الإسراء والمعراج 3

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 21 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 2481 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي امتنَّ على عباده برسوله المبعوث رحمةً للعالمين وأكرمهم برسالته الخالدة إلى يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكرم عبدَه محمداً في ليلة الإسراء والمعراج فأراه من آياته الكبرى ، وأفاض عليه من رحمته وتشريفه عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، تَشَرَّف بالعبودية كما تشرف بالرسالة الإلهية فنال الحسنيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعدُ:

فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " الإسراء:1

عباد الله: شاءت إرادة الله أن يجعل الإسراء والمعراج من بيت المقدس ومجمع الأنبياء ليثبت في يقين الأمة المحمدية ومشاعرها معنى الوحدة بين أرجاء الوطن المسلم ويرمز إلى الرباط الوثيق بين المسلمين أينما كانوا وبين معراج نبيهم الكريم .

والإسراء والمعراج معجزة من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

والقرآن أيها المسلمون هو المعجزة الكبرى الدالة على صدق النبوة ولزوم الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم فأما ما عداها من الأحداث والدلائل فقد كانت أحداثاً لها قيمتها في حياة النبي ولها حكمتها في تأييد الدعوة المحمدية وقد جهد النبي صلى الله عليه وسلم دائماً أن يصرف الناس عن أن يقفوا أمام المعجزة أو شبه المعجزة التي تخاطب الجوارح ومن ذلك ما حدث يوم مات ولده إبراهيم حين انكسفت الشمس فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشمسَ والقمرَ آيتان من آيات الله لا يخْسِفَانِ لموت أحدٍ ولا لحياته " رواه البخاري ومسلم .

فإذا نظرنا إلى الإسراء والمعراج بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم قلنا إنه كان معجزة لأنه هو الذي أُسْرِي به وهو الذي عُرِجَ به إلى السموات العلا وهو الذي رأى ما رأى من عظمة الكون وحقائق الوجود فأما الناس فإنهم لم يروا شيئاً وإنما سمعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أخباراً بالغيب الذي لم يطلع عليه سواه وكان عليهم في هذا الوقت أن يصدقوا إن كانوا مؤمنين أو يبقوا على حالهم إن كانوا كافرين.

وإن من المعاني التي تتصل بهذا الحدث الخالد هذا التوقيت فقد كان الإسراء بعد أن ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ثقيف يعرض عليهم الإسلام وبعد أن صبر على أذى قريش وظن أنه ربما يجد في الطائف من ينصره بعدما ضاقت به الحال عقب وفاة عمه أبي طالب وزوجه خديجة رضي الله عنها فقابلوه بالحجارة حتى دميت قدماه وبكى وحين خذلت ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع في حيرة من أمره فكان الإسراء والمعراج تثبيتاً وطمأنة له أن القدرة الإلهية كلها تقف بجانبه وأن عناية الله أرحم من أن تتركه ضحية للتآمر أو عرضة للانهيار مهما حدث من عناد المشركين فكأن قدرة الله تخاطبه في رحلته قائلة: يا محمد سوف تجتاز الصعاب برعايتنا ورحمتنا كما تتخطى الأرض والسموات بقدرتنا ورعايتنا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروا إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.

أما بعد

عباد الله : حسبنا من تلك الليلة أن الله اختارها ليفرض فيها على هذه الأمة فريضة الصلاة حين دنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من ذي الجلال فأوحى إلى عبده ما أوحى ورأى من آيات ربه الكبرى وفي هذا المجال الرباني الذي يفيض رحمة وعظمة فرضت الصلاة على أمة محمد خمساً في العدد وخمسين في الأجر ، فعن أنس بن مالك ، رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"فَرَجَعْتُ فراجعتُ ربِّي فقال : هي خمسٌ وهي خمسونَ لا يُبدلُ القولُ لديَّ " رواه البخاري ومسلم .

فاتقوا الله أيها المسلمون وانتهزوا الأيام لتقدموا لأنفسكم خيراً ولتتذكروا أنها كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أيام كفاح لم يذق خلالها طعم الراحة ولا ادخر وسعا في النصح لكم والعمل لإنقاذكم وإسعادكم دعاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين دعوته ورسم الطريق وخاض الحرب وغمراتها من أجل أن تصبحوا مسلمين فاحرصوا على إسلامكم لأنه أمل نبيكم ومرضات ربكم وسعادتكم في الدارين

فوحدوا ربكم وصلوا على نبيكم كما أمركم إلهكم وخالقكم بذلك في محكم كتابه بقوله " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب:56 ، وقال عليه الصلاة والسلام " من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وانصر المستضعفين في كل مكان وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم وعاد من عاداهم ووال من والاهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم ، اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى ، وانصر جنودنا على الحد الجنوبي .

وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد .

19 - 9 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 9 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة