الدرس 93: باب الفدية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 11 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1653 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الفدية : ما يعطى فداءً لشيء ومنه فدية الأسير في الحرب حيث يعطينا شيئاً ثم نفكه وسميت فدية لقوله تعالى :" ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " سور البقرة آية 196

ومحظورات الإحرام من حيث الفدية تنقسم إلى أربعة أقسام

أولاً: ما لا فدية فيه وهو عقد النكاح

ثانياً: ما فديته مغلظة وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول

ثالثاً: ما فديته الجزاء أو بدله وهو قتل الصيد

رابعاً: ما فديته فدية أذى وهو بقية المحظورات

وفدية الأذى إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صيام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة أو ذبح شاة تذبح وتوزع على الفقراء مأخوذة من قوله تعالى :" فمن كان منكم مريضاَ أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو سدقة أو نسك " سورة البقرة 196

فمن حلق شعر رأسه أو قلم أظافره أو غطى رأسه أو تطيب وهو محرم فإنه يخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة

ودليل هذه الفدية من حيث الجملة قوله تعالى :" فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " إذاً أربعة محظورات فديتها فدية أذى

الحلق بالنص والباقي بالقياس

والصيد نوعان

نوع له مثل من النعم فهذا جزاءه مثله يقول الله تبارك وتعالى :" ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك .... " سورة المائدة آية 95

والمثل هذا يذبحه ويتصدق به على فقراء الحرم لقوله تعالى :" هدياً بالغ الكعبة " أي تقويمه بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم كل مسكين مداً أو يصوم عن كل مد يوما

مثال ذلك الحمامة مثلها شاة فالشاة جزاء الحمامة لقوله تعالى :" فجزاء مثل ما قتل من النعم " سورة المائدة آية 95

والمشابهة بينهما في شرب الماء " سبحان الله الشاة تعب الماء عبا

والحمامة تعبه عبا كمص الصبي للثدي يمصه مرة واحدة

والدجاجة إذا ملأت منقارها رفعت رأسها لكن الحمامة إذا وضعت منقارها في الماء لا ترفع رأسها حتى تروى وكذلك الشاة

فهذا رجل محرم قتل حمامة نقول أنت بالخيار أذبح شاة وتصدق بها على فقراء الحرم أو قوم الشاة بدراهم وأخرج بدل الدراهم طعاماً ولا يخرج الدراهم لأنه قال "أو كفارة طعام مساكين" فإذا قدرنا الشاة بمائتي ريال وقدرنا الطعام كل صاع بريال فتكون مائتي صاع يساوي ثمانمائة مد فنقول إن شئت أخرج الطعام وإن شئت أعدل عن الطعام وصم ثمانمائة يوم لأنه عن كل مد يوم فسيختار إما الشاة وإما الإطعام لأن الصيام سيكون شاقاً

ومن الذي يقدر المثل ؟

الجواب : قال تعالى :" يحكم به ذوا عدل منكم " ونص الآية :" يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام" سورة المائدة 95

يحكم بالمثل ذوا عدل منكم فالواحد لا يكفي فلا بد من اثنين

أما من قتل صيد لا مثل له فإنه يخير بين إطعام أو صيام وتسقط المماثلة فإما أن يشتري بقيمته طعاماً يطعمه الفقراء وإما أن يصوم عن كل مسكين يوماً

مثاله الجراد صيد لا مثل له فإذا قتل المحرم جراداً فعليه إما قيمته يشتري بها طعاماً يطعم كل مسكين مداً وإما يصوم عن كل مد يوم علماً بأن قيمة الجرادة تمرة

وأما دم متعة وقرآن فيجب الهدي فإن عدمه فصيام ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله

على سبيل الترتيب وليس على سبيل التخيير ودليل ذلك قوله تعالى :" فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم

وإذا كان غير قادر على الهدي ولا على الصيام سقط عنه لأن الله لم يذكر إلا الهدي والصيام فقط

فالهدي يجب على المتمتع والقارن مع أن القارن فعله كفعل المفرد تماماً ليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد وطواف الإفاضة والسعي وأما طواف القدوم بالنسبة للقارن فهو سنة وليس بواجب وهذا رأي الجمهور

ويجوز صيام الثلاثة أيام التي في الحج لمن لم يسق الهدي في أيام التشريق لقول عائشة وابن عمر رضي الله عنهم :" لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي . أخرجه البخاري

فظاهر هذا النص أن الصحابة كانوا يصومونها في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر

ويجب في هذه الحال أن تكون متتابعة لأنه لم يبق من أيام الحج إلا ثلاثة ولا يجوز أن تؤخر عن أيام التشريق

أما إذا صامها قبل أيام التشريق فيجوز أن يصومها متفرقة ومتتابعة أما صيام السادس من ذي الحجة والسابع والثامن فهذه رواية عن مالك ومذهب الشافعية واختاره الشيخ ابن باز رحمه الله وذلك من حيث الفضل

وإذا احصر الإنسان ومنع من دخول مكة فعليه ما استيسر من الهدي يذبحه عند الإحصار وفي مكان الإحصار ودليل ذك قوله تعالى : فإن احصرتم فما استيسر من الهدي

وقد ساق النبي صلى الله عليه وسلم الهدي معه في عمرة الحديبية . أخرجه البخاري

ولكن منعه المشركون أنفة وحمية جاهلية أن يدخل مكة وهو أولى بها منهم قال تعالى :" وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون " سورة الأنفال آية 34

مع وجوب حلق الرأس لأن السنة دلت على وجوب الحلق لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يحلقوا فتمنعوا رجاء ألا ينفذ النبي صلى الله عليه وسلم الصلح الذي جرى بينه وبين قريش

لأن ظاهره الغضاضة على المسلمين إذ من جملة الشروط أن من جاء منهم مسلماً وجب على المسلمين رده ومن ذهب من المسلمين إليهم لم يجب عليهم رده ولهذا عارض من عارض من الصحابة ومن جملتهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدخل الرسول صلى الله عليه وسلم على أم سلمة رضي الله عنها وكانت امرأة عاقلة فوجدته متغيراً قالت ما الذي غيرك ؟ قال آمرهم ولم يفعلوا قالت أتريد أن يفعلوا ؟ قال نعم قالت اخرج ودع الحلاق واحلق ولا تكلم أحد فخرج ودعا بالحلاق وحلق رأسه فكاد يقتل بعضهم بعضاً على الحلق . انظر إلى الإقتداء بالفعل أعظم من الإقتداء بالقول ، ففي هذا الحديث دليل على وجوب الحلق

والمحصر يلزمه الهدي إن قدر وإلا فلا شيء عليه أي من منع من دخول مكة وهو محرم

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-6 -11

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة