ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

إنفاق المال في طرق الخير

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 27 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 2440 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }. [آل عمران:102].

أما بعدُ؛

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الدين والدنيا فلقد أرسل الله إليكم رسولًا يتلو عليكم آيات ربكم ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة فبقي دينه متلوًّا في كتاب الله غير مبدل ولا مغير ومأثورًا فيما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفاض عليكم المال لتستعينوا به على طاعته وتتمتعوا به في حدود ما أباحه لكم فهو قيام دينكم ودنياكم فاعرفوا حقه وابذلوه على مستحقه، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}. {المزمل:20}.

عباد الله: إن مالَكُم في الحقيقة ما قدمتموه لأنفسكم ذخرًا لكم عند ربكم، ليس مالُكم ما جمعتموه فاقتسمه الوارثُ بعدكم، فإنكم سوف تخلفونه وتَدَعُونَه كما قال الله تعالى:{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } [الأنعام:94].

فسوف تنتقلون عن الدنيا أغنياء عما خلفتم فقراء إلى ما قدمتم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّكُمْ مالُ وارِثِهِ أحَبُّ إلَيْهِ مِن مالِهِ؟ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما مِنَّا أحَدٌ إلَّا مالُهُ أحَبُّ إلَيْهِ، قالَ: فإنَّ مالَهُ ما قَدَّمَ، ومالُ وارِثِهِ ما أخَّرَ. " [صحيح البخاري]

أيها المسلمون: لما نزل قوله تعالى "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" [آل عمران:92]." قَامَ أبو طَلْحَةَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى يقولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وإنَّ أحَبَّ أمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وإنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أرْجُو برَّهَا وذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يا رَسولَ اللَّهِ حَيْثُ أرَاكَ اللَّهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَخٍ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، وقدْ سَمِعْتُ ما قُلْتَ، وإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبِينَ. ..." [صحيح البخاري]

ومن إنفاق المال في طرق الخير أن يصرفه في بناء المساجد والمشاركة فيها فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"[صحيح ابن ماحه للألباني]. فالمساجد يصلي فيها المسلمون ويأوي إليها المحتاجون ويذكر فيها اسم الله بتلاوة كتابه وسنة رسوله والفقه في دينه وفي كل ذلك أجر لبانيها والمشارك فيها.

ومن إنفاق المال في طرق الخير تحبيسه وإنفاق غلته فيما يقرب إلى الله تعالى، ففي صحيح البخاري:" أَنْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أصابَ أرْضًا بخَيْبَرَ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فيها، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي أصَبْتُ أرْضًا بخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مالًا قَطُّ أنْفَسَ عِندِي منه، فَما تَأْمُرُ بهِ؟ قالَ: إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَها، وتَصَدَّقْتَ بها قالَ: فَتَصَدَّقَ بها عُمَرُ، أنَّه لا يُباعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، وتَصَدَّقَ بها في الفُقَراءِ، وفي القُرْبَى وفي الرِّقابِ، وفي سَبيلِ اللَّهِ، وابْنِ السَّبِيلِ، والضَّيْفِ لا جُناحَ علَى مَن ولِيَها أنْ يَأْكُلَ مِنْها بالمَعروفِ، ويُطْعِمَ غيرَ مُتَمَوِّلٍ قالَ: فَحَدَّثْتُ به ابْنَ سِيرِينَ، فقالَ: غيرَ مُتَأَثِّلٍ مالًا."

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجو بها النجاة يوم ألقاه، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصجابه وسلم، أما بعدُ.

عباد الله: أذكركم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ. "[صحيح البخاري]. وإن لكم إخوة في الإسلام هم أشد الحاجة إلى مؤازرتكم ووقوفكم بجوارهم فمن لهم بعد الله غيركم

أيها الإخوة: تذكروا قول الله عز وجل {إنما الصدقاتُ للفقراء والمساكين} [التوبة:60]. وقوله تعالى {يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة:267]. وقوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} [آل عمران:92]. وقوله تعالى: {الذين ينفقون في السراء والضراء} [آل عمران:134] وقوله :{وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار} [البقرة:270].

هذا، وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب:56]. وقال عليه الصلاة والسلام: "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا." [رواه مسلم].

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم احفظ ديارنا من كل مكروه وسوء، ووفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى، {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت:45].

1434/10/26 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي