقك عليه بأكثر من حق الله عليك

والأمر الثاني: أن تعلم أنك لو طلبت منزهاً عن كل عيب اعتزلت عن الخلق كافة ولن تجد من تصاحبه أصلاً فما من أحد من الناس إلا وله محاسن ومساوئ فإذا غلبت المحاسن المساوئ فهو الغاية والمنتهى فالمؤمن الكريم يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث من قلبه التوقير والود والاحترام أما اللئيم فإنه يلاحظ المساوئ والعيوب قال ابن المبارك: المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العثرات وقال الشافعي: ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ولا أحد يعصي الله ولا يطيعه فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل وإذا جعل مثل هذا عدلاً في حق الله فبأن تراه عدلاً في حق نفسك أولى وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساوئه يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن فسوء الظن غيبة بالقلب وهو منهي عنه أيضاً وحده أن لا تحمل فعله على وجه فاسد بل تحمله على وجه حسن فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة فعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرساً وهو الذي يستند إلى علامة فإن ذلك يحرك الظن تحريكاً ضرورياً لا يقدر على دفعه فعن ابي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"متفق عليه. وسوء الظن يدعو إلى التجسس والتحسس وهذا منهي عنه فستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها شيمة أهل الدين وإن من المؤسف له ويدعو للحزن أن ترى البعض من الناس أشغلوا أنفسهم بالتنقيب عن عيوب الصالحين بل ويفرح أحدهم إذا وجد مدخلاً يلج منه لينال من كرامته وعرضه نعوذ بالله من سوء الخاتمة ومن في قلبه سخيمة على مسلم فإيمانه ضعيف وقيل لبعض الأدباء: كيف حفظك للسر قال أنا قبره وقد قيل صدور الأحرار قبور الأسرار

عباد الله:

تدبروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ "لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا"رواه مسلم

. وأشد الاحتقار المماراة فإن من رد على غيره كلامه فقد نسبه إلى الجهل والحمق أو إلى الغفلة والسهو عن فهم الشيء على ما هو عليه

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له عل توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشانه وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم

أما بعد

عباد الله:

اتقوا الله و قوموا بما أوجب الله عليكم من حقوق إخوانكم فإن دينكم يأمركم بذلك وأطروا أنفسكم على ذلك أطرا

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم.اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم اجعل حبنا فيك وبغضنا فيك اللهم اسلل سخائم صدورنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا وطهر قلوبنا بالإيمان وأعنا على القيام بحقوق إخواننا علينا

اللهم احفظ لنا ولي امرنا و جنودنا على حدودنا

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.البقرة:201. وأدخلنا الجنة مع الأبرار واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم آمين يا رب العالمين

عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1435-1-3

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة