الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛
من آداب الأذان ومستحباته:
التَّرَسُّل أَوِ التَّرْتِيل:
بوَّبَ الإمام الترمذي -رحمه الله- في جامعه باب ما جاء في الترسل في الأذان، والعلماء -رحمهم الله- استحبُّوه -أعني: الترسل.، وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "ويستحب في الأذان الترسل".
أن يؤذن على طهارة:
لقول النبي، صلى الله عليه وسلم،: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" -أو قال-: "على طهارة"؛ [صححه الألباني في إرواء الغليل]
وإنما لم يشترطوا فيه الطهارة أو استقبال القبلة؛ لأن الأذان من جملة الأذكار فلا يُشترَط فيه ما يُشترَط في الصلاة من الطهارة ولا من استقبال القبلة كما نص العلماء -رحمهم الله-
أن يكون صوت المؤذن حسنًا:
عن أبي محذورة -رضي الله عنه-:" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر نحوًا من عشرين رجلًا فأذَّنُوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعَلَّمه الأذان..."؛ [أخرجه الدارمي، وصححه الألباني]، وعن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: -وفيه- "..فلما أصبحت أتيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبرته بما رأيت فقال: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتًا منك"؛ [أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وغيرهما، وحسنه الألباني في إرواء الغليل].
قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم : "فإنه أندى صوتًا منك" قيل معناه: أرفع صوتًا، وقيل: أطيب.، فيؤخذ منه استحباب كون المؤذِّن رفيع الصوت وحسنه، وهذا متفق عليه.
أن يجعل أصبعيه في أذنيه:
عن أبي جحيفة -رضي الله عنه-: "رأيت بلال يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعاه في أذنيه "؛ [أخرجه الترمذي، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، قال الألباني في إرواء الغليل: "وهو كما قالا"
وفي ذلك فائدتان:
إحداهما: أنه قد يكون أرفع لصوته.
ثانيهما: أنه علامة للمؤذِّن ليعرِف مَنْ رآه على بُعْد أو كان به صَمَم أنه يُؤذِّن
رفع صوته بالأذان:
عن أبي سعيد الخُدْري -رضي الله عنه- قال: "لا يسمع مدى صوت المؤذِّن جِنٌّ ولا إنْسٌ ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة))، قال أبو سعيد: "سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-"؛ [صحيح البخاري ]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "المؤذِّن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس..."؛ [صحيح أبي داود للألباني].
قال ابن رجب -رحمه الله- في فتح الباري : "والأذان له فوائد:...
ومنها: أنه إعلام للغائبين عن المسجد؛ فلهذا شرع فيه رفع الصوت، وسُمِّي نداءً؛ فإن النداء هو الصوت الرفيع"
الالتفات في الحيعلة يمينًا وشمالًا:
عن أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة وهو بالأبطح في قُبَّة له حمراء من أُدُم، قال: فخرج بلال بوضوئه فمن نائل وناضح، قال: فخرج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عليه حُلَّة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضَّأ وأذَّن بلال، قال: فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يمينًا وشمالًا، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.."؛ [صحيح مسلم]
الأذان على موضعٍ عالٍ:
عن امرأة من بني النجار قالت: "كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذِّن عليه الفجر"؛ [حسنه الألباني في الإرواء ]
الأذان قَائِمًا:
عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال -إلى أن قال-: "... قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنى لما رجعت - لما رأيت من اهتمامك - رأيت رجلًا كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن..". [ صحيح أبي داود الألباني، ].
العلم بمواقيتِ الصلاةِ:
عن جابر بن سَمُرة -رضي الله عنه- قال: "كان بلال يُؤذِّن إذا دَحَضَتْ فلا يقيم حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه"؛ [أخرجه مسلم ].
الاحتساب في الأذان وعدم طلب أجر عليه:
قال الله -عز وجل-: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].
وعن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، اجعلنى إمام قومي، قال: "أنت إمامهم، واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذِّنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا"؛ أخرجه أبو داود وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الألباني في الإرواء : "وهو كما قالا"]
الأمانة:
قال الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، ولحديث عبدالملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه- مرفوعًا به: "أُمناءُ المسلمين على صلاتهم وسحورهم: المؤذنون"؛ [رواه البيهقي ، وحسَّنَه الألباني في إرواء الغليل ].
اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ:
حديث عبدالله بن زيد في نزول الملك بالأذان قال: قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: "..إنَّ رجلًا من الأنصار يُقال له عبدالله بن زيد أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله، إني رأيت فيما يرى النائم -ولو قلت إني لم أكن نائمًا لصدقت- أني بينا أنا بين النائم واليقظان إذ رأيت شخصًا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة، فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، مثنى مثنى حتى فرغ من الأذان.."[أخرجه أحمد وأبو داود وصحَّحه الألباني بشواهده في الثمر المستطاب].
وبالله التوفيق
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
1434/8/22 هـ