ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثامن: باب السواك

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 15 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 3336 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛

(باب السواك وسنن الوضوء)

السواك: فعال من ساك يسوك أو من تسوك يتسوك، فهو يطلق على الآلة التي هي العود فيقال هذا سواك من أراك كما يقال مسواك ويطلق على الفعل ويقال السواك سنة أي التسوك الذي هو الفعل، والسواك مشروع وورد أنه من سنن المرسلين وأول من استاك إبراهيم عليه السلام.

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ ، مَرضاةٌ للرَّبِّ" [صحيح النسائي للألباني] ، وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مئة حديث مما يدل على أنه سنة مؤكدة حثَّ الشارعُ عليه، ورغَّب فيه وله فوائد عظيمة من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث أنه مطهرة للفم مرضاة للرب.

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويذهب بالحفر، ويصفي المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات.

والتسوك يدخل فيه كل أجناس العيدان سواء كانت من جريد النخل أو من عراجينها أو من أغصان العنب أو من غير ذلك فهو جنس شامل لجميع الأعواد فلا يقتصر على أعواد الأراك، ويكون هذا العود الذي يستاك به لينا لأن الأعواد القاسية تضر اللثة إن أصابتها، فإن لم يتيسر له مسواك جعل خرقة على إصبعه وتسوك بها فالإنقاء بالخرقة أبلغ من الإنقاء بمجرد الإصبع.

والدليل على سنية السواك قوله صلى الله عليه وسلم: " لَوْلَا أنْ أشُقَّ علَى أُمَّتي أوْ علَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ مع كُلِّ صَلَاةٍ. " [صحيح البخاري] والسواك في كل وقت أي بالليل والنهار والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة، "السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ ، مَرضاةٌ للرَّبِّ" [صحيح النسائي للألباني] فأطلق النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقيد في وقت دون وقت وفي هذا فائدتان:

الفائدة الأولى: دنيوية كونه مطهرة للفم.

الفائدة الثانية: أخروية كونه مرضاة للرب، وكل هذا يحصل بفعل بسيط فيحصل على أجر عظيم.

والاستياك مسنون للصائم ولغيره سواء كان قبل الزوال أو بعده وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ومالك وأبي حنيفة وهذا رد على من يكرهون التسوك بعد الزوال للصائم بحجة قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ" [صحيح البخاري]، فربط الحكم بالزوال منتقض لأنه قد تحصل هذه الرائحة قبل الزوال لأن سببها خلو المعدة من الطعام وإذا لم يتسحر الإنسان آخر الليل فإن معدته ستخلو مبكرة.

إضافة إلى أن من الناس من لا توجد عنده هذه الرائحة الكريهة إما لصفاء معدته أو لأن معدته لا تهضم بسرعة فتكون هذه العلة منتقضة.

ويتأكد السواك قرب كل صلاة وانتباه من نوم وتغير فم ودليل السواك عند الصلاة قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لَوْلَا أنْ أشُقَّ علَى أُمَّتي أوْ علَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بالسِّوَاكِ مع كُلِّ صَلَاةٍ. " [صحيح البخاري]، فكلمة عند في الحديث تقتضي القرب فكلما قرب من الصلاة فهو أفضل.

وليس من شروط التسوك أن يكون الفم وسخًا فعند الصلاة يشمل الفرض والنفل وصلاة الجنازة لعموم الحديث ودليل مشروعية السواك عند الانتباه من النوم قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:" أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بالسِّوَاكِ". [صحيح البخاري].

قال العلماء معنى يشوص يغسله ويدلكه بالسواك والانتباه من النوم يشمل نوم الليل والنهار؛ لأن العلة واحدة وهي تغير الفم بالنوم.

والدليل على مشروعية السواك عند تغير الفم قوله صلى الله عليه وسلم:"السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ" [صحيح النسائي للألباني]

ويستاك بما تقتضيه الحال فإذا اقتضت الحال أن يستاك طولاً استاك طولاً وإذا اقتضت أن يستاك عرضاً استاك عرضاً لعدم ثبوت سنة بينة في ذلك.

ويبتدئ بجانب فمه الأيمن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله.

لكن: هل يستاك باليد اليمنى أو اليسرى؟

قال بعض المالكية إن تسوك لتطهير الفم كما لو استيقظ من نومه أو لإزالة الأكل الباقي فيكون باليسار لأنه لإزالة الأذى وإن تسوك لتحصيل السنة فباليمنى لأنه لمجرد القربة كما لو توضأ قريباً واستاك عند الوضوء ثم حضر إلى الصلاة فإنه يستاك لتحصيل السنة، الأمر واسع لعدم ثبوت نص واضح، ويدهن شعره غبا أي لا يستعمله دائماً ويكتحل وتراً أي ثلاثة في كل عين، وينبغي أن يكتحل بالإثمد في كل ليلة وهو نوع من الكحل مفيد جداً للعين .

والتسمية تكون واجبة عند الأكل، بدعةً عند الأذان، وعند الصلاة، وعند قراءة القرآن تقرأ في أول السورة لا في وسطها.

ويجب الختان على من لم يخف على نفسه، وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تبرز الحشفة ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المحتقنة في القلفة وغير ذلك من الفوائد.

وقد اختتن إبراهيم الخليل عليه السلام بعد ثمانين من عمره ويرجع في الضرر إلى الأطباء الثقات وإذا كان يضره في الصيف أخره إلى زمان الخريف فهو واجب في حق الرجال سنة في حق النساء.

ووجه التفريق بينهما أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة لأنه إذا بقيت هذه الجلدة فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك.

وأما في حق المرأة فغاية فائدته أنه يقلل من غلمتها أي شهوتها وهذا طلب كمال وليس من باب إزالة الأذى ومعلوم أن ختان المرأة قطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج قال الفقهاء رحمهم الله إنها تشبه عرف الديك.، ولا بد من وجود طبيب حاذق يعرف كيف يختن فإن لم يوجد فإنه يختن نفسه إذا كان يحسن وإبراهيم عليه السلام ختن نفسه، وإذا خاف على نفسه الهلاك أو المرض فإنه لا يجب ووقت وجوبه عند البلوغ حينما تجب عليه الطهارة والصلاة ، ويجوز للخاتن أن ينظر إلى عورة المختون ولو بلغ عشر سنين وذلك للحاجة والدليل على وجوبه في حق الرجال.

أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم "خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ-: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ." [صحيح البخاري]

ثانياً: أن الختان ميزة بين المسلمين والنصارى حتى كان المسلمون يعرفون قتلاهم في المعارك بالختان، فالمسلمون والعرب قبل الإسلام واليهود يختتنون والنصارى لا يختتنون وإذا كان ميزة فهو واجب

ثالثاً: أنه قطع شيء من البدن وهذا لا يجوز والحرام لا يستباح إلا بالواجب.

رابعاً: أنه يقوم به ولي اليتيم وهو اعتداء عليه واعتداء على ما له لأنه سيعطي الخاتن أجرة من ماله فلو لا أنه واجب لم يجز الاعتداء على ماله وبدنه.

وأما بالنسبة للمرأة أنه سنة لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة بقوله: " لا تُنْهِكي فإن ذلك أحظَى للمرأةِ وأحبُّ إلى البعلِ. " صحيح أبي داود للألباني.

ويكره القزع، والقزع حلق بعض الرأس وترك بعض وهو أنواع:

أولاً: ان يحلق غير مرتب وهذا واضح أنه مكروه لأنه مشوه

ثانياً: أن يحلق وسطه ويترك جانبيه

ثالثاً: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه. قال ابن القيم رحمه الله كما يفعله السفل

والقزع مكروه إلا إذا كان متشبها بالكفار فهو محرم لأن التشبه بالكفار محرم قال النبي صلى الله عليه وسلم "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم" [صحيح الجامع للألباني ]ودليل كراهة القزع ما روى ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك البعض مأخوذ من قزع السحاب وهو المتفرق منه

وفي خصال الفطرة روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ-: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ." [صحيح البخاري]

وخضاب الشيب بالحمرة والصفرة سنة مستحبة لما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ." [صحيح البخاري]، وعن عثمان بن عبدالله بن موهب وهو من التابعين، قال:" دَخَلْتُ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فأخْرَجَتْ إلَيْنا شَعَرًا مِن شَعَرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَخْضُوبًا." وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ أحسنَ ما غيرتُم به الشيبَ الحناءُ والكتمَ " [صحيح النسائي للألباني]

وأما الاستحداء فهو استعمال الحديد في إزالة شعر العانة ولو قصه جاز والحلق أفضل والأفضل في الأبط أن ينتفه ولو حلقه أو قصه جاز، ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة وإن أخذ أكثرها جاز لأن الله سبحانه أمرنا باتباع ملة إبراهيم عليه السلام، والختان من ملته لما روى أبوهُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالقَدُومِ " [صحيح البخاري]

وأما المرأة يستحب ألا يجتذ خافضها، لقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ كانت تَخْتِنُ بالمدينةِ :" لا تُنْهِكي فإن ذلك أحظَى للمرأةِ وأحبُّ إلى البعلِ. " [صحيح أبي داود للألباني]

"قوله: "لا تُنهكي " أي لا تبالغي في استقصاء الختان .

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبالله التوفيق

1434/8/14 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة