ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس التاسع: سنن الوضوء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 15 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 2654 القسم: دروس في الفقه الإسلامي -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛

(سنن الوضوء)

السنة عند الفقهاء والأصوليين، رحمهم الله تعالى، ما سوى الواجب أي الذي أمر به لا على سبيل الالزام، وحكمها أنه يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.

ومن سنن الوضوء السواكُ، وتقدم أنه يتأكد عند الوضوء، وغسل الكفين ثلاثاً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إذا توضأ بدأ بغسل الكفين ثلاثاً، "عن عَمرِو بن أبي حسن: أنَّه سأل عبدَ الله بنَ زيدٍ عن وُضوءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدعا بتَورٍ مِن ماءٍ، فتوضَّأ لهم، فكفَأَ على يديه فغَسَلهما ثلاثًا..." [صحيح البخاري] ،ولأنهما آلة الغسل بهما ينقل الماء وتدلك الأعضاء فكان أليق أن يتقدم تطهيرها فإن قيل لماذا لا يقال أن غسلها واجب لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم

فالجواب أن الله يقول "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ " [المائدة 6] ولم يذكر الكفين.

ويجب غسل الكفين ثلاثاً إذا كان قائماً من نوم ليل لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِن نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أنْ يُدْخِلَهَا في وَضُوئِهِ؛ فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ." [صحيح البخاري]

والمدار في نقض الوضوء على الإحساس فما دام أن الإنسان يحس بنفسه لو أحدث فإن نومه لا ينقض الوضوء وإذا كان لا يحس بنفسه لو أحدث فإن نومه ينقض والبداءة بمضمضة ثم استنشاق والأفضل أن يكون ثلاث مرات بثلاث غرفات، والمضمضة هي إدارة الماء في الفم، والاستنشاق هو جذب الماء بالنفس من الأنف والبدء بها قبل غسل الوجه أفضل وإن أخرهما بعد غسل الوجه جاز ولا تكتمل السنة إلا بالاستنشاق وبمج الماء من المضمضة والمبالغة في المضمضة والاستنشاق سنة إلا أن يكون صائماً عندئذ تكون مكروهة، والمبالغة في المضمضة تحريك الماء بقوة ويجعله يصل كل الفم والمبالغة في الاستنشاق جذب الماء بنفس قوي والمبالغة مكروهة للصائم لأنها قد تؤدي إلى ابتلاع الماء ونزوله من الأنف إلى المعدة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة " أسبغِ الوضوءَ وخلِّل بينَ الأصابعِ وبالِغْ فى الاستنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائمًا" [صحيح أبي داود للألباني] وإذا كان في الإنسان جيوب أنفيه ولو بالغ في الاستنشاق احتقن الماء بهذه الجيوب وآلمه أو فسد الماء وأدى إلى صديد أو نحو ذلك ففي هذه الحال نقول له لا تبالغ درءاً للضرر عن نفسك ، والغسلة الثانية والثالثة من السنن.

والأولى واجبة؛ لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ " [المائدة 6] ، والثانية والثالثة أكمل؛ لأنهما أبلغ في التنظيف، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً" أخرجه البخاري، وتوضأ كذلك مخالفاً، فغسل وجهه ثلاثاً ويديه مرتين ورجليه مرة .

(مسائل)

مَنْ نسي المضمضة والاستنشاق حتَّى صلى يمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء حتى لو جفَّ وضوؤه.

ومن ترك مسح أذنيه ناسياً لا يعيد الصلاة؛ لأن الأذنين من الرأس. فإن كان متعمدا فينبغي له أن يعيد الصلاة.

وخضاب اللحية البيضاء بحمرة أو صفرة سنة وخضابها بالسواد حرام على الصحيح

وإذا مات إنسان غير مختون فالصحيح أنه لا يختن لا الصغير ولا الكبير.

والأفضل أن تكون المضمضة والاستنشاق بثلاث غرفات يتمضمض من كل غرفة ويستنشق فعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ زَيْدٍ،" أنَّه أفْرَغَ مِنَ الإنَاءِ علَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ - أوْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ - مِن كَفَّةٍ واحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذلكَ ثَلَاثًا" [صحيح البخاري]

أما عن السواك هل هو باليد اليسرى أولى من اليد اليمنى

يستاك باليسرى؛ لأنه إزالة أذى، واليسرى للأذى، لكن يبدأ بالشقِّ الأيمن، ففي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :"كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ." [صحيح البخاري].فإن استاك باليمنى فالأمر فيه سعة.

والختان من آكد السنن، وهو قطع القلفة التي على رأس الذكر؛ حتى تخرج الحشفة التي هي طرف الذكر وتبرز، ، وقطعها في حال الصغر في حال الرضاع أو أول الولادة في اليوم السابع أو بعده أفضل؛ لأنه أسهل، ولا يجوز تأخير ذلك إلى أن يبلغ، بل يجب المبادرة بذلك قبل أن يبلغ.

وإذا كان المسلم بالغا عاقلا يصلي ويصوم وهو غير مختون فإذا لم يخف عليه ضرر الختان فعليه أن يختتن؛ فإن ذلك مشروع مؤكد للمسلمين باتفاق الأئمة، وقد اختتن إبراهيم الخليل عليه السلام بعد الثمانين من عمره ويرجع في الضرر إلى الأطباء الثقات، وإذا كان يضره في الصيف أخره إلى زمان الخريف .

والمرأة تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للخافضة وهي الخاتنة " لا تُنْهِكي فإن ذلك أحظَى للمرأةِ وأحبُّ إلى البعلِ. " [صحيح أبي داود للألباني]، يعني لا تبالغي في القطع.

والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال.

ومقدار أن يقعد الرجل حتى يحلق عانته لايزيد عن أربعين ليلة، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً " [صحيح مسلم]

أما عن نتف الشيب فلا يجوز؛ فقد نهى النبي عن ذلك فقال:" لا تنتِفوا الشَّيبَ ما من مسلِمٍ يشيبُ شيبةً في الإسلامِ إلَّا كانت لَهُ نورًا يومَ القيامةِ إلَّا كتبَ اللَّهُ لَهُ بِها حسنةً وحطَّ عنهُ بِها خطيئةً "[صحيح أبي داود للألباني].

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبالله التوفيق

1434/8/14 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 328سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 327سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 326سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 325سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 324سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر
 الدرس 323سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ، تهذيب د. مبارك العسكر - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني -- تهذيب الشيخ د. مبارك بن ناصر العسكر