الإسراء والمعراج

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 19 رجب 1437هـ | عدد الزيارات: 1631 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد؛

أيها الناس: اتقوا الله تعالى ، واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم الكبرى ، فإن نعم الله علينا سابغة، وفضله علينا عظيم ، لقد منّ الله علينا وبعث فينا خير خلقه أجمعين محمداً -صلى الله عليه وسلم- وفضَّلَه بخارقة عجيبة في تاريخ الإسلام, ومعجزة خالدة حيَّرت عقولَ أعداء الإسلام ، وقرَّت بها أعينُ المؤمنين وازدادوا بها إيماناً وتصديقاً لمحمد صلى الله عليه وسلم .

تلك المعجزة العظيمة إنها الإسراء والمعراج بأكرم الخلق على الله محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث عُرِج به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .

أيها المسلمون حادثة الإسراء والمعراج حادثة عظيمة ، والعلماء -رحمهم الله- اختلفوا في تحديد الإسراء والمعراج, والصحيح- أنه ليس ثمة جزم على التحديد بشهر معين

أمة الإسلام إننا إذا رجعنا للكتاب والسنة, وفعل الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم, نجد أنهم لم يحتفلوا بذكرى الإسراء والمعراج

عباد الله لما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بـمكة قبل الهجرة أوتي بدابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار يقال لها البراق, يضع خَطْوه عند منتهى طرفه, فركبه -صلى الله عليه وسلم- بصحبة جبريل الأمين -عليه السلام-, حتى وصل بيت المقدس فنزل هناك وصلّى بالأنبياء إماماً

ثم عَرج به جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل, قال ومن معك؟ قال محمد, قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له -صلى الله عليه وسلم-, فوجد فيها آدم -عليه السلام-, فقال جبريل هذا أبوك آدم فسلّم عليه؟ فسلّم عليه فرد -عليه السلام- وقال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح, وإذا على يمين آدم -عليه السلام- أرواح السعداء, وعلى يساره أرواح الأشقياء من ذريته, فإذا نظر إلى اليمين سر وضحك, وإذا نظر قِبل شماله بكى

ثم عَرج به جبريل إلى السماء الثانية فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له فوجد فيها يحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام وهما أبناء خالة، فقال جبريل هذان يحيى وعيسى فسلِّم عليهما, فسلَّم عليهما فردا السلام, وقالا مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح

ثم عرج به جبريل إلى السماء الثالثة فاستفتح, فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, فوجد فيها يوسف -عليه السلام- فقال جبريل هذا يوسف فسلِّم عليه, فسلَّم عليه فردَّ السلام, وقال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح

ثم عَرج به جبريل إلى السماء الرابعة فاستفتح, فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له فوجد فيها إدريس -عليه الصلاة والسلام-, فقال جبريل هذا إدريس فسلِّم عليه, فسلَّم عليه, فردَّ السلام وقال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح

ثم عَرج به جبريل إلى السماء الخامسة فاستفتح, فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له فوجد فيها هارون بن عمران أخا موسى -عليه السلام-, فقال جبريل هذا هارون فسلِّم عليه, فسلَّم عليه, فرد السلام وقال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح

ثم عَرج به جبريل إلى السماء السادسة فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له فوجد فيها موسى -عليه الصلاة والسلام-, فقال جبريل هذا موسى فسلِّم عليه, فسلَّم عليه, فردّ -عليه السلام- وقال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح

ولما تجاوزه بكى موسى -عليه السلام-, فقيل له ما يبكيك؟ قال أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي, فكان بكاء موسى حزناً على ما فات أمته من الفضائل, لا حسداً لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-

ثم عَرج به جبريل إلى السماء السابعة فاستفتح, فقيل من هذا؟ قال جبريل, قيل ومن معك؟ قال محمد , قيل وقد أرسل إليه؟ قال نعم, قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء, ففتح له فوجد فيها إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- خليل الرحمن, فقال جبريل هذا أبوك إبراهيم فسلِّم عليه، فسلَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إبراهيم, فرد -عليه السلام- وقال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح, وكان إبراهيم -عليه السلام- مسنداً ظهره إلى البيت المعمور في السماء السابعة الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون ويصلون, ثم يخرجون ولا يعودون إليه, ويأتي غيرهم من الملائكة الذين لا يحصيهم إلا الله

ثم رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سِدْرة المنتهى فغشيها من أمر الله من البهاء والحسن ما غشيها, حتى لا يستطيع أحد أن يصفها من حسنها

ثم فرض الله عليه الصلاة خمسين صلاة كل يوم وليلة, فرضي بذلك -صلى الله عليه وسلم- ثم نزل؛ فلما مر بموسى -عليه السلام-, قال ما فرض ربك على أمتك؟ قال خمسين صلاة في كل يوم وليلة, فقال إن أمتك لا تطيق ذلك, وقد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة, فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك, قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فرجعت فوضع عني عشراً, وما زال يراجع ربه حتى استقرت الفريضة على خمس, فنادى مناد أن أمضيت فريضتي وخففت على عبادي, أي خمسين في الميزان وخمس في العمل

ثم نَزَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى مكة بغلس, وصلّى فيها الصبح فلما أصبح أخبر قريشاً بما رأى, فكان في ذلك امتحاناً لهم وزيادة في الطغيان والتكذيب, وقالوا كيف تزعم يا محمد أنك أتيت بيت المقدس ورجعت في ليلة ونحن نضرب إليه أكباد الإبل شهراً في الذهاب وشهراً في الرجوع؟! فهات وصف لنا بيت المقدس؟

فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصفه لهم حيث جلّاه الله له, فجعل ينظر إليه وينعته لهم, فبهتوا! وقالوا أما الوصف فقد أصاب

وجاء الناس إلى أبي بكر -رضي الله عنه-, فقالوا إن صاحبك يقول كذا وكذا, فقال إن كان قاله فقد صدق, ثم جاءه وحوله المشركون يحدثهم -صلى الله عليه وسلم- فكلما قال -صلى الله عليه وسلم- شيئاً, قال أبو بكر صدقت, فَسُمي الصديق من أجل ذلك -رضي الله عنه- وأرضاه

واستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه, وأشكره على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

عباد الله اتقوا الله

هذه هي الصلاة فرضها الله سبحانه وتعالى على نبيه بعدما عرج به جبريل إلى السماء وهذا يدل على أهميتها عند الله تعالى فحافظوا عليها يا رعاكم الله في المساجد فإن من تركها تساهلاً فإنه يكفر فهي الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي من تركه تساهلاً كفر

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد, وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين وارزقهم البطانة الصالحة, اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا, اللهم أصلح فساد قلوبنا, اللهم ردنا إليك رداً جميلاً, يا رب العالمين

اللهم وفقنا جميعاً لما تحبه وترضاه, وجنبنا ما تبغضه وتأباه, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا ومضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اغفر لنا في هذه الساعة أجمعين, وهب المسيئين منا للمحسنين, واجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات في جنات الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين, واجمعنا بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في جنات النعيم يا رب العالمين, ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم, إنك على كل شيء قدير

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, وقوموا إلى صلاتكم

19-07-1437 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي