الدرس 102: باب صفة الحج والعمرة 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 29 رجب 1434هـ | عدد الزيارات: 1774 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يؤخذ الحصى من منى وإذا أخذ حصى يوم العيد من مزدلفة فلا بأس وهي سبع يوم العيد ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو مزدلفة أو من بقية الحرم ويرمي بها ويجزئ ذلك ولا حرج فيه . أ.هــ

يبدأ برمي جمرة العقبة من حين أن يصل إلى منى لأن رمي جمرة العقبة هي تحية منى ويرمي قبل كل شيء حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى وهو على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله وينزل رحله

يأخذ الحصى كل يوم في يومه من طريقه وهو ذاهب إلى الجمرة

وحجمه بين الحمص والبندق أي أكبر من الحمص ودون البندق فإذا وصل إلى منى وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة رماها بسبع حصيات متعاقبات

ومنى اسم مكان معروف وسميت بهذا الاسم لكثرة ما يمنى فيها من الدماء أي يراق من الدماء

وحدها شرقاً وغرباً من وادي محسر إلى جمرة العقبة ووادي محسر وجمرة العقبة ليسا منها

قال العلماء حدها من الشمال والجنوب كل سفوح الجبال الكبيرة ووجوهها التي تتجه إلى منى من منى

فيرمي بسبع حصيات إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه رماها بسبع حصيات كما في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

يرمي بسبع حصيات متعاقبات أي واحدة بعد أخرى ولو وضع الحصى وضعاً لم يجزئ إذ لا بد من الرمي

ولو أنه من شدة الزحام رمى السبع جميعاً فإنه لا يجزئ إلا عن واحدة ولا بد أن تقع في الحوض سواء ضربت العمود أم لم تضربه

ويكبر مع كل حصاة أي كل ما رمى قال الله أكبر مع كل حصاة لحديث جابر الذي أخرجه مسلم والحكمة من رمي الجمرات لإقامة ذكر الله قال صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " فالحكمة إقامة ذكر الله وتعظيم الله عز وجل وتمام التعبد لأن كون الإنسان يأخذ حصى ويضرب به هذا المكان يدل على تمام انقياده إذ أن النفوس قد لا تنقاد إلى الشيء إلا بعد أن تعرف المعنى الذي من أجله شرع

وأما ما يذكر من أن الرمي هنا إنما هو لإغاظة الشيطان فإن هذا لا أصل له ولا يجزئ الرمي بغير الحصى حتى ولو كان ثميناً كجوهر وذهب ومعادن لأن المسألة تعبدية

مسألة: كسر الإسمنت إذا كان فيها حصى أجزأ الرمي بها واللجنة الدائمة تجيز إذا سقطت حصاة مع الزحام أن تأخذ من الحوض وعند رمي الجمرة لا يقف عندها للدعاء بل ينصرف إلى المنحر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم

مسألة: يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي وكانت الجمرة في ظهر جبل لاصقة به لكنه جبل ليس بالرفيع في عقبه ولهذا تسمى جمرة العقبة يصعد الناس إليها وكان تحتها واد يمشي فالنبي صلى الله عليه وسلم رمى من بطن الوادي ولم يصعد على الجبل ليرمي من فوقه وإذا رمى من بطن الوادي تكون مكة عن يساره ومنى عن يمينه وقد فعل ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة . أخرجه البخاري

وهذا إن تيسر وفي الوقت الحاضر قد يكون صعباً وهنا قاعدة نافعة "أن مراعاة ذات العبادة أولى من مراعاة مكانها" فإذا أتاها من الشمال وكان أيسر لعدم المانع من جبل أو عقبة فليكن من الشمال المهم أن ترميها من مكان يكون أيسر لك وأن تؤديها بخشوع واستحضار أنك في عبادة وتكبر الله عز وجل

ويقطع التلبية عند البدء في الرمي لأنه إذا بدأ شرع له ذكر آخر لقول الفضل بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة . أخرجه البخاري

ويرمي بعد طلوع الشمس هذا هو الأفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد طلوع الشمس لحديث جابر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى وأما بعد ذلك فبعد الزوال . أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم

ويجزئ بعد نصف ليلة النحر ثم ينحر هديا إن كان معه ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى إبلاً فمن كان أهدى إبلاً فإننا نقول له انحر ومن أهدى بقراً أو أهدى غنماً فإننا نقول له اذبح فإن لم يكن معه هدي ذهب واشترى من السوق ونحره

ويحلق أو يقصر من جميع شعره أو هنا للتخيير لكنه تخيير بين فاضل ومفضول والفاضل الحلق لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة .أخرجه البخاري

ولأن الله قدمه في الذكر قال تعالى :" لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون" ويحلق هو بيده أو يكلف من يحلقه أو يقصر من جميع شعره إلا أن التقصير لا بد أن يكون شاملاً لرأسه بحيث يظهر لمن رأه أنه مقصر لا من كل شعرة بعينها ولا من ثلاث شعرات أو أربع وتقصر منه المرأة قدر أنملة أي أنملة الأصبع أي أن المرأة تمسك ضفائر رأسها إن كان لها ضفائر أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر وتقص قدر أنملة ومقدار ذلك سنتمترات اثنان تقريباً

ثم قد حل له كل شيء إلا النساء

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الصحيح

يجوز عقد النكاح بعد التحلل الأول ويصح

فإذا رمى وحلق أو قصر حل التحلل الأول

فلا يحل التحلل الأول إلا بالرمي والحلق

والفقهاء رحمهم الله توسعوا في ذلك فقالوا إذا فعل اثنين من ثلاثة حل التحلل الأول فلو رمى وحلق أو رمى وطاف أو حلق وطاف حل التحلل الأول مع أن الذي ورد في السنة أنه يحل بالرمي مع الحلق لكنهم قالوا لما كان طواف الإفاضة مؤثراً في التحلل الثاني فليكن مؤثراً في التحلل الأول وذلك أنه إذا رمى وحلق وطاف وسعى حل التحلل الثاني إن كان متمتعاً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم

ولا يجوز تأخير الحلق أو التقصير عن شهر ذي الحجة لأنه نسك وقد قال تعالى :" الحج أشهر معلومات

والسنة إذا وصل إلى منى أن يبدأ برمي جمرة العقبة ثم نحر الهدي ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف ثم السعي فإن قدم بعضها على بعض فالصحيح أن ذلك جائز سواء كان لعذر كالجهل والنسيان أو لغير عذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في ذلك اليوم عن التقديم والتأخير فيقول افعل ولا حرج ثم يفيض إلى مكة ويفيض مأخوذ من فاض الماء أي يفيض الحجاج إلى مكة أي ينزلون من منى إلى مكة في ضحى يوم النحر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض إليها في الضحى كما في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه فنحر ثلاثاً وستين بيده وأكمل المئة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى الظهر بمكة . أخرجه مسلم

ثم يفيض إلى مكة ليطوف طواف الزيارة وأول وقته بعد نصف ليلة النحر بشرط أن يسبقه الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة فلو طاف بعد منتصف ليلة النحر ثم خرج إلى عرفة ومزدلفة فإنه لا يجزئه والدليل قوله تبارك وتعالى :" ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" سورة الحج آية 29

ولا يمكن قضاء التفث ووفاء النذر إلا بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة فمذهب الحنابلة والشافعية أن أول وقت طواف الإفاضة بعد منتصف ليلة النحر وهو الصحيح ويسن طواف الزيارة في يوم العيد إتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه طاف في يوم العيد لحديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم

ولا يجوز تأخيره عن شهر ذي الحجة إلا إذا كان هناك عذر كمرض لا يستطيع معه الطواف لا ماشياً ولا محمولاً أو امرأة نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة فهنا ستبقى لمدة شهر أو أكثر

ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً والمتمتع هو الذي أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم حل منها وأحرم بالحج من عامه

فيلزمه طوافان وسعيان طواف للعمرة وطواف للحج وسعي للعمرة وسعي للحج فأما غير المتمتع وهو المفرد أوالقارن إذا لم يكن سعى مع طواف القدوم فيسعى وإلا فلا يعيد لقول جابر رضي الله عنه لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بالصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول " أخرجه مسلم

وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه سعوا بعد طواف القدوم

والقارن والمفرد يجوز لهما أن يقدما سعي الحج بعد طواف القدوم ويجوز أن يؤخراه وكل هذا جائز ولكن الأفضل والله أعلم أن يقدم بعد طواف القدوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه

فإذا رمى جمرة العقبة ثم حلق حل التحلل الأول وحل له كل شيء إلا النساء فيمكن للرجل إذا كان أهله معه أن يستمتع بأهله

ثم يشرب من ماء زمزم لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما طاف طواف الإفاضة شرب من ماء زمزم وينويه لما أحب فإذا كان مريضاَ وشرب من أجل أن يذهب مرضه فليفعل وإذا كان عطشان وشرب لأجل الري فليفعل وإذا كان كثير النسيان فشرب ليقوي حفظه فليفعل

وقد فعل ذلك بعض المحدثين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ماء زمزم لما شرب له " والحديث حسن حيث له شاهد عن ابن عباس

ويتضلع منه أي يملأ بطنه حتى يمتلئ ما بين أضلاعه لأن هذا الماء خير ويدعوا بما ورد أي إذا شرب من ماء زمزم دعا بما ورد، وله أن يقول: بسم الله اللهم اجعل لي به علماً نافعاً ورزقاً واسعاً ورياً وشبعاً وشفاء من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-7 -28

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 120 الجزء الثالث ‌‌حكم الإسلام في إحياء الآثار - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة