الدرس 94: باب الفدية 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 12 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 1608 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الجماع بعد التحلل الأول يوجب شاة وإن طاوعة الزوجة زوجها على الجماع في الحج أو في العمرة فعليها شاة في الحج وشاة في العمرة

وإن أكرهها لا يلزمها ذلك

والمذهب لا فدية على مكرهة لقوله تعالى :" وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم " سورة الأحزاب آية 185 ، وقوله تعالى :" من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم " سورة النحل آية 106

ولا يفسد حجها لأنها مكرهة

وعلى كل محظور فدية

فلو لبس وغطى رأسه ففديتان لأن تغطية الرأس من جنس واللبس من جنس آخر

وإذا غطى رأسه بغير ما يلبس عادة ولبس القميص فإننا نعتبرهما شيئين لأنهما جنسان

وإذا قلم ظفر يد وظفر رجل فشيء واحد

وإن تعدد المحل كما لو لبس خفين وسراويل وقميصاً فإنها شيء واحد وكما لو طيب يده ورأسه وصدره فإنه شيء واحد أي إن تعدد المحل لا يؤثر شيئاً ما دام الجنس واحداً وهذا كله بخلاف الصيد فإنه يتعدد بعدده ولو برمية واحدة فإذا رمى رمية واحدة وأصاب خمس حمامات فإن عليه خمس فدى فلا يقال إن الفعل واحد والمحظور واحد لأن الله اشترط في جزاء الصيد أن يكون مثله والمماثلة تشبه الكمية والكيفية فلو قدرنا أنه فدى بشاة واحدة عن خمس لم يكن فدى بمثلها وهذا وجه استثناء الصيد

ومن فعل محظوراً من أجناس فدى لكل مرة

مثاله: أن يلبس القميص ويطيب رأسه ويحلق ويقلم، هذه أربعة أجناس فعلية أربع فدى

ولا يمكن الخروج من النسك إلا بواحد من ثلاثة أمور وهي

أولاً: إتمام النسك

ثانياً: التحلل إن شرط

ثالثاً: الحصر

ومثل النسيان الجهل والإكراه أي لو أن الإنسان نسى فلبس ثوباً وهو محرم فليس عليه شيء ولكن عليه متى ذكر أن يخلعه ويلبس الإزار والرداء وكذلك الطيب فلو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه لكن عليه إذا ذكر أن يبادر بغسله وفي حال غسله إياه لا شيء عليه

والدليل على سقوط هذه الأشياء قوله تعالى :" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال الله قد فعلت . أخرجه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما

فالمعذور بجهل أو نسيان أو إكراه لا يترتب على فعله شيء إطلاقاً لا في الجماع ولا في الصيد ولا في التقليم ولا في لبس المخيط ولا في أي شيء من محظورات الحج

وهكذا في جميع المحظورات في العبادات لا يترتب عليها الحكم إذا كانت مع الجهل أو النسسيان أو الإكراه لعموم النصوص ولأن الجزاء أو الفدية أو الكفارة إنما شرعت لفداء النفس من المخالفة أو للتكفير عن الذنب والجاهل أو الناس لم يتعمد المخالفة ولهذا لو كان ذاكراً لم يفعل

فالشرب في رمضان نسياناً ليس فيه قضاء

والدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه

فمن لم يتعمد المخالفة فليس عاصياً ولا فدية عليه

لذا عدي بن حاتم رضي الله عنه لما أراد الصيام جعل عقالين أبيض وأسود لقوله تعالى :" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل

وكانوا يأخذون الأحكام من القرآن مباشرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن وسادك لعريض إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك " متفق عليه

فلم يأمره بالإعادة للجهل بالحكم وكذلك أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أخبرت أنهم أفطروا في يوم غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم بالقضاء لجهلهم بالحال

وكذلك في الصلاة والدليل أن معاوية بن الحكم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فعطس رجل فقال الحمد لله قال يرحمك الله وهو يصلي فرماه الناس بأبصارهم أي نظروا إليه منكرين فقال رضي الله عنه واثكل أمياه فزاد الكلام كلاماً آخر فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت فلم سلم دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم قال معاوية بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً أحسن تعليماً منه وقال صلى الله عليه وسلم إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ولم يأمره بالإعادة لأنه جاهل

وهذا من آلاف النصوص الداخلة تحت قوله تعالى :" كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم" وقوله في الحديث القدسي: سبقت رحمتي غضبي . أخرجه البخاري

والهدي الواجب لفعل محظور غير الصيد يجوز أن يكون في الحرم وأن يكون في محل فعل المحظور

ودليل جوازه في محل المحظور: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر كعب بن عجرة أن يفدي بشاة في محل فع المحظور . متفق عليه ، وذلك حين أذاه هوام رأسه ودم الإحصار حيث وجد الإحصار ولكن لو أراد أن ينقله إلى الحرم فلا بأس

وفدية الأذى هي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صيام ثلاثة أيام لقوله تعالى :" ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " وسميت فدية أذى لقوله تعالى :" فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه " وفدية الأذى واللبس كفدية الطيب وتغطية الرأس وما أشبه ذلك

وفدية الأذى بالتخيير وليس بالترتيب له الصيام أو الصدقة أو النسك

إيضاح: الفرق بين الركن والواجب والمحظورات في الحج أن الركن أو الواجب لا يسقط بالجهل أو النسيان أما المحظورات فتسقط بالجهل أو النسيان

مثال ذلك: نسي الوقوف بعرفة وهو ركن نقول فسد حجه ولو كان ناسياً أو جاهلاً وكذلك ترك المبيت بمزدلفة جاهلاً أو ناسياً فعليه فدية أما المحظورات مثل تغطية الرأس جهلاً أو نسياناً فلا شيء عليه

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-6 -12

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة