الجهاد

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 16 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 1837 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصل اللهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا


يَاأَيها الذين ءامَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون.آل عمران:102.


يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.النساء:1.


يَا أ يها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً.الأحزاب:70-71.

أما بعد

عباد الله: اعلموا أنه لا بد للإسلام من قوة تحميه ولا بد لدعوة الإصلاح والخير من درع واقية تصد عنها هجمات الحاقدين دعاة الفوضى والفساد وإذا جرد العدو سلاحه يريد أن يسيطر على ارض الله وجبت مقاومته بكل قوة وتعين الوقوف في وجهه بكل حزم وشدة

ولا شيء بعد الإيمان بالله يعدل الجهاد في سبيله فهو ذروة سنام الإسلام وهو حمى الحق وسياج العقيدة والحفيظ على المبادئ الإنسانية قال سبحانه "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز"الحج:40. وقد ضمن الله لمن خرج مجاهداً في سبيله يدفعه إيمان بالله وتصديق بكتبه ورسله ورغبة فيما أعد للمجاهدين الصابرين من جزيل الثواب وعلو المنزلة في دار الكرامة ضمن الله إحدى الحسنيين إما أن يلقى ربه شهيداً فيدخله الله الجنة أو يرجعه إلى أهله سالماً بما نال من أجر قال تعالى "قل هل تربصون بنا إلا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون"التوبة:52. والشهداء ينزلون في الجنة مع النبيين والصديقين فهم إذاً في مكان عال في الجنة لا مع عامة المسلمين ممن لم يكونوا أنبياء ولا صديقين والشهداء يدخلون في ضمان الله وهذا يعني أن دخولهم فيها محقق وغير الشهداء لا ضمان لهم في دخول الجنة ولكنهم يدخلونها بمحض فضل الله كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لن يدخل أحداً عمله الجنة فقال الصحابة ولا أنت يا رسول الله فقال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة".رواه البخاري. وكل ما يلقاه المجاهد في طريق الجهاد من غربة أو مشقة وما يتعرض له من ضمأ أو نصب وكل ما يعانيه على أرض المعركة من حر أو برد أو عرق أو سهر فهو مدخر له عند الله يوفى جزاءه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون" وكل مسافة يقطعونها في القتال هجوماً على الأعداء أو دفاعاً عن بلاد المسلمين وحرمات الوطن كل ذلك سيكتب لهم ضمن أعمالهم الصالحة ومن هذا كله يخلص لنا أن للجهاد في سبيله الله مكانة لا تعدلها مكانة وأنه في ميزان الله يرجح رجحاناً عظيماً ولقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الجرح الذي يصيب بدن المجاهد في سبيل الله يجئ يوم القيامة كهيئته شاهد صدق على حسن بلاء صاحبه لونه لون دم وريحه ريح مسك ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشجع الشجعان وبطل الأبطال يود أن يباشر بنفسه قيادة الجيوش في كل معركة ولولا مخافته أن يشق على المسلمين ما تخلف عن سرية قط فهو بالمؤمنين رؤف رحيم فلو أنه خرج مع كل سرية لوقع المسلمون في حرج شديد والجهاد في نظر الإسلام ضرورة لدفع العدوان وإقرار السلام وتثبيت دعائم الإسلام في الأرض فالباعث على الجهاد ليس طمعاً في استعباد الشعوب وقهر النفوس يقول الله تعالى "لا اكره في الدين قد تبين الرشد من الغي" البقرة:256.فالإسلام لا يطلب من غير المسلمين إلا أن يكفوا شرهم عن دعوته وألا يثيروا الفتن ويضعوا العوائق في طريق الدعوة الإسلامية فإن تمردوا وبغوا فقد أذن الله لأهل الإسلام أن يردوا العدوان بالقوة إقرار للسلم وإقامة للقسط "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"البقرة:190. فالسلم هو القاعدة وهو العلاقة الأصلية بين البشر هكذا يريد الإسلام أن يعيش الناس اخوة يتعارفون على الحق ويتعاونون على البر والجهاد ليس إلا علاجاً لشذوذ من لم تنفع فيه الحكمة وقمعاً لشر من لم تجد فيه الموعظة الحسنة وإذا لم يكن من الحرب بد فالإسلام يحذر أن تكون الحرب حرب تنكيل أو تخريب فلا يبيح قتل الأطفال والرهبان والضعفاء والعجزة والمدنيين الذين لم يشتركوا في القتال .

هذه شريعة الإسلام في الجهاد تنطق بأن القتال شرع في الإسلام لدفع الاعتداء وأن القتل فيه الجأت إليه الضرورة التي لا تكون إلا في اضيق حدودها والإسلام يفتح باب الأمان لحقن الدماء وحماية الأنفس "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله"الأنفال:61. فما اجدرنا في هذه الفترة الحاسمة من تاريخنا ونحن نرى قوى الشر والبغي تتجمع من حولنا تريد أن تحتل بلادنا وتستغل مواردنا وتنهب خيراتنا وتتحكم في مستقبلنا ومصيرنا ما أجدرنا أن نهب جميعاً للدفاع عن ديننا وبلادنا ونحن على ثقة من أن النصر بيد الله وأنه سبحانه قد جعله حقاً على نفسه بمحض فضله للمؤمنين فقال عز من قائل: وكان حقاً علينا نصر المؤمنين.الروم:37.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.آل عمران:102. وجاهدوا أنفسكم وأصلحوا من تحت أيديكم فإذا صلح الفرد صلح المجتمع وخصوا ولاة أموركم بالدعاء قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" وقال الفضيل بن عياض: لو كانت لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المجاهدين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين اللهم احفظ لنا بلادنا وولاة أمرنا وعلمائنا واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن

1434-10-15

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 7 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي