ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثاني والعشرون: باب الحيض

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 21 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2279 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛

بــــاب الحيض

الحيض في اللغة: السيلان ، يقال حاض الوادي إذا سال، ودم الحيض سمي حيضاً لسيلانه من رحم المرأة في أوقاته المعتاده، ، واستحيضت استمر بها الدم بعد أيامها على سبيل النزف، والاستحاضة دم يخرج في غير أوقاته فدم الحيض يخرج من قعر الرحم أسود محتدم أي حار كأنه محترق، وأما الاستحاضة فهو فساد من عرقٍ يسيل منه الدمُ ، يسمى العاذر، وأما دم النفاس فهو الدم الخارج بعد فراغ الرحم.

وفي الشرع: دم طبيعة وجبلة يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة.

والأصل فيه: الكتاب والسنة والإجماع

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ } [البقرة 222]

والسنة: مستفيضة وكذا الإجماع

قال النووي: النساء على أربعة أضرب:

طاهر وهي ذات النقاء، وحائض وهي من ترى الحيض في زمنه بشرطه، ومستحاضة وهي من ترى الدم على أثر الحيض على صفة لا يكون حيضاً، وذات الفساد وهي من يبتدئها دم لا يكون حيضاً.

والمعروف عند الفقهاء أن له حداً يبدأ بتسع وينتهي بخمسين ودليلهم العادة والصحيح أنه ليس له حد إلا أن الفقهاء يعتمدون على الغالب.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن المنذر وجماعة من أهل العلم أنه لا صحة لهذا التحديد وأن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض فهو حيض

والدليل على ذلك ما يلي:

أولاً: عموم قوله تعالى :{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة 222] فقوله :{قُلْ هُوَ أَذًى} حكم معلق بعلة وهو الأذى فإذا وجد هذا الدم الذي هو الأذى وليس دم العرق فإنه يحكم بأنه حيض

وصحيح أن المرأة قد لا تحيض غالباً إلا بعد تمام تسع سنين لكن النساء يختلفن فالعادة خاضعة لجنس النساء وأيضاً للوراثة فمن النساء من يبقى عليها الطهر أربعة أشهر ويأتيها الحيض لمدة شهر كامل كأنه والله أعلم ينحبس ثم يأتي جميعاً

ومن النساء من تحيض في الشهر ثلاثة أيام أو أربعة أو خمسة أو عشرة

ثانياً: قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ }(الطلاق4) أي عدتهن ثلاثة أشهر

ولم يقل واللائي بلغن خمسين سنة بل قال واللائي يئسن من المحيض فالله سبحانه رد هذا الأمر إلى معقول معلل

والله علق نهاية الحيض باليأس وتمام الخمسين لا يحصل به اليأس إذا كانت عادتها مستمرة وإن كان هو الغالب.

فتحديد أوله بتسع سنين وآخره بخمسين سنة لا دليل عليه

والصواب أنه متى وجد الحيض ثبت حكمه ومتى لم يوجد لم يثبت له حكم

ويمكن أن يوجد قبل تسع سنين وبعد الخمسين وهذا يشهد له الواقع

فإن قيل هل العادة أن يذكر القرآن السنوات بأعدادها ؟

الجواب: نعم قال تعالى :{حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف 15] ولو كانت مدة الحيض معلومة بالسنوات لبينه الله تعالى لأن التحديد بالخمسين أوضح من التحديد بالأياس.

وكذلك تحديد مدة الحيض بأن أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً غير صحيح إذ لا دليل على ذلك، والصحيح أن غالبه ست أو سبع لثبوت السنة به حيث أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لحَمْنةَ بنتِ جَحشٍ رَضِي اللهُ عنها: تحيَّضي ستَّةَ أيَّامٍ أو سبعةَ أيَّامٍ في علمِ اللَّهِ ثمَّ اغتسِلي.» [صحيح أبي داود للألباني

والقول بأن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً غير صحيح لأن من النساء من تكون حيضها أقل من يوم وليلة والطهر بين الحيضتين أقل من ثلاثة عشر يوماً ولا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين؛ لأنه وجد من النساء من لا تحيض أصلاً

وتقضى الحائض الصوم لا الصلاة ولا يصحان منها بل يحرمان

والدليل على ذلك أن كل ما لا يصح فهو حرام وليس كل حرام فاسد لكن، كل فاسد حرام قال صلى الله عليه وسلم:"... مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ، فليسَ له، وإنِ اشْتَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ." [صحيح البخاري]

ويحرم وطؤها في الفرج

والحرام ما نهي عنه على سبيل الإلزام بالترك وحكمه يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله

والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ } [البقرة 222] ويستمتع بها بما دونه أي دون الفرج

وإذا انقطع الدم ولم تغتسل لم يبح غير الصيام والطلاق.

فائدة: إذا طهرت قبل الأربعين جاز وطؤُها ، كما أفتت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز رحمه الله بأن طلاق الحائض لا يقع.

والمستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة ويجوز وطئها وهو القول الصحيح بدليل: قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة 223]

و الدماء ثلاثة: حيض واستحاضة ونفاس.

والنفاس: دم يخرج من المرأة عند الولادة أو معها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق، وهو دم ترخيه الرحم للولادة وبعدها، وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل، قال الترمذي: أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي. أ.هـ، واللجنة الدائمة برئاسة ابن باز رحمه الله ترى أن المرأة إذا اسقطت في الأشهر الثالثة الأولى فالدم يعتبر دم استحاضة تصلي وتصوم أما في الشهر الرابع فالدم دم نفاس تتوقف عن الصلاة حتى يتوقف الدم أ.هـ، وإذا نفست المرأة فقد لا ترى الدم وهذا نادر جداً وعلى هذا لا تجلس مدة النفاس، والمذهب أكثر مدة النفاس أربعون يوماً، واستدلوا بما روي عن أم سلمه رضى الله عنها قالت: "كانت النُّفَساءُ تجلِسُ على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً " [صحيح سنن الترمذي للألباني].

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/8/20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر